أحدثت الإعفاءات التي قرّرها رئيس الحكومة يوسف الشاهد في علاقة بالتجاوزات التي وقع كشفها في استغلال حقل نفط منذ سنوات دون رخصة قانونية ضجّة كبرى واختلفت ردود الفعل حولها. تونس الشروق: وانقسمت الآراء في هذا الملف بين من ثمّنوا ما أقرّه رئيس الحكومة وطالبوا بضرورة أن يتكفّل القضاء بهذا الملف بشكل جدّي، ومن شكّكوا في ما قام به الشاهد واعتبروه «تصفية حسابات شخصية». حسابات سياسية نائبة البرلمان عن حركة نداء تونس ورئيسة لجنة التحقيق في شبكات التسفير الى بؤر التوتر، هالة عمران قالت «إن الاجراءات الاخيرة التي اتخذها السيد رئيس الحكومة يمكن ان تفهم وان تنزل في اطار ما يسمى بمحاربة الفساد كما يريد، وله ذلك اذا قدم للشعب التونسي الاسباب والتفاصيل مدعوما بالمؤيدات والبراهين والا فانها تعتبر حسابات سياسية وشعبوية فضفاضة مفضوحة يذهب ضحيتها من لا ناقة ولا جمل لهم او من لم يعط فروض الولاء والطاعة». واعتبرت هالة عمران أن تونس تمر بمرحلة مفصلية، فإما الإصلاح او الفساد او الدكتاتورية. وأضافت هالة عمران "نثمن اي خطوة جدية لمحاربة الفساد الذي ينخر الدولة من بابها الى محرابها خاصة وان تشمل هذه الحرب الحكومة نفسها ويبقى ذلك رهين الابتعاد عن السياسة الانتقائية على ان تشمل هذه الحرب الدائرة المقربة للسيد رئيس الحكومة التي تحوم حولها العديد من الشبهات والجدل مع التأكيد على ضرورة الاثبات وتقديم المؤيدات والحقيقة الكاملة في اطار القانون والا ستصبح حرب تكسير العظام التي تأتي على الاخضر واليابس ". وثيقة قرطاج وشدّد المكلف بمكتب الاعلام في حزب نداء تونس، منجي الحرباوي أن يوسف الشاهد لم يستشر الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج قبل اتخاذه لهذه الإجراءات، مشيرا الى أن وثيقة قرطاج نصت في فصولها على أهمية وجود وزارة الطاقة باعتبار أهميتها الاستراتيجية في مجال المناجم وانتاج النفط وتوريده اضافة الى توفير العملة الصعبة، وأكد الحرباوي أن قرار الشاهد يتضمن خرقا لاتفاق سابق ورد بالوثيقة. واعتبر منجي الحرباوي أن الشاهد بحث عن ضحية من أجل تلميع صورته، لكن الحكومة ككل فقدت لحمتها ومصداقيتها بهذا القرار. تحجير السفر أما الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي فشدد على ضرورة اتخاذ السلطة القضائية المتعهدة بقضايا فساد في قطاع الطاقة، الاجراءات الضرورية والمستعجلة وخاصة تحجير السفر وتجميد ممتلكات كل الاشخاص المتورطة من بعيد او قريب في تلك القضايا. وأشار الشواشي الى ان حزب التيار طالب منذ اربع سنوات كل الحكومات المتعاقبة بتكوين لجنة محايدة من الخبراء المتخصصين للتدقيق في ثروات تونس الطبيعية وفي العقود والشراكات المتعلقة بها وفي مدي حوكمة هذا القطاع وحسن استغلاله واستثماره لفائدة اقتصادنا ولكن لم تستجب الحكومات لطلبه . حنكة سياسية أما نائب المجلس الوطني التاسيسي، رابح الخرايفي فشدد على ان قرار رئيس الحكومة مكّن الشاهد من استرجاع المبادرة السياسية واصبح هو محور العملية السياسية فلا التغيير الحكومي ولا تاجيل الانتخابات ولا تقرير الحريات الفردية مازالت من اهتمام الاعلام والساسة . واعتبر الخرايفي أن في ضم الوزارة التي وقع حذفها الى وزارة أخرى، حنكة سياسية ودهاء، يُجنّب الشاهد الرجوع للبرلمان. وأشار الخرايفي الى ان وزير الطاقة محسوب على الاتحاد العام التونسي للشغل, وفي هذا رسالة للاتحاد مفادها أن هناك من جماعته، من تورط في ملف فساد. واضاف الخرايفي ان الشاهد عاد الى محاربة الفساد من ملف الطاقة باعتباره ملفا شديد الحساسية ويتضمن خروقات عدة. التحقيق سيكشف كوارث اكبر أما نائب كتلة الائتلاف الوطني، الصحبي بن فرج فاعتبر ان القضية التي كشفتها رئاسة الحكومة تتعلّق بفساد بمئات المليارات وربما آلاف المليارات في وضع اقتصادي عصيب. وأضاف الصحبي بن فرج أن رئاسة الحكومة كشفت عن العمل في هذا الحقل والاستعداد لاستخراج نفطه وتسويقه، خارج الصيغة القانونية منذ 2011 بعد انتهاء مدة التعاقد بين الدولة التونسية والمؤسسة الخاصة صاحبة الحق في الاستكشاف ثم الاستغلال ..واعتبر ان الادهى من كل هذا أن هذا الملف يتجول في أروقة ومكاتب وإدارات وزارة الطاقة بصفة عادية والجميع كانوا على علم به. وتوقع الصحبي بن فرج ان يؤدي التحقيق المعمق في ملفات المناجم والطاقة الى اكتشاف كوارث أخطر وأكبر، وأشار الى وجود قطاعات كاملة خارج سيطرة الدولة، ومئات المليارات تذهب سنويا الى غير مكانها لتمويل دولة أخرى خارج الدولة وضد الدولة.