حكم قضائي «ثوري» أصدرته مؤخرا محكمة الناحية بتونس ويعدّ سابقة في القضاء التونسي حيث أصدرت حكما يقضي بتبني فتاة عزباء لطفلة تبلغ من العمر أربع سنوات تعاني من إعاقة عضوية تمثلت في بتر إحدى ساقيها وهي مودعة بالمعهد الوطني لرعاية الطفولة منذ حوالي سنتين ولم يتقدم أحد لتبنيها منذ ايداعها بالمعهد غير فتاة عزباء عبرت عن استعدادها لتبني الطفلة والسهر على رعايتها والقيام بشؤونها. وعلى الرغم من سقوط شرط الزواج الذي نص عليه الفصل 9 من قانون التبني غير أن المحكمة اجتهدت وأصدرت حكما ثوريا وقضت لصالح طالبة التبني. حول هذا الحكم القضائي الثوري اتصلت «الصباح» بالقاضي والدكتور في القانون المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير فريد بن جحا والذي اعتبر أن الحكم المذكور آنفا والذي أصدرته ناحية تونس هو حكم جريء وفيه خروج عن الضوابط القانونية وقد اجتهد القاضي وخرج عن النص القانوني. وبين فريد بن جحا أن التبني له شروط من أهمها أن يكون الشخص المتقدم للتبني متزوجا وهناك فارق 15 سنة من العمر بين المتبني والطفل المتبنى كما أن التبني ومنذ البداية هو خروج عن المألوف والشريعة الإسلامية تحرّم التبني.. واعتبر فريد بن جحا هذا الحكم فيه خروج عن الضوابط القانونية لأن النص القانوني موجود والقاضي هو يطبق القاعدة القانونية وقد راعى مصلحة الطفل الفضلى استنادا الى مجلة حقوق الطفل ومصلحة الطفل الفضلى خاصة الطفولة المهددة وهذا ما يفسر إصدار عديد القوانين الثورية كالحق في الأبوة الذي يخوّل للطفل الذي كان نتيجة علاقة جنسية غير شرعية من حقه في النفقة، كذلك الابن غير الشرعي حيث يضمن له المشرّع هوية افتراضية كي لا يكون طفلا مفروزا على الرغم من ان الشريعة تنص على أن الطفل غير الشرعي يحمل اسم الأم فقط. وقال فريد بن جحا إن القاضي أخذ بعين الاعتبار مصلحة هذه الطفلة واعتبر هذه المرأة التي تقدمت لتبني طفلا معوقا ووجوده معها فيه أكثر فائدة له. واعتبر بن جحا أن هذا الحكم يمكن أن يكون بادرة لتنقيح تشريعي وبالإمكان مراجعة أحكام التبني وهناك عديد القوانين تطورت انطلاقا من اجتهادات قضائية. وبين فريد بن جحا أن النيابة العمومية يمكن أن تطعن في هذا الحكم ويمكن أن نرى حلقة أخرى للرجوع في حكم التبني لأن النص واضح. وانتهى بن جحا بالقول إن في هذا الحكم اجتهاد قضائي و فيه خروج عن النص وبالإمكان تأطيره تشريعيا لا سيما وأنه يخول للعديد من الفتيات اللواتي لم يتزوجن من التبني بشرط أن تكون هناك رقابة من مندوب حماسة الطفولة. أحكام نظام التبني في القانون التونسي صدر قانون التبنى بتاريخ 4 مارس 1958 وقد اشترط المشرع التونسي أن يكون طالب التبني راشدا ويتمتع بالأهلية القانونية وان يكون متزوجا أو توفت زوجته أو طلقها كما اشترط أن يكون الطفل المتبني قاصرا سوى كان ذكرا أم أنثى واشترط أن يكون الفارق في السن بين طالب التبني والمتبني لا يقل عن 15 سنة يوم إصدار الحكم بالتبني. كما ألزم المشرع الزوج الآخر الموافقة على التبني إذا كان طالب التبني من احد الزوجين. وضرورة حضور والدي المتبني أو ممثل السلطة الإدارية إذا كان مودعا لدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية أمام مكتب القاضي وكذا الأمر بالنسبة لطالب التبني وزوجه. كما سمح المشرع التونسي على جواز تبني الطفل القاصر الأجنبي من طرف الشخص التونسي. وإجراءات إصدار الحكم القاضي بالتبني تقتضي تقديم طلب إلى القاضي المختص وحضور كل من طالب التبني وزوجه وكذلك حضور والد المتبني إن وجد أو ممثل السلطة الإدارية إلى مكتب القاضي وضرورة موافقة زوج طالب التبني، كذلك إجراء تحقيق مع مراعاة مصلحة الطفل الفضلى. تعديل الحكم القاضي بالتبني أجازت الأحكام القانونية المنصوص عليها في القانون عدد 27 لسنة 1958 على إمكانية تعديل الحكم القاضي بالتبني وذلك مراعاة لمصلحة الطفل المتنبى إذا تعرضت صحته وأخلاقه للخطر إذ يمكن خلعه من طالب التبني وضمه إلى شخص آخر جدير بالرعاية والحماية. من جهة أخرى رتّب القانون التونسي آثارا هامة عن التبني من بينها حمل المتبني اسم متبنيه ومعاملته معاملة الابن الشرعي وإعطائه نفس الحقوق والوجبات الممنوحة للابن الصلبي. ويصدر حاكم الناحية حكمه بالتبنّى بعد التحقق من توفر الشروط القانونية ومن مصادقة الحاضرين وحكمه هذا يكون نهائيا. وبالنسبة للكفالة فقد عرفها الفصل 3 من قانون 4 مارس 1958 بانها العقد الذى يقوم بمقتضاه شخص رشيد يتمتع بحقوقه المدنية أو هيئة بكفالة طفل قاصر. ولا تحدث الكفالة أيّ أثر باعتبارها رعاية أدبية ومادية لفائدة الطفل أما التبنى فيؤثر على النسب بإحداث نسب اعتبارى هو النسب بالتبنى حيث اقتضى الفصل 14 من قانون 4 مارس 1958 أن يحمل المتبنّى لقب المتبنى وينص الفصل 15 من نفس القانون كذلك على أنه للمتبنى نفس الحقوق التى للإبن الشّرعى وعليه ما عليه من الواجبات وللمتبنى إزاء المتبنى نفس الحقوق التى يقرها القانون للأبوين الشرعيين وعليه ما يفرضه من الواجبات عليهما.