يلتقي عازف البيانو والمؤلف محمد علي كمون يوميا بمدينة الثقافة مع كل عناصر عرض «24 عطرا» حيث تجري التمارين بنسق متسارع من اجل الوصول الى ما ترضاه نفسه وما يؤهله للوقوف على ركح المسرح الاثري بقرطاج لاختتام الدورة 54 يوم 17 اوت 2018 . رأيناه حريصا مسكونا بهاجس الاتقان مضغوطا بالوقت محاطا بمن اختار التعامل معهم من خيرة العازفين والمنشدين والتقنيين الذين يحتاجهم عرض صرفت عليه وأنتجته هيئة الدورة 54 لمهرجان قرطاج الدولي مع ذلك خصص محمد علي كون ل»الصباح» وقتا وجلس يجيب عن اسئلتنا فكان الحوار التالي: ● عندما تمت برمجتك في مهرجان قرطاج الدولي وعدت بعرض تونسي استثنائي يفوق كل العروض الأجنبية إبداعا وتصورا وروحا وقلت ان الفن صدق وبحث وشقاء أو لا يكون، فما هو هذا العرض؟ - عنوان عرضي هو «24 عطرا « وهناك اكثر من 24 اجتهادا من خلاصة ما سبق الاشتغال عليه من ورشات في كامل ربوع تونس من ولايات و معتمديات منذ آخر سنة 2013، اما مشروع العطور فتم بعثه في مطلع 2016 . وكانت ورشاته الميدانية بدعم من صندوق التشجيع على الابداع . اشتغلت على المشروع بصعوبة لان الاشتغال على التراث شائك ومعقد حيث ان التقسيم الاداري للولايات لا يحيل على الخريطة الموسيقية التونسية التي تتسم انماطها بالتداخل وهو ما جعلنا نقرر الاشتغال على الغزل وتحديدا على صورة (بورتريه) المرأة التونسية في الورشات التي اجريناها في الرشيدية سنة 2017 . وبعد ان استغنينا عن التقسيم الاداري تمت صياغة فسيفساء 24 عطرا مقسمة على ستة الوان غزلية وهي الستة فواصل موسيقية التي سنقدمها في عرض قرطاج يوم 17 اوت 2018؟ ● سبق لك ان قدمت عطورك من قبل في عديد المهرجانات فهل من اضافة جديدة لعطور هذه السنة؟ - صحيح سبق ان قدمت سنة 2016 اغاني وعطورا من الجنوب في افتتاح ايام قرطاج الموسيقية ومهرجان الحمامات الدولي وفي افتتاح صفاقس عاصمة الثقافة العربية وفي افتتاح مهرجان بنزرت الدولي ولكنني وقتها قدمت العطور التي تم الاشتغال عليها في ورشات الجنوب التونسي . اما هذه العطور فسنضيف لها عطورا من مختلف مناطق الجمهورية. ● كل الفنانين التونسيين يشتغلون على التراث ويعيدون ابرازه فما الذي سيميّز عرضك عن بقية العروض وما هي الالوان الموسيقية والفواصل التي ستقدمها في مهرجان قرطاج الدولي؟ - هي ستة الوان او «نوب معطّرة» اولها: 1) العطور الاندلسية 2) عطور الاطلس الشاوي اي الشريط الحدودي التونسي الجزائري 3) العطور البدوية من داخل المناطق الصحراوية وبداية الساحل التونسي اي القبائل العربية والبدو الرحل من سكان الوسط والجنوب. 4) عطور الجزر التونسية 5) عطور الماشطة اي الحضرة النسائية وفيها ام الزين الجمالية وتتركز هذه العطور على تغني المرأة بالمرأة وتوصيف الماشطة للعروس. 6) العطور الصوفية او ما يسمى بمالوف الجد وفيه العيساوية والحضرة والتخميرة والسطمبالي. ويوجد في عرضي كذلك اشتغال على العنصر المرئي والصورة التي امنها الرسام رؤوف كراي في اخراج لأمير العيوني المتحصل على احسن سينوغرافيا في ايام قرطاج المسرحية 2017. مع «مابينغ فيديو «لأحمد الخليفي و3 لوحات كوريغرافية مع راقصين دوليين مثل اميمة المناعي. ● وما هي اضافتك انت وخصوصية عرضك؟ في عرض قرطاج سنقدم 40 عطرا اكثر من نصفها من كتابتي وتلحيني وهي الافتتاحيات التي اعطيتها اسماء تونسية هدية مني لتونس وهي من انتاجي الخاص. فكل لوحة سيتم استهلالها بافتتاحية ليعرف الجمهور اين يقع ذلك الفصل من الجهات مثلا «جبل زغوان» سنفتتح به العطور الاندلسية، و»سيكا فينيريا «سنفتتح بها الاطلس الشاوي و»دار شعبان» سنفتتح بها العطور الصوفية و»سيدي بوجعفر» سنفتتح بها الحضرة النسائية و»نفطة» سنفتتح بها العطور البدوية.. الى جانب عدد من الأغاني القديمة من عمق الذاكرة الشعبية التونسية بتوزيع سيمفوني حديث . ● وماذا أضاف محمد علي كمون الى الاغاني؟ - يقوم هذا العرض على كتابة اوركسترالية وقد لحنت وسط التراث الاغاني التراثية القديمة حتى في شكلها الذي يعبر عنه بالمتقن أي المالوف يقتصر عامة دور الآلات الموسيقية على المصاحبة اللحنية وإعادة نفس الخط اللحني للغناء لكنني لحنت اكثر من 90 بالمائة من الجمل الموسيقية التي سيتم اداؤها من الاوركستر أي المقدمات واللوازم الموسيقية وأختامها مع اضافات افقية وعمودية فيها الكثير من البحث والاجتهاد، والمختصون يعرفون موسيقاي لأنهم يعرفون انني لا اعتمد المألوف والسائد حتى في ما يخص النظريات الغربية. ● ستحضر كل جهات تونس في العرض بالموسيقى والكلمات وماذا عن العازفين؟ سيكون معي في عرض» 24 عطرا « أكثر من 60 فنانا من مختلف جهات الجمهورية بين عازفين ومنشدين من خيرة الموسيقيين والأصوات التونسية سنرسم معا ملامح تونس العربية، الاندلسية، البربرية والافريقية.. وذلك بمشاركة اوركسترا وأصوات اوبيرا تونس بقيادة محمد بوسلامة اضافة الى عازفين دوليين كزياد الزواري (كمنجة) وعازف الناي نبيل عبد مولاه ولطفي الصوة عازف الكمنجة. اما من الفنانين فسيكون معي سفيان الزايدي لأداء عطور المالوف الأندلسي و محمد صالح العيساوي والمنجي المصاورة والشاب فوزي ومريم الكناني وآية دغنوج ومحمد بن صالح لأداء عطور الأطلس الشاوي ومعتصم لمير لأداء العطور البدوية وأيمن بن حسن وفتحي غرس الله ومحمد علي واردة لأداء عطور الجزر ورياض العروس وحسن سعدة من القيروان وهو من احسن الاصوات التي تؤدي الصوفي. ● وماذا بعد عطورك؟ طبعا سنواصل العمل على عرض» 24 عطرا» لإعداد فيلم وثائقي طويل يجسد عملية تركيب وتأليف العطور من الجهات الى الركح ومنه الى الاستوديو ونأمل ان يتم ترويج هذا العمل خارج حدود الوطن لتكتمل الصورة وتكون اكثر نصاعة. كما سيصدر لي كتاب في الاشهر القليلة القادمة: «حول الكتابة العمودية في الخط المقامي» وستتم مناقشته في اطروحتي العلمية القادمة في اطار التأهيل الجامعي في خطة استاذ محاضر.