لا يزال الجدل متواصلا حول إقالة وزير الطاقة خالد بن قدور الذي أكّد في تصريحات اعلامية انه «لا علاقة لملفات فساد بقرار إقالته من منصبه الذي قال انه علم به صباح يوم الجمعة» مبرزا أنّ السبب الحقيقي لإقالته هو اختلاف في الآراء في إشارة ضمنية إلى الخلافات القائمة بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد التي تُتداول منذ مدة في الكواليس السياسية والنقابية. ولم يأت نفي أسباب الإقالة المتعلقة بشبهات فساد على لسان الوزير المقال فحسب بل أيضا جاء أيضا على لسان قياديين في الاتحاد العام التونسي للشغل وفي مقدمتهم أمينه العام نور الدين الطبوبي. فامتدت التأويلات إلى اعتبار هذه الإقالة تصب في خانة المعارك السياسية والمساعي لإزاحة يوسف الشاهد عن رئاسة الحكومة يُضاف إليها تضارب المصالح والمنافع. منذ الثورة برزت إشكاليات الثروات البيترولية والطبيعية التي تنعم بلادنا بها فتعالت أصوات المفندين وكذلك المؤكدين والمتهمين لكل الحكومات خاصة منها حكومات ما بعد الثروة بالتلاعب بملف الطاقة في تونس. في هذا السياق دعا حزب التيار الديمقراطي في مراسلة وجهها يوم الجمعة 31 أوت 2018 إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلى تشكيل لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية وطالب بأن تكون محايدة ونزيهة وأن تضم خبراء من أصحاب الكفاءة والمشهود لهم بالنزاهة بالإضافة إلى مُمثلين عن كل المنظمات الوطنية وعن مكونات المجتمع المدني مذكرا بأنه سبق للشاهد أن أعلن عن تشكيل هذه اللجنة منذ ماي 2017 وأنها لم تر النور إلى الآن. وطالب الحزب في مراسلته التي تزامنت مع إقالة 5 مسؤولين بوزارة الطاقة، الشاهد بنشر تقرير الهيئات الرقابية الثلاث لسنة 2014 مؤكدا بأنه يحتوي على خروقات وتجاوزات وسوء تصرف في قطاع الثروات الطبيعية . وشكك التيار في شفافية الأرقام المقدمة في قطاع الثروات الطبيعية من ذلك تلك الخاصة ب»الاحتياطي المؤكد أو إنتاج النفط الخام أو العقود والاتفاقيات المبرمة في شتى المجالات مثل العقود المبرمة بنسبة مائة بالمائة لصالح شركات خاصة مقابل إتاوات زهيدة أو عقود شراكة مع المشغلين الخواص الأجانب منهم أو المحليين في مجال النفط والغاز». ووصف الحزب القطاع بالضبابي والمشبوه، توصيف قال إنه ينطبق على اتفاقية الملح مع شركة «كوتيزال» منذ 1949 مذكرا بأنه وجه تنبيها لرئاسة الحكومة بشأنها . وقال الحزب في نفس المراسلة أن شبهات تلاعب بالعقود المباشرة وغير المباشرة تحوم حول قطاع الفسفاط. وفي هذا السياق ذكر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح ل «الصباح الأسبوعي» أنّ «الحزب انطلق مدة في حملة لحماية الثروات الطبيعية في تونس وبعدها جاءت الحملة المواطنية «وينو البيترول» وكان من ضمن الطلبات تكوين لجنة وطنية تتكون من خبراء مختصين لفتح ملفات الثروات الطبيعية من فسفاط وملح وغاز وبيترول والنظر في مدى حوكمة هذه القطاعات ومراجعة عقودها لأن أغلبها أبرمت في عهد الاستبداد والتي على ما يبدو لم تكن في صالح الدولة التونسية وإنما في صالح الشركات الأجنبية وأيضا التونسية الخاصة». وأضاف الشواشي «وطالبنا بضرورة معرفة حجم الإنتاج وعائداته وتحسين مجالات استغلال الثروات الطبيعية فأدى هذا الضغط إلى إعلان يوسف الشاهد في ماي 2017 -وهناك تسجيل لتصريحه- إلى تكوين لجنة على رأسها شخصية محايدة للتدقيق في الثروات الطبيعة». وبيّن الأمين العام للتيار الديمقراطي أنّ «الرسالة التي تم توجيهها ليوسف الشاهد لا علاقة لها بالإقالات وإنّما هي تذكير باللجنة التي أعلن عن إحداثها ولم تحدث لليوم والتساؤل عن أسباب ذلك». وأضاف «لو أحدثت اللجنة لما كانت اليوم الحكومة تكتشف صدفة استغلال حقل نفط دون الإجراءات القانونية ودون علم الدولة وهذا يدل على أن هذا القطاع لا توجد به حوكمة ولا شفافية ولا حسن تسيير وأن الدولة غير مالكة لجميع ملفات هذه القطاعات». وقال غازي الشواشي «اكتشفنا وفق تسريبات أنّ هناك تقريرا للهيئات الرقابية الثلاث بعنوان سنة 2014 يحتوي على خروقات وتجاوزات وسوء تصرف في قطاع الثروات الطبيعية وهو ما نطالب بكشفه ونشره وهذا دليل على غياب الشفافية أمام الرأي العام والمجتمع المدني ومع الإعلام». وأفاد الشواشي أيضا أنّ «المعركة التي دخلها يوسف الشاهد بخصوص الإقالات ستكشف حقيقة هذه الملفات إن كانت بتعلة محاربة الفساد أم بفبركة الملفات، نحن جميعا ندعم الحملة على الفساد ولكن يجب أن تكون حربا حقيقية تعتمد على القضاء المستقل وليس على الملفات الثانوية وتوظيفها لأغراض شخصية في علاقة بالانتخابات وفي علاقة بصراعات داخل الحزب الأغلبي».