تزخر ولايات الشمال الغربي (باجة،جندوبة،سليانةوالكاف) بثروة غابية هامة تقدر بآلاف الهكتارات وتتمثل أساسا في أشجار الفلين والزان والصنوبر الحلبي والغابات الشعراء. وراهنت الدولة منذ فجر الاستقلال على هذه الثروة واستغلالها على مدار السنة بطرق قانونية ما جعلها تدر على المجموعة عائدات مالية هامة الى جانب مساهمتها الفعالة في خلق مواطن شغل واستقرار خاصة سكان الأرياف والمحافظة عليها باعتبار وأن هذه الثروة تمثل مورد رزق لهم. إلا أن غابات اقليم الشمال الغربي تتعرض منذ اندلاع الثورة الى انتهاكات متواصلة حولت العديد من المساحات الغابية الى مناطق قاحلة أثارت استياء العديد من الجمعيات الناشطة في المجال البيئي ومختلف مكونات المجتمع المدني فبعد حرائق السنة الفارطة والتي أتت على مئات الهكتارات جاء الدور على عمليات سرقة الحطب بعد قطع العشرات من الأشجار. اذ تمكن اعوان ومعيني دائرة الغابات بالكاف مطلع هذا الأسبوع بالتنسيق مع اقليم الحرس الوطني من حجز كميات كبيرة من الحطب التي تم قطعها وسرقتها خلال شهر رمضان من غابات الكاف لتحويلها الى فحم بمنطقة شركة الصابون بالدهماني. وذكر رئيس الدائرة الفرعية للغابات ببوسالم من ولاية جندوبة لطفي حمايدي، بشان عملية قطع اشجار السرو بالمنطقة السقوية "عسيلة" من معتمدية بلطة بوعوان أن عدد الاشجار التي قطعت في الجهة منذ شهر تقريبا بلغت نحو 500 شجرة. مشيرا إلى ان توسّع عملية الاعتداء قد طالت مناطق مجاورة على غرار "السمران" و "البراهمي" و "بولعابة". وأضاف أن عمليات القطع تتمّ في ساعات الفجر الاولى من ذات المجموعة التي سبق وان اعتدت مرارا على الاشجار حسب ما توفّر لدى مصالح الدائرة من معلومات وخاصة ليلتي السبت والأحد وان مراقبة دائرة الغابات تقتصر على النهار وأيام العمل مسجّلا في ذات الوقت غياب حراس ليليين قادرين على الحدّ من عمليات القطع والسرقة التي تطال الاشجار وإيقاف نزيف الاعتداء. بدوره أكّد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية في جندوبة محمد الغريسي أن مصالح وزارة الفلاحة حجزت شاحنة ثقيلة مؤخرا وفتحت بحثا في الموضوع متعهّدا بأنها ستتخذ أقصى العقوبات لردع المعتدين. وكانت مصالح الغابات قد انطلقت في رفع الكميات المخزّنة في المسالك الفلاحية وإيداعها احدى المستودعات الخاصة بتخزين الخشب. وفي ولاية باجة تم قطع بعض الأشجار وسط احدى المدن لاستغلالها في الصناعات التقليدية وإزاحتها من احدى الشوارع بعد أن كانت تضفي على المكان مسحة جمالية. ويقع بيع كميات الحطب التي يتم قصها الى المصانع بطرق غير قانونية وتنشط العديد من العصابات في هذا المجال بعد رصدها مكان انتشار الحراس وزمن مغادرة أماكن عملهم، وتفاقمت الظاهرة خاصة خلال شهر رمضان المعظم اذ يتم نقل كميات الحطب مع موعد الآذان وتتم عملية القص مع الساعات الأولى للفجر وتسعى بعض الأطراف للربح من خلال عمليات البيع غير القانونية والتي أضرت كثيرا بالثروة الغابية في ظل الحصار المضروب على التزود العشوائي بالحطب بالنسبة لبعض الورشات الى جانب سعي بعض التجار لتحويل كميات الحطب المسروق الى فحم خاصة مع قرب عيد الاضحى وبيعه بأثمان مرتفعة. التصدي للحفاظ على الثروة الغابية بإقليم الشمال الغربي تبقى مسؤولية الجميع وعلى المندوبيات الجهوية للفلاحة مزيد انتداب حراس ظرفيين خاصة خلال فصل الصيف لليقظة والتصدي لظاهرة الحرائق والقص العشوائي للأشجار، فالمتجول ببعض الأماكن بهذه الولايات يلحظ جيدا كيف تحولت مساحات غابية شاسعة الى أماكن جرداء يسهل التنقل فيها وعلى سلطة الاشراف حماية رئة تونس من خلال خطة وطنية تساهم فيها مختلف الأطراف المتدخلة وتسليط أشد العقوبات على كل من يسعى لتدمير هذه الثروة بتعلة التصدي لآفة الارهاب.