في انتظار استكمال ما تبقى من الامتحانات الوطنية، تكون السنة الدراسية قد انقضت بكل التقلبات والاضطرابات التي شهدتها نتيجة الصراع بين الطرف النقابي ووزارة التربية، وقبل شهرين من انطلاق العام الدراسي الجديد، مازالت العديد من الملفات عالقة بين الطرفين وذلك رغم انتهاء الأزمة العاصفة التي كادت تنسف السنة الدراسية، التي شهدت الكثير من التشنج والتجاذبات وتوقف للدروس في العديد من المناسبات بسبب الاضرابات والوقفات الاحتجاجية، ويذكر ان النقابة العامة للتعليم الثانوي كانت قد أكدت انها ستواصل التحركات الاحتجاجية مع انطلاق الموسم الدراسي 2019/2018 دفاعا على ما تعتبره حقوقا مشروعة للمدرسين. ووصف الكاتب العام المساعد لنقابة الثانوي فخري الصميطي في تصريح ل«الصباح» السنة الدراسية الحالية بالأسوإ على امتداد تاريخ التعليم في تونس بسبب النقص الكبير في عدد الاساتذة والذي وصل إلى حدود 1700 مدرس، مشيرا في سياق متصل الى تواصل تردي الوضع التربوي العام من حيث نقص الاطار التربوي، وتزايد الاكتظاظ داخل الأقسام وتدهور البنية التحتية للمؤسسات التربوية، اضافة الى استفحال ظاهرة العنف الممنهج المسلط على المربين، مؤكدا على ان العديد من النقاط مازالت تنتظر حلولا، خاصة ان تعليق الاحتجاجات جاء مراعاة للوضع التربوي وتأكيدا من الطرف النقابي على حسن نواياه وسعيه لانجاح العام الدراسي الذي سعت سلطة الإشراف الى إفشاله، مشددا على التمسك بتسوية الوضعية المهنية للأساتذة اضافة الى تغطية النقص الكبير في الاساتذة بالمدارس الإعدادية والثانوية ولن نسمح أن تنطلق السنة الدراسية دون سدّ الشغور بالمئات من المدارس الاعدادية والمعاهد لان النتائج كانت كارثية بسبب النقص في المدرسين الذي انعكس سلبا على مستوى التلاميذ، علما وان اشكالية تسوية وضعية المعلمين والأساتذة النواب مرتبطة بتوجهات الحكومة وتوصيات صندوق النقد الدولي التي فرضت إيقاف الانتدابات في إطار ما يعرف بسياسة التقشف والتحكم في ميزانية الدولة، وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد طالب الحكومة بفتح باب الانتدابات بصفة استثنائية، اضافة الى الملفات القديمة الجديدة على غرار البنية التحتية المتهرئة للعديد من المؤسسات التعليمية والتي تستوجب التدخل العاجل، وما على الحكومة الا توفير الظروف الملائمة للسنة الدراسية المقبلة اذا ارادت إنجاحها، والا فان كارثة تربوية ستكون في انتظارنا جميعا، وفق تعبيره. كما شدد الصميطي على تشبث الطرف النقابي بالتخفيض في سن التقاعد الى 55 سنة مع اقدمية 30 سنة عمل والتنفيل ب5 سنوات على ان يكون اختياريا، مقابل رفض مقترح قانون رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، لأن المضي في ترفيع سن التقاعد سيكون التفافا نهائيا على مطلب التقاعد الاختياري عند بلوغ سن ال55، كما سيجهض هذا القرار ما نص عليه البند العاشر من اتفاقية 21 أكتوبر 2011 الذي يصنف مهنة التدريس في التعليم الثانوي والاعدادي مهنة شاقة، على حد تعبيره. يذكر أن السنة الدراسية الحالية كانت قد عرفت منعرجات خطيرة بسبب الصراع بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي التي قامت بحجب الأعداد عن الإدارات والمعاهد والمدارس الإعدادية ثم تعليق الدروس لمدة أسبوع في مرحلة ثانية، خطوات واجهتها سلطة الإشراف بالتلويح بالاقتطاع من اجور الاساتذة المضربين مما زاد في تعقيد الأزمة وهو ما تطلب تدخل الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الحكومة لوضع حد للمأزق الذي كاد ان يؤدي بالعام الدراسي الى كارثة غير مسبوقة في تاريخ التعليم في بلادنا، وفي خضم عدم الاستقرار السياسي الحالي والمواجهة بين المركزية النقابية والحكومة، يبقى مصير السنة الدراسية المقبلة رهين مآلات هذا الصراع.