وضع الثقافة في تونس اليوم"كارثي" وتغيير"الحاشية" أولى خطوات الإنقاذ ما جري في مهرجاني قرطاج والحمامات اليوم يعد إجراما في حق الثقافة والمبدعين التونسيين تونس – الصباح أطلق المسرحي حافظ خليفة صيحة فزع واصفا المشهد الثقافي في تونس اليوم بحالة "الدمار والخراب" وما يجري فيها اليوم يعد إجراما في حق الثقافة، الأمر الذي جعل المبدعين التونسيين أشبه "بالغرباء" في وطنهم، حسب تأكيده، رغم ما يسجله من كثرة المهرجانات والتظاهرات الثقافية. وعبر عن استغرابه من التوجه القوي لسياسة تكريس مركزية ثقافية حقيقية حاليا أكثر من أي وقت مضى واعتبر المهرجانات الصيفية أساسا منها المهرجانات الدولية الكبرى هي تأكيد لذلك. وأكد أن الوضع ازداد تأزما في السنوات الأخيرة بالأساس وحمل المسؤولية في ذلك ل"حاشية" وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين على اعتبار أنه لا علاقة لها بالثقافة والإبداع من ناحية وغير قادرة أو مهيأة لمجاراة واستيعاب المشروع الكبير والطموح الذي يحمله هذا الوزير. فضلا عن دور البيروقراطية في تأزيم الوضع. مظلمة تحدث حافظ خليفة بجرأة ممزوجة بالألم والحيرة واليأس ما ينم عن حجم المعاناة والإحساس بغبن فنان بعد أن وجد أحلامه ومجهوداته ورؤاه وطموحاته تذهب سدى فقال:"أنا اليوم في العقد الرابع من عمري ولطالما حلمت وراودتني طموحات باعتلاء ركح مهرجاني قرطاج والحمامات باعتبارهما مهرجاني"دولة" تنظمهما وزارة الشؤون الثقافية فمتى ستتاح لي الفرصة لأكون ضمن برمجتها؟ فقد قدمت للمهرجانين عرض"خضراء" وهو عمل فني فرجوي احتفالي موسيقي ضخم يشارك فيه ما يقارب 120 عنصرا من بينهم نجوم الفن والتمثيل على غرار الفنان لطفي بوشناق والممثلين دليلة مفتاحي ووحيدة الدريدي وليلى الشابي وصلاح مصدق ونورالدين العياري وغيرهم. ولكن لم يتم قبوله في المهرجانين". واعتبر ما تعرّض له مظلمة خاصة أنه رشح مسرحية "طوفان" أيضا لبعض المهرجانات ولكن لم يتم برمجتها. وبين أن عرض خضراء في شكله ومضمونه وفنيته، قدّمه بمقاييس مهرجاني الحمامات وقرطاج الدوليين وذلك باستغلال الفضاء السفلي والعلوي للركح فضلا عن توظيف الحصان والجمل. خاصة أنه عرض يقدم نمط ثقافي صحراوي غير مستهلك. واعتبر "ماكينة" هذين المهرجانين أشبه ما تكون بحرب شوارع ومواقع تتحكم فيها العلاقات والمصالح وتحكمها "لغة السطو" التي أضرت بالمهرجانات والمشهد الثقافي على حد السواء، حسب ما أكده. واعتبر في تحويل المهرجانين إلى "قاعة أفراح" ضرب للثقافة والمثقفين في نفس الوقت. وعبر عن استغرابه مما تتضمنه برمجة المهرجانين من عروض اعتبرها أقل قيمة ومستوى من الأسماء والعروض التونسية التي لم يتم قبولها فضلا عن تكاليفها المرتفعة. وأضاف في نفس السياق قائلا: "بعيدا عن المجاملة أو النرجسية فإن عدم برمجة عرض "خضراء" في المهرجانات التي رشحتها لها يعد خسارة رغم أني لم أطلب مقابل ذلك"كاشي" تعجيزي رغم أنه يضم أسماء تعد من رموز المشهد الثقافي في تونس فضلا عن الديكور وعدد المشاركين فيه مثلما أسلفت الذكر، والقيمة التي اقترحتها هي 20 ألف دينار فقط. لأن هاجسي الأول هو عرض هذا العمل في المهرجانين التونسيين لكن للأسف المركزية وعوامل أخرى وضعت العرض خارج دائرتها". واعتبر في المقابل في عرضه في إطار مهرجان الكراكة بحلق الوادي وما حظي به من حضور جماهيري وتفاعل بمثابة رد اعتبار له وتأكيد أن ثقافة الصحراء والبدو تلقى القبول والاستحسان أينما حلت وقدمت. غزو تدميري وأرجع محدثنا سبب ما تسجله الساحة الثقافية من تردي إلى رجوع سياسة الغزو الثقافي المبنية على المحاباة والمحسوبية والعلاقات الشخصية والمصالح الضيقة و"الأكتاف"، وفسر ذلك بقوله: "في الحقيقة أنا أشفق على مختار الرصاع مدير مهرجان قرطاج الدولي.. فالتعلة التي كانت مرفوعة سابقا في مثل هذه الحالات أن المسرح ليس له جمهور في المهرجانات الصيفية فكان التوجه إلى "اللايت" ولكن ما قدمته اليوم هو عمل فرجوي. فأنا لم أعد قادرا على أكثر من هذا ربما ينتظرونا منا كمبدعين "الهجرة" ومغادرة البلاد وهذا إجرام في حق العباد والمبدعين والبلاد". خيارات غير صائبة في جانب آخر من حديثه حمل حافظ خليفة سبب تردي وتأزم الوضع الثقافي في تونس إلى الخيارات غير الصائبة لوزارة الشؤون الثقافية تحديدا وعدم القدرة على التعاطي مع بعض المكاسب والمكتسبات المسجلة في الوسط الثقافي على مستويات مختلفة، على النحو المطلوب مما كلف الدولة أموالا طائلة وساهم في توسيع دائرة الأزمة ومن ثمة الإحباط واليأس المسيطر على المبدعين في مختلف المجالات واستشهد في حديثه عن ذلك بساحات ومدن الفنون التي صرف عليها مليارات لتتحول بعد ذلك مآوي للسيارات وفضاءات لرمي الفضلات. كما اعتبر فتح مدينة الثقافة في هذه المرحلة عاد بالوبال على الثقافة في تونس بعد تأخرت عمليات دفع الوزارة لمنح المهرجانات والمندوبيات الجهوية للثقافة وغيرها. فضلا عن عدم خروج المهرجانات الكبرى عن سلطة الوزارة رغم بعث المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية التي كان يروم المناضلون من أجلها أن تحقق "تحرر" المهرجانات من الوزارة مما يجعل وجود هذه المؤسسة أشبه ب"عبء" مالي آخر على الحقل الثقافي.