بعد إجراء الامتحانات الوطنية تأتي فترة مهمة في حياة الممتحنين والمصححين هي مرحلة التقييم. وتتصف هذه العملية بالنزاهة والحرص على الإنجاز بالدقة والموضوعية المطلوبتين. وفي هذا المقال نشير إلى التمشيات المعتمدة في عملية التقييم (التصحيح) حتى يكون سليما. التقييم وعلم الديسيمولوجيا علم الديسيمولوجيا (وهو العلم الذي يبحث في الامتحانات)، هو مبحث تربوي ظهر في الربع الأول من القرن الماضي وركز مؤسساه»هنري بييرون» و»هنري لوجيي»على دراسة قضايا التقييم التحصيلي أو الجزائي الفردي في الامتحانات من حيث أدوات التقييم ونماذج الاختبارات المطروحة ومدى ارتباطها بالأهداف التربوية المزمع تحقيقها. وتطورت بحوثهما فيما بعد لتتناول عيوب الطرق المعتمدة في إسناد الأعداد بالنسبة للتقييم الفردي. واستنتج رواد هذا المبحث أن طرق التقييم الفردي ( شخص واحد يقيم ) للامتحانات الاشهادية محتاجة إلى مزيد التطوير في عديد الحالات ودرسوا كيفية تطوير المعدل الحسابي الذي يعتمد في الامتحانات باعتباره الوسيلة الوحيدة لمقارنة تحصيل متعلم بآخرين في أي مرحلة من مراحل التعليم قصد ترتيبهم واتخاذ قرار النجاح أو الفشل الذي يخصهم. وضمن تلك البحوث درسوا مدى تدخل ذاتية المصحح ومرجعياته في التقييم. وقام الباحثون في الديسيمولوجيا أيضا بتجارب مختلفة من بينها تجربة تهدف إلى دراسة مدى تطابق الأعداد التي يسندها مجموعة من المصححين ينتمون إلى نفس المادة عندما يصححون ورقة امتحان واحدة كل على حده. التمشيات وتواصلت الدراسات والبحوث في النصف الثاني من القرن الماضي وتبين أن تصحيح الامتحانات وخاصة الاشهادية في آخر المرحلة التعليمية يحتاج إلى عمل جماعي. لذلك اعتمدت المنظومات التربوية المختلفة في تقاييمها الاشهادية عديد التمشيات حتى يستجيب التصحيح للدقة المطلوبة. من بين تلك التمشيات أن يتم إعداد مقاييس التقييم لأي امتحان ولأي مادة بصورة جماعية يتكفل بها أعضاء لجنة المصححين مما يوحد الرؤى ويجعل المصحح يتأقلم مع الموضوع المطروح وأجوبته المختلفة المطلوبة. ومن بين تلك التمشيات أيضا اعتماد التصحيح المزدوج بحيث يصحح الورقة الواحدة مصححان يقوم كل واحد منهما بتصحيح مجموعة الأوراق المكلف بتصحيحها ويسند لها أعدادا لكن لا تثبت على الأوراق بل يحتفظ بالعدد عنده ثم يتبادل التصحيح مع زميل له وعندما يكملان التصحيح يلتقيان لوضع الأعداد النهائية لتلك الأوراق. وعندما يلاحظان أن هناك فرقا بين العددين المسندين لورقة واحدة فإنه يتم إما اعتماد المعدل الحسابي بينهما بشروط محددة في اللجنة، وإذا كان الفرق مهما يتقرر في لجنة الامتحان إما تصحيح ثالث للورقتين أو لإحداهما أو تصحيح جماعي للوصول في النهاية إلى تصحيح يسند للممتحن العدد الذي يستحق. وهكذا يكون التقييم دقيقا وعادلا. لذلك من الصعب إن لم نقل من المستحيل أن يحصل ممتحن على عدد لا تستحقه الإجابات التي قدمها في ورقة الامتحان بفضل مثل هذا التمشي وغيره من وسائل التحقق والمراجعة والمتابعة المعتمدة في التصحيح. * باحث وخبير تربوي