يبدو أن الصراع بين الحكومة والمركزية النقابية سيشهد فصلا جديدا من الاحتدام خلال الأيام القليلة القادمة، خاصة وأن عددا من الملفات لم تعرف بعد طريقها إلى التسوية أبرزها مفاوضات الزيادات في الاجور، وملف الصناديق الاجتماعية وجرايات المتقاعدين، أضيفت اليها ليلة اول امس الزيادات في أسعار المحروقات التي يبدو انها ستكون القطرة التي ستفيض كأس الخلافات بين الاتحاد وحكومة الوحدة الوطنية، خلافات لم تعد خافية في ظل تمسك المنظمة الشغيلة برحيل الشاهد وفريقه من القصبة. ويأتي احتدام الصراع بعد تعطل مسار وثيقة قرطاج، تعطل دفع الاتحاد الى التوجه نحو تحريك قواعده وهياكله في اتجاه الضغط على الحكومة ووضعها في الزاوية وإجبارها على ترك المكان عاجلا غير آجل، توجه أكده البيان الأخير لمجمع الوظيفة العمومية الذي حمل مسؤولية ما اعتبره تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للطرف الحكومي واتهمه بعرقلة مسار مفاوضات الزيادة في الاجور والمضي في تطبيق سياسات لا شعبية زادت من تأزيم الأزمة، ورفضه القطعي لقرارات المجلس الوزاري الأخير المتعلقة بالصناديق الاجتماعية وتفويض الهيئة الإدارية الوطنية اتخاذ ما وصفه بالقرارات»النضالية»ردا على الموقف الحكومي «المتصلب»، كما أعلنت نقابة المتقاعدين التابعة لاتحاد الشغل الدخول في اعتصام مفتوح بداية من يوم27 جوان الجاري احتجاجا على عدم صرف الزيادات، من جهتها لوحت الجامعة العامة للتعليم العالي باتخاذ الخطوات التصعيدية ضد ما اعتبرته استهتار وزارة التعليم العالي في علاقة بملف المفاوضات الاجتماعية وإعلانها مقاطعة الوزير ورفع قضية ضده. تصعيد المركزية النقابية تزامن مع قرار حكومي بالترفيع في أسعار الوقود وهو ما من شانه ان يزيد في تعقيد موقف يوسف الشاهد، وفي هذا السياق اكد الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل محمد على البوغديري ل«الصباح» ان الرفع من أسعار المحروقات هو حلقة جديدة في سلسلة ضرب الاقتصاد الوطني، وأضاف أن هذا الاجراء يأتي بعد دفع الدينار إلى الانهيار وبعد زيادة نسبة الفائدة وغيرها من الإجراءات الليبيرالية التي لا تخدم إلا الرأسمال الأجنبي وتكبل التصدير وتغرق المؤسسات في العجز وتفضي إلى غلقها وتفكيكها وفقدان مواطن الشغل، واعتبر أن هذه الزيادة امعان من الحكومة في دفع القدرة الشرائية للمواطن الى التدهور والتهرؤ ووسيلة التفاف لامتصاص الزيادات في الأجور وإفراغها من كلّ محتوى، مشيرا الى ان هذا القرار دليل على تخبط الحكومة وعدم قدرتها على إيجاد الحلول الجذرية لجملة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العالقة، وفق قوله. أما فيما يتعلق بتعطل المفاوضات الاجتماعية، فقد اكد البوغديري، أن الاتحاد كان قد وضع خطة متكاملة لضمان حسن سير المفاوضات، لكن الحكومة خيرت انتهاج سياسة المماطلة والتسويف وسعت في اتجاه تشتيت الجهود الرامية إلى التوصل لحلول واقعية تتماشى مع الوضع العام في البلاد وتراعي مصلحة المواطن والأجير بالدرجة الأولى الذي مازال يتحمل أعباء التدهور الاقتصادي، مشيرا الى المركزية النقابية لن تقف مكتوفة اليدين ازاء كل هذه التطورات الخطيرة، مشددا على عدم قبول تجزئة الملفات الاجتماعية سواء في التعليم أو الصحة وفي غيرها من القطاعات في ظل سعي حكومي نحو ضرب التحركات الاجتماعية، وشيطنة مطالب الموظفين والعمال، تحت غطاء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ مدة، على حد وصفه. مشاكل بالجملة واحتقان باتت تنذر بمواجهة ساخنة خلال الأيام القليلة القادمة مفتوحة على كل الاحتمالات وسط تصلب في مواقف الطرفين، وانسداد أفق الحوار..فهل يصمد الشاهد ويواصل السير فوق كثبان الرمال المتحركة، ام ستجبره تحركات الشغالين المحتملة على مغادرة القصبة؟؟؟