في الوقت الذي تنتظر فيه تونس الموقف الايجابي من الجانب المغربي بخصوص مشكلة الأداءات الجديدة التي فرضتها المغرب على تصدير الكراس المدرسي التونسي باتجاه أسواقها كإجراءات حمائية، أكدت مؤخرا المغرب مساندتها المطلقة لشركاتها التي تقدمت بشكوى في وقت سابق إلى المنظمة العالمية للتجارة تتهم فيها الشركات التونسية بإغراق السوق المغربية. وجاءت هذه المساندة عبر موقف رسمي من الحكومة المغربية رفّعت فيه الأداءات على الكراس المدرسي المصدر إلى أسواقها من 33.77 بالمائة إلى 51.06 بالمائة، بالمقابل قوبل هذا القرار من الجانب التونسي بالرفض، حيث تقدمت بلادنا أيضا بشكوى لذات المنظمة تطلب فيها ضرورة إيجاد حلول بشان هذا الإشكال وأبدت الحكومة التونسية تخوفها من أن لا يتوقف الموقف المغربي عند الكراس المدرسي بل يمكن أن يشمل بقية البضائع والسلع التي تصدرها بلادنا إلى الأسواق المغربية. من جهتها، أعطت المنظمة العالمية للتجارة مهلة حددتها بشهرين للجانبين التونسي والمغربي لإيجاد حلول بالتراضي، وعلى هذا الأساس انطلقت المشاورات بين الجانبين وكانت تونس قد أرسلت وفدا رفيع المستوى إلى المغرب للتفاوض في هذه المسالة وإيجاد حل وسط يرضي الجانبين قصد الحفاظ على مصالحها المشتركة. وأكدت المنظمة العالمية للتجارة انه وفي صورة انقضاء المهلة المحددة دون الوصول إلى اتفاق يرضي الجانبين، ستدخل عبر تطبيق ما تضمنته اتفاقية «أغادير» للتجارة للحفاظ على الحقوق التجارية للبلدين. وكانت المشكلة انطلقت منذ شهر مارس المنقضي بعد تقدم ثلاث شركات مغربية تنشط في قطاع الورق بشكوى إلى المنظمة العالمية للتجارة أعلنت فيها تضررها من الصادرات التونسية للكراس المدرسي وتطلب فيها ضرورة مكافحة إغراق أسواقها من هذه المنتجات. في حين اعتبرت الغرفة النقابية للطباعة والورق بمنظمة الأعراف، أن الجانب المغربي لم يوضح صراحة في تقريره الذي وصل إلى سلطة الإشراف منذ أشهر السبب الحقيقي لهذا القرار باعتبار انه لا وجود لعلاقة سببية بينه وبين واقع السوق في المغرب وحالة الإغراق التي يعيشها في الآونة الأخيرة، مبينا أن الضرر الحاصل في السوق المغربية ليس متأتيا من الجانب التونسي لان أسعار الكراس المدرسي التونسي الأكثر غلاء من بين الكراسات المعروضة وبالتالي لا وجود لأي ظاهرة إغراق للسوق، حسب تعبيره. كما اعتبر رئيس مجلس الجامعات بمنظمة الأعراف ورئيس جامعة الطباعة والورق الناصر الجلجلي في تصريح سابق ل»الصباح» بان القرار في صورة تطبيقه يعد خطيرا للغاية لأنه سيقودنا إلى قرارات مشابهة في قطاعات أخرى على غرار التمور والصناعات الميكانيكية وزيت الزيتون وغيرها من القطاعات التي تصدرها بلادنا إلى السوق المغربية. وبين الجلجلي أن هذه الأزمة ستكون لها تبعات وخيمة على قطاع الورق في تونس خاصة أن السوق المغربية تعد من أهم الأسواق التي تصدر لها بلادنا سنويا ما يناهز ال7 آلاف طن وتدر عائدات هامة لخزينة الدولة تصل إلى حدود ال30 مليارا في السنة الواحدة. كما أشار الجلجلي إلى أن حصة تونس تصل إلى ثلثي السوق المغربية التي تزودها بلادنا منذ 18 سنة حسب الاتفاقيات المشتركة المبرمة بين الجانبين والتي لا تخضع هذا المنتج لأية معاليم جبائية حسب اتفاقية «أغادير»، مشيرا إلى أن القرار الجديد سيخضع تونس إلى أداءات على تصدير الكراس المدرسي في ما بين 31 و51 بالمائة تمهيدا لإخراجها كليا من السوق. وبخصوص التداعيات التي ستنجر عن هذا القرار، فمن المتوقع حسب أهل القطاع أن تخسر الدولة العشرات من المليارات بمجرد الخروج من السوق المغربية أهم الأسواق التي تصدر لها بلادنا الكراس المدرسي، فضلا عن فقدان العديد من مواطن الشغل وتراجع الاستثمارات في القطاع. وتبقى مخاوف مهنيي القطاع بشان هذا القرار قائمة، في انتظار انقضاء المهلة التي حددتها المنظمة العالمية للتجارة بشهرين وما سيسفر عنها من قرارات..