رغم تعودنا من وزير حرب الكيان الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان إطلاق التصريحات النارية التي يتوعد فيها بالويل والثبور سواء الفلسطينيين أو من يسميهم ب"أعداء إسرائيل" الآخرين، إلا أن ما صدر عنه بالأمس من تلويح بمهاجمة قطع عسكرية للاشتباه في أنها إيرانية في العراق على غرار ما فعلته قواته في أكثر من مناسبة في سوريا إلى حد الآن، يعد موقفا على درجة كبيرة من الخطورة باعتبار النتائج غير محسوبة العواقب التي ستؤدي إليها في حال وضعه موضع التنفيذ. تلويح على درجة كبيرة من الخطورة لأن إقدام تل أبيب على مثل هذا العمل وهذه المغامرة المتهورة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى مزيد صب الزيت على النار في منطقة هي ملتهبة أصلا، ويمكن القول يقينا أنه سوف يقابل على الفور بردود فعل عسكرية مماثلة أو ربما أكثر جرأة وحدّة سواء من جانب العراق كدولة ظلت إلى حد الآن بعيدة عن الصراع المباشر معها، أو من جانب طهران التي تناصبها عداء مستحكما منذ الثورة التي أطاحت بنظام الشاه رضا بهلوي. غير أن هذا التلويح من جانب الوزير المتطرف والمعادي للسلام ليبرمان يفضح في نفس الوقت مستوى التخبط والإحباط اللذان باتت تعاني منهما القِيادتان السياسية والعسكرية في إسرائيل في ضوء فشل كل مساعيهما وخططهما لتحجيم تمدد النفوذ والتواجد الايراني العسكري والسياسي المتنامي في المنطقة واقترابه بصورة لافتة من حدود فلسطينالمحتلة عام 1948... فشل تؤكده عدم فاعلية كل الضربات الصاروخيّة والغارات الجوية التي شنتها قوات هذه الكيان المتمرد على الشرعية الدولية وقراراتها على أهداف عسكرية داخل سوريا في إخراجِ القوات الإيرانية والتي جاءت نتائجها معاكسة تماما إذ تمكنت الدفاعات الجوية السورية من التصدي لعدد كبير منها. فاليوم، وهذا ما لا تريد القيادات في تل أبيب الاعتراف به، لم تعد موازين القوى في المنطقة كما كان عليه الحال في السابق من اختلال واضح لصالح الكيان الاسرائيلي، ولم يعد جيشها تلك القوة التي لا يمكن قهرها، وآن الأوان لإقرارها بالواقع ووضعه في الحسبان.