نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقفصة الخميس المنقضي في قضية كنا قد نشرنا تفاصيلها في جلسة سابقة تورط فيها 10 اشخاص منهم المديرة السابقة لفرع الصيدلية المركزية بقفصة وخمسة من موظفيها والبقية ممرض بالمستشفى الجهوي بقفصة وصيدلانية بالمستشفى الجهوي بالمتلوي وممرض يعمل بصيدلية مستشفى الفوار بقبلي وممرضة بالمستشفى المحلي بالمضيلة وسائق سيارة اسعاف بنفس المكان. وقد مثل جميع المتهمين بحالة سراح ماعدا حارس الصيدلية المركزية بقفصة فقد حضر موقوفا لاتهامهم بكونهم عمدوا خلال شهر جويلية 2006 الى ارتكاب جريمة التصرف بدون وجه في اموال ومنقولات عمومية كانت بيدهم بمقتضى الوظيفة المشاركة في ذلك وهي الجريمة المنصوص عليها وعلى عقاب مرتكبيها بالفصول 98 و99 و32 من المجلة الجزائية. انطلقت الابحاث في هذه القضية على اثر بلاغ تقدمت به مديرة فرع الصيدلية المركزية بقفصة الى مركز الحرس الوطني بقفصة الجنوبية ذكرت فيه وقوع استيلاء من حارس الصيدلية المذكورة وبعد اجراء الابحاث من قبل فرقة الابحاث والتفتيش بقفصة اذنت النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي في الموضوع. وصرحت مديرة الصيدلية انه تم اعلامها خلال شهر ماي 2006 من طرف المسؤول عن الادوية المفقودة من مستودع الصيدلية المشرف عن المخزن بأن هناك نقصا في كمية من خيوط رتق الجروح (filsole sutures) ولمزيد التثبت من صحة ما ذكره عملت على القيام بجرد حول الادوية بالتنسيق مع المستشفيات فتبين النقص وامام ذلك تولت سحب مفاتيح المخازن من حارس الصيدلية ولكن في اليوم الموالي علمت بأن هناك نقصا اخر في خيوط الجراحة وامام ذلك وجهت شكوكها نحو الحارس المذكور الذي سرعان ما اعترف بسرقته للمواد المذكورة وذكر انه سلمها لكاتبة تعمل بادارة الصيدلية وزوجها (وهما متهمان في القضية)... وبالتحرير عليه افاد متفقد الصحة قسم الصيدلية بالادارة الجهوية للصحة انه واكب قضية سرقة خيوط الجراحة من مقر فرع الصيدلية المركزية بقفصة وقد حرر تقريرا في الغرض بناء على تسخير من قلم التحقيق وذكر انه تفطن الى حصول نقص سنة 2003 (علبة واحدة) ولم يتوصل للكشف عمن قام بسرقة تلك العلبة كما ان ذلك النقص يعتبر طفيفا مع النقص الحاصل سنة 2006 المدون تفصيلا بتقرير الاختيار اما ما بين 2003 و2006 فلا يوجد هناك اي نقص ولاحظ ان هناك من عمد من موظفي فرع الصيدلية المركزية بقفصة الى القيام ببعض الخزعبلات والحيل لتدارك بعض النقائص التي حصلت من تلك المادة كالصيدلية وهو تدارك مدون على الاوراق فقط وكيفية ذلك تتم بالاتي حيث يقوم ذلك الموظف بخطاب زملائه بالمستشفيات هاتفيا الذين يحررون له اذن بالطلب بطريق المجاملة يتضمن طلبيات بنفس تلك المادة تحمل رقما خياليا بحيث ان المسؤول عن الطلبيات بالمستشفى لا يتسلم واقعا تلك الخيوط وفي نفس الوقت يصدر عنه وثيقة تدل على انه قام بذلك كل ذلك للتغطية على النقص الحاصل بفرع الصيدلية المركزية وقد راجع الوثائق والفواتير والطلبيات فانتج كل ذلك حصول مجاملة من ثلاث مستشفيات وهي مستشفى الفوار بقبلي والمستشفى الجهوي بالمتلوي والمستشفى المحلي بالمظيلة والمسؤولين عن ذلك المتهمين الثلاثة المذكورين انفا، وقد تورطوا بأن حرروا طلبيات وهمية. وفعلا وبوصفه متفقدا فقد لاحظ عدم تطابق بين الموجود بالمستشفىات المذكورة وما هو محرر بالطلبيات وذكر انه بمجرد اجراء الابحاث تم السعي الى تدارك الخلل المذكور وتمت موافاة تلك المستشفيات بالفارق وذلك من طرف الصيدلية المركزية الشيء الذي احدث خللا متزايدا بمخزون الصيدلية. وباستنطاق بقية المتهمين انكروا التهم المنسوبة اليهم ماعدا حارس المؤسسة الذي اعترف بسرقة حوالي 26 وحدة من الدواء المذكور وسلمها لكاتبة الصيدلية وزوجها المذكورين. وقد قدرت قيمة المسروق (7.618,504د). وباحالة الكلمة للسان الدفاع تمسك محامي حارس الصيدلية بعدم مسؤولية منوبه عن كامل الكمية المسروقة خاصة وان الفرق بين ما صرح به موكله من كمية الدواء المسروق والكمية المثبتة في تقرير التفقد والتي تجاوزت ال2500 وحدة من الدواء وهذا يدل على ان هناك خللا يتحمله اطراف اخرون. وهو ما تؤكده عملية تغطية النقص المذكورة. وفي مرافعات مطولة دافع بقية المحامين عن موكليهم وطلبوا الحكم في حقهم بعدم سماع الدعوى. وبعد المفاوضة قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقفصة يوم الاربعاء 19 جوان 2008 الحكم بعدم سماع الدعوى على كافة المتهمين ماعدى حارس الصيدلية الذي نال حكما بالسجن مدة سنة وستة اشهر من اجل خيانة المؤتمن.