ليس كل ما يقال قابلا للفعل ويوجد فارق كبير ما بين إطلاق الشعارات والتصريحات ووضعها موضع التنفيذ... حقيقة بديهية لا يبدو أن قيادات الكيان الإسرائيلي توليها الأهمية التي تستحقها، إما لاعتقادها بأننا كعرب غير قادرين على تحليل الأمور بشكل صحيح، وبالتالي يمكنها مغالطتنا وإقناعنا بما لا نريد، وإما لسيطرة غرور السطوة والقوة على عقولها إلى درجة باتت الأوهام تتبدى لها حقائق. وإلا لما كان وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ليتجرأ على إطلاق تهديده الفارغ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بأن أي محاولة من جانب الجيش السوري للانتشار في المنطقة الحدودية منزوعة السلاح في هضبة الجولان ستقابل برد عنيف من قبل الكيان الإسرائيلي. ونقول تهديدا فارغا لأننا لا نخال السيد ليبرمان أو غيره من القيادات الحاكمة في تل أبيب يملكون الجرأة الكافية لتنفيذه، ولا هم قادرين على تحمل النتائج الخطيرة التي من شأنها أن تستتبع مثل هذه المجازفة غير المحسوبة. والسبب بسيط وهو أنهم يعلمون قبل غيرهم طبيعة الأوضاع الحالية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بكاملها، ويدركون بشكل خاص أن ما كان متاحا قبل عقد من الزمن لم يعد كذلك حاليا.. فقبل الحرب الأهلية، كانت هناك دولة قائمة الذات في سوريا بهياكلها المعروفة تتمتع بالسيادة الكاملة، ولم تكن تحتاج لاستجلاب قوات أخرى إلى أراضيها وبالتالي كانت الوجهة المثالية في التعاملات المختلفة، سياسيا واقتصاديا وعسكريا. أما اليوم، وبفعل الحرب الأهلية وما فرضته من توازنات وتحالفات، تغيرت كل الموازين، وبات الجيش السوري يتلقى السند من ميليشيات وقوى متمرسة في الحروب على غرار «حزب الله» اللبناني قاهر الاحتلال الاسرائيلي في لبنان، والحرس الثوري الإيراني العدو اللدود لإسرائيل، ناهيك عن القوات الروسية والتي ساهمت بشكل كبير وحاسم في صنع انتصارات نظام الرئيس الأسد الأخيرة. لا نعتقد أن جيش الرئيس الأسد سيتوقف في هذه المرحلة عن مواصلة مسيرة استعادة كل الأراضي السورية بما فيها القنيطرة في الجولان مهما كانت التحديات، وقد تمرس وامتلك خبرة كافية في القتال، ولا نخاله سيخشى مواجهة القوات الإسرائيلية في حال أقدمت على استهدافه، وقد أثبت ذلك من خلال تصديه لمختلف الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي لتل أبيب على مواقع داخل الأراضي والتي قدرت بالمئات. آن الأوان لتفيق تل أبيب وحكامها من وهم «الجيش الذي لا يهزم» و»القوة التي لا تقهر»...