انتهت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة أمس بقصر باردو بسرعة دون أن تستكمل جدول أعمالها، إذ لم يقع التصويت على فصول مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الانسان، ولم تقع المصادقة على الصيغة المعدلة للفصول المطعون في دستوريتها والواردة بمشروع القانون الاساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة. ونظرا لارتباط مشروع القانون الاول بمشروع القانون الثاني وأمام غياب التوافق على الصيغة المعدلة للفصول موضوع الطعن بعدم الدستورية طلب رئيس لجنة التشريع العام الطيب المدني ورئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية نوفل الجمالي ارجاء النظر في المشروعين. ولدى حديثه عن مشروع قانون هيئة حقوق الانسان بين مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان أن هذا المشروع يندرج في اطار تفعيل أحكام الدستور الذي أقر وجود خمس هيئات دستورية تعمل على دعم الديمقراطية وهي تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الادارية والمالية وتنتخب بأغلبية معززة وترفع سنويا تقريرا حول أعمالها لمجلس نواب الشعب. كما نص الدستور على ان تكون تركيبتها ونظامها الاساسي بقانون. وذكر الوزير ان هيئة حقوق الانسان وبناء على ما ورد في مشروع القانون المتعلق بها تراقب احترام حقوق الانسان وتعمل على تعزيزها وتقترح ما تراه ناجعا لحماية حقوق الانسان، وبين أن هيئة حقوق الانسان الحالية محدثة بقانون 2008 وهو لا يستجيب لأحكام الدستور خاصة ما تعلق بالاستقلالية كما انها لا تتناسب مع معايير باريس المتعلقة بهيئات حقوق الانسان وهي معايير دولية، وذكر انه يعتقد ان ارتباط الهيئة بالسلطة التنفيذية وتصنيفها حاليا ضمن الصنف ب لا يمكنها من تحقيق أهداف حماية حقوق الانسان. ولكل هذه الأسباب أعدت الوزارة على حد قول بن غربية مشروع قانون يضمن مهاما أساسية للهيئة من رصد للانتهاكات ومراقبة لأعمال حقوق الانسان وتطبيق الدولة لالتزاماتها الدولية واعداد تقارير وابداء الرأي الوجوبي سواء في مشاريع القوانين أو في التراتيب العمومية أو في كل السياسات العمومية ثم انها تتلقى اشعارات مقدمي الشكاوى وتحيل ملفاتهم الى الجهات المختصة وتتتبع آل هذه الشكاوى اضافة الى تكريس ثقافة حقوق الانسان في المنظومة التربوية وكل السياسات القطاعية. وذكر الوزير أنه تم الحرص على أن تكون الهيئة مصنفة ضمن الصنف «أ» وهذا فيه ضمانة حقيقية في مجال تكريس حقوق الانسان. وفسر للنواب انه تم الانطلاق عند اعداد مشروع القانون من فلسفة الدستور فالهيئة بمقتضاه هي جزء من الدولة وإن كانت مستقلة عن بقية السلط فهي ليست خارجة عن الدولة كما تم الحرص في المشروع على ان تكون لها فعالية ونجاعة في ضمان احترام حقوق الانسان وتطوريها وان يكون عملها في اطار تشاركي مع الحكومة والمجتمع المدني وتم منحها ما يدعم حيادها ويضمن استقلالية قراها عن كل السلط كما تم اقرار تمثيلية متعددة داخلها تمنحها امكانية لكي تقدم افضل اداء وهي زيادة عن ذلك تتمتع بمرونة في تنظيمها. وأفاد بن غربية النواب انه تم الشروع في اعداد مشروع قانون هيئة حقوق الانسان منذ سنة 2012 وأكد لهم أنه تم القيام باستشارات حوله وتم تكليف لجنة فنية بإعداده وهي ممثلة عن الحكومة وعن هيئة حقوق الانسان وفيها خبراء وعند الانتهاء من الصياغة تم القيام باستشارة وطنية واستشارات جهوية سنة الفين وستة عشر ثم تم تقديم المشروع الى مجلس النواب منذ جويلية سنة الفين وستة عشر. وأضاف الوزير ان هناك نقطة اساسية لا بد لمجلس نواب الشعب ان يعمل على حسمها، وفسر انه تم اللجوء في الحكومة الى خيار يتمثل في وضع قانون اطاري للأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية وستكون فيه الاحكام المتعلقة بالاستقلالية الادارية والمالية لجميع الهيئات الدستورية والاحكام المالية والاحكام الرقابية والتنظيم الداخلي والنظام الساسي للأعوان لكن هذا القانون لم يصدر بعد نظرا لأنه تم الطعن فيه من قبل مجموعة من النواب منذ السنة الماضية . وأضاف بن غربية :» للأسف نجد لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية ورغبة منها في ان يقع تصنيف هيئة حقوق الانسان في صنف أ، فإنها تجنبت الاحالة في مشروع القانون المعروض على انظارها على قانون الاحكام المشتركة». وطمأن النواب انه ليس هناك خشية من الاحالة في مشروع قانون هيئة حقوق الانسان على قانون الاحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة لأنه سيقع تعديل الفصل 33 من مشروع قانون الاحكام المشتركة بناء على صياغة توافقية. وبين أن عدم الاشارة الى قانون الاحكام المشتركة بصفة واضحة سيجعل قانون هيئة حقوق الانسان مبتورا وسيجعل الهيئة مكونة قانونا لكن لن تكون لها آليات تمكنها من التواصل مع السلط العمومية لذلك لا بد من العودة الى قانون الاحكام المشتركة وتعديله وهو ما سيمح بان تقع الاشارة اليه في قانون هيئة حقوق الانسان. اعتراض خلافا لما اشار اليه الوزير نفت النائبة عن كتلة الولاء للوطن هاجر بن الشيخ أحمد ان يكون قد تم تشريكها في اعداد الصيغة المعدلة التي قيل انها توافقية للفصول موضوع الطعن بعدم الدستورية من مشروع قانون الاحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية، وقالت ان كتلتها معترضة عليها. ويذكر ان الوزير مهدي بن غربية قدم للجلسة العامة صيغة معدلة للفصل 11 من مشروع قانون الاحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية، وقال للنواب انه بناء على قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وبعد التشاور مع الكتل تبنت الحكومة مقترحا مقدما من النواب وبمقتضاه لن تكون هناك امكانية لمساءلة اي عضو من اعضاء هيئة دستورية الا بناء على طلب معلل من قبل أعضاء من الهيئة، وعوضا عن ستة اعضاء تم النزول بهذا العدد الى ثلاثة على ان تتم احالة طلب الاعفاء الى مجلس نواب الشعب، ولا يكون الاعفاء الا بثلثي اعضاء مجلس نواب الشعب. ويمكن للعضو المعني ان يقوم بالطعن لدى المحكمة الادارية، وفسر الوزير انه بذلك يقع تجاوز الاشكال الذي ادى الى عدم دستورية مشروع القانون.