لم تكن جلسة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفراتي بالجلسة العادية حيث ظلت المواقف والمناورات السياسية والحزبية حتى اللحظات الاخيرة قبل عملية التصويت. مواقف تبدلت، وكتل انقسمت، واحزاب ارتبكت، وشخصيات ضاعت في زحمة المواقف والاراء التي لم تستقر على راي واحد.. انقسام كتلة نداء تونس كان واضحا منذ فترة ليتأكد أيضا من خلال المداخلات امام البرلمان حيث تراوحت المواقف بين نقد للحكومة الى حد التجريح وبين تبيان لرهانات النجاح التي قامت بها حكومة الشاهد من خلال ارقام ومعطيات. موقف الكتلة غير المنسجم كشف انه لا سبيل لكتلة موحدة بعد ان اختلفت مصالح هذا النائب او ذاك، فالقريبون من المدير التنفيذي للنداء يحركهم هاجس الترشح مجددا للانتخابات التشريعية تحت يافطة نداء تونس وهو ما وعد به حافظ قائد السبسي نواب حزبه في حال سقط مقترح رئيس الحكومة بتعيين الفراتي وزيرا للداخلية. موقف براغماتي اذ يبقى موقف نواب كتلة قائد السبسي موقفا براغماتيا لادراكهم ان المحافظة على مقاعدهم بمجلس النواب لا يمر الا بارضاء المدير التنفيذي، فان اخرين خيروا المغامرة والدخول في تمرد واضح ضد رغبة حافظ في احراج رئيس الحكومة واسقاط مقترحه بتعيين وزير للداخلية. وقد حول نداء حافظ التاثير المباشر على توجهات نواب الكتلة لتكون»بروفة» التصويت الابيض داخل الكتلة فرصة لجس نبض النواب ولئن نجح حضور قائد السبسي ورؤوف الخماسي في ضمان 21 نائبا ضد الشاهد ووزير الداخلية مقابل 12 وفي ظل غياب 14اخرين فان ذلك لم يفلح لتعاود الكتلة اجتماعا ثانيا، فثالثا ليتفق فيها اخيرا نواب النداء على التصويت للوزير الجديد. تغير الموقف قد يكون بسبب ما روج حول قرار سابق اتخذه الشاهد في حال سقط مقترحه بتوليه هو وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة وهو قرار لم يكن ليتوقعه حافظ وكامل مجموعته حيث تغيرت الحسابات ليتراجع هذا الاخير وتحت ضغط بقية الكتلة عن موقفه السابق والقاضي بالاطاحة بالفراتي. ارتباك حافظ دفعه لمعالجة موقفه بعد ثلاثة اجتماعات وندوتين صحفيتين برحاب مجلس نواب الشعب ليخلص في النهاية الى موقفه الاخير لحظات قبل التصويت، موقف لم يكن مقنعا بقدر ماهو مخرج امن من مازق الازمة وقال النائب سفيان طوبال في هذا السياق»إنه بعد النقاش وبالاخد بعين الاعتبار المصلحة الوطنية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها تونس، قررت كتلة حركة نداء تونس بمجلس نواب الشعب منح الثقة لوزير الداخلية المقترح، مشددا على ان هذا القرار صدر من باب المسؤولية وليس لتجديد الثقة في الحكومة. وأكد موقف نداء تونس بخصوص تغيير الحكومة، مطالبا الشاهد بعرض حكومته على البرلمان لنيل الثقة في أجل لا يتجاوز 10 أيام». تماسك النهضة ورغم فوضى المواقف عرفت كتلة حركة النهضة تماسكا واضحا في المواقف وقد تاكد ذلك مع حضور رئيس الحركة راشد الغنوشي لاجتماع الكتلة امس والذي اعتبر في تصريح اعلامي ان النهضة "لا ترى مصلحة في الإطاحة بالحكومة لأن ذلك سيدخل البلاد في فراغ لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر"، مشيرًا إلى أن ذلك جعل الحركة تطالب بتعديل وزاري في حده الأدنى. واضاف الغنوشي انه على الارجح "أن يجري رئيس الحكومة يوسف الشاهد، تغييرا وزاريا قد يشمل 6 وزارات، ضمن نطاق صلاحياته بالاستشارة مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي". وأضاف أنه "من المصلحة العامة منح الثقة لوزير الداخلية المقترح على البرلمان اليوم (هشام الفراتي) لسد الشغور في هذا المنصب الهام". وأردف بالقول إنّ "دعمنا له (وزير الدّاخلية) هو دعم للاستقرار ومحاربة الإرهاب، ودعم للدولة التونسية التي تواجه استحقاقات إنجاح الموسم السياحي والمفاوضات الاجتماعية والمفاوضات مع البنوك الدولية". فصل سياسي اخر ينتهي ليسدل معه الستار على ازمة خانقة كادت ان تعصف بواقع البلاد المهزوز اصلا.