*صور جميلة.. رسائل معبرة ورومانسية راقية تونس- الصباح تبث قناة قرطاج+ منذ رمضان الكثير من المسلسلات و السيتكومات منها الجديدة التي انتجتها لنفسها ومنها القديمة والمعادة ومنها الجديدة مثل المسلسل الرومانسي الدرامي التاريخي"بنت الشهبندر" وهو مسلسل سوري لبناني مشترك اخرجه سيف الدين سبيعي وانتجه مفيد الرفاعي سنة 2015 وكتبت نصه هوازن عكو وصور في كسروان الواقعة شمال بيروت في لبنان. وتبثه القناة وتعيد بثه في اوقات مختلفة. تدور أحداث "بنت الشهبندر" أي كبير او زعيم تجار السوق في بلاد الشام ،ويقوم بادوار البطولة فيه ثلة من اهم نجوم الدراما في سورياولبنان مثل الممثلة القديرة منى واصف و قصي خولي وسلافة معمار و ديمة الجندي وأحمد الزين وقيس الشيخ نجيب، ورفيق السبيعي، وسميرة بارودي وجيسي عبده، وديامان بوعبّود، وطوني مهنّا، وليلى قمري، ومحمد فوعاني، وطوني حجّي، وناتاشا شوفاني، وفادي إبراهيم، ومجدي مشموشي، وطوني عيسى، وسارة أبي كنعان، وهشام أبو سليمان، وعبدو شاهين، وشربل زيادة وعصام بريدي. التاريخ والرومانسية يتكاملان ولا يتعارضان وتروي قصة "بنت الشهبندر" ناريمان (سلافة معمار) التي تغرم بأحد ابني زعيم الحارة زيد (قيس الشيخ نجيب) بعد ان تعلق بحبها شقيقه راغب(قصي خولي ) وتتزوج ناريمان من زيد لكنه يختفي في ظروف غامضة جدا مما يدفع الزعيم للاستنجاد براغب ليبحث عن شقيقه وليحل محل والده بعد وفاته استناد الى قرار جماعي من وجهاء الحارة مسنود طبعا بقرار من شهبندر التجار أي صهر شقيقه الذي يحترمه جدا ويتوسم فيه كل الخير لأهل الحارة. تجتهد ناريمان في حث الجميع على البحث عن زوجها زيد طيلة عامين كاملين تشتعل خلالهما نار الحب في قلبها تجاه راغب الشقيق الاكبر لزوجها. قصة الحب هذه ترد مشوقة سلسة ملفوفة بالكثير من الجمال والرومانسية وسط حديث عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لفترة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في بيروت وخاصة بعد استقلالها عن ولاية الشام في مطلع العام 1800وفي خضم انهيار الإمبراطورية العثمانية التي كانت تستعمر الشام. ويتبين من خلال المسلسل ترابط العائلات في لبنان وفي دمشق وتمثيلهم لنسيج متناسق لا يختلف في شيء.. عاداتهم واحدة وتقاليدهم متداخلة ومصيرهم مشترك في التعامل مع المستعمر ومطالبتهم بالاستقلال وإيمانهم بضرورة تعليم ابنائهم لان العلم وحده القادر على تخليصهم من الظلم الذي يعانونه والفقر والجهل. وقد ركز المسلسل على صعوبة الفصل بين البيروتيينوالدمشقيين وابرز ما كانوا يتحلون به من اخلاق نبيلة وقيم انسانية سبقت الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما تم التركيز كذلك على احترام الاديان والتعايش في كنف السلم واحترام المقدس والنواميس والعادات والتقاليد بين المسيحيين والمسلمين واليهود وغيرهم من الطوائف. ولمزيد التأكيد على هذا الترابط اختار المخرج على ما يبدو لهجة تجمع بين الشامية واللبنانية عندما اختار ان تستقر العائلة الشامية في لبنان وان تتحدث البطلة ناريمان بنت الشهبندر بلهجة والدتها الشامية ألمتوفاة فيما تتحدث شقيقتها الصغرى بلهجة لبنانية، لأن عمتها اللبنانية ربتها بعد وفاة امها. كما يعرّج المسلسل بكثير من الحذر على نوعية وأسس العلاقات التي كانت تربط المواطن العادي وأهل السلطة والنفوذ والمال مع بعضهم البعض وعلى صعوبة الترقي الاجتماعي اذ لا يكفي ان تكون ذا مال وفير لتصاهر العائلات العريقة ذات الوجاهة. منى واصف لكل دور حقيقته والهدف واحد حضور الفنانة منى واصف اشهر فنانات سوريا والوطن العربي ( فاقت اعمالها الدرامية والسينمائية 200 عمل) كان من بين اهم نقاط القوة في هذا المسلسل حيث تؤدي دور الام بطريقة مختلفة جدا عن دور الام في مسلسل "الهيبة" الذي تقدم فيه دور المرأة القوية والفاعلة والقائدة التي تحرك قوانين اللعبة وتأمر وتنهي وتختار لأولادها، نجدها في مسلسل"بنت الشهبندر" تقوم بدور الام كما كانت في تلك الحقبة التاريخية وبالطريقة التي كانت تفكر فيها المرأة الشامية في تلك الفترة التاريخية بالذات وتذوب وسط شخصية زوجها في البداية ووسط شخصية ابنيها زيد ثم راغب في النهاية مراعية العادات والتقاليد ولا تتجاوزهما قيد انملة. وتعالج غياب ابنها بكثير من الصبر الغريب عما سبق ان قدمته هذه الفنانة من قبل من ادوار. ولعل منى واصف وهي مسلمة من ام مسيحية ابدعت في هذا الدور لأنها وجدت فيه البعض من قناعاتها، فمنى واصف، من خلال اداء دور "ام جوزيف" في مسلسل "باب الحارة"ودور ام راغب في مسلسل"بنت الشهبندر" تريد ان تأكد على ان التعايش الإسلامي المسيحي واليهودي حقيقة شامية لم يتم افتعالها من اجل انجاح المسلسلات او بقرار مهما كان ماتاه، وعلى ان تجاور المساجد والكنائس في البيئة الشامية -وهو ما اكد عليه المخرج طيلة حلقات المسلسل - كان له الدور الفعال في عيش الكل في كنف الوفاق والسلام رغم تعمد البعض الفصل بينهما وإشعال فتيل النيران بينهما.