واهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو إذا اعتقدا أنه من خلال فرض العزلة على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والتعهد للفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب بتحسين ظروفهم الحياتية عبر إيجاد التمويلات اللازمة لبعث سلسلة من المشروعات الاقتصادية وإعادة إعمار مناطقهم سيتسنى لهما تمرير ما اصطلحا على تسميتها ب»صفقة القرن». نقول هذا ليس من باب المبالغة في التعاطف مع الشعب الفلسطيني الأبي والمناضل.. هذا الشعب الذي قدم على امتداد تاريخه الحافل بأعمال المقاومة أروع صور التضحية والصبر مما قدمه أي شعب آخر على أرض المعمورة في سبيل استعادة حقوقه المغتصبة من المحتل الإسرائيلي العنصري والمجرم، بل من واقع معرفتنا للعقلية الجمعية التي يتشارك فيها جميع الفلسطينيين مهما اختلفت رؤاهم ووجهات نظرهم السياسية، والاستراتيجيات التي يتبنونها لبلوغ الهدف الأسمى: التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فالفلسطينيون – وهو ما ينبغي أن يدركه الرئيس ترامب والمجرم ناتنياهو - لم يولدوا اليوم حتى تستطيعان الضحك على ذقونهم وإقناعهم بالتخلي عن الحلم الذي دفعوا من أجله ثمنا باهظا يتمثل في ملايين الشهداء والجرحى واللاجئين في الدول العربية الشقيقة وفي شتى أنحاء العالم، مقابل حفنة من الدولارات واليوروات والشيقلات. أوليس هذا هو مضمون الصفقة التي تروجان لها والتي تسعيان من خلالها إلى منح الفلسطينيين، أصحاب الأرض الشرعيين، سيادة منقوصة على الجزء الأكثر فقرا وتدميرا والأقل فرص تنمية وازدهار من وطنهم مقابل احتفاظ الكيان الإسرائيلي الغاصب والمجرم بالسيطرة والسيادة على كل القدس بشطريها الغربي والشرقي والذي يشمل المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الخرمين الشريفين، وأغلب مناطق الضفة الغربية، والتي لن تشهد أي إزالة للمستوطنات اليهودية التي أقيمت فيها خلافا لقوانين وقرارات الشرعية الدولية؟ إن صفقتكما التي وضعتما لها عنوانا ظاهريا هو إرساء سلام دائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فيما عنوانها الباطن استسلام الفلسطينيين عبر قبولهم مقايضة قضيتهم الوطنية المعترف دوليا بعدالتها وشرعيتها، بحياة أفضل وأكثر رغدا ضمن حدود متحكم فيها إسرائيليا، لن تجد لا اليوم ولا غدا من يقبل بها ويزكيها فلسطينيا حتى لو نجحتما في إخراج الرئيس محمود عباس من السلطة، والسبب بسيط وهو وجود قناعة راسخة لدى جميع الفلسطينيين بأن التخلي عن الثوابت بمثابة الخيانة العظمى لكل الدماء التي سالت في سبيل التحرر والانعتاق بمعزل عن الاختلافات حول الاستراتيجيات والتفاصيل. ولتعلما أنه من دون الفلسطينيين – الطرف الرئيسي في المعادلة – سيكون مصير هذه الصفقة كما المحاولات السابقة للدوس على حقوقهم الوطنية، الفشل وأدراج النسيان.