أثارت مشاركة النجم السينمائي الفرنسي جيرار ديبارديو في فيلم جزائري جدلا كبيرا لعدة اعتبارات من بينها ما له علاقة بطبيعة الشخصية التي يقدمها ديبارديو في الفيلم ومن بينها ما له علاقة بمواقف النجم الفرنسي أضف إلى ذلك التهمة التي وجهها له مؤخرا القضاء الفرنسي بالإغتصاب. ويجسد الممثل الفرنسي المعروف في الفيلم دور الداي حسين باشا. والداي حسين هو آخر دايات الجزائر في عهد الدولة العثمانية الذي دام أكثر من ثلاثة قرون، وقد حكمها من 1818 حتى احتلال فرنسا للجزائر في 1830. أما أحمد باي بن محمد الشريف فقد كان آخر حاكم في العهد العثماني لقسنطينة في شرق الجزائر العاصمة وعرف بمقاومة الاستعمار الفرنسي حتى سقوط المدينة في 1837. وقد زار دوبارديو الجزائر هذا الاسبوع لتصوير مشاهده في الفيلم وقد قوبلت الزيارة بردود افعال غاضبة عبر عنها أصحابها بالخصوص عبر مواقع التواصل الإجتماعي ولا سيما الفايسبوك وتويتر. وأغلب المحتجين يلومون المسؤولين الجزائريين على منح الفرصة لهذا الممثل لتجسيد دور الداي حسين الذي اشتهر ب"حادثة المروحة" عندما ضرب الداي القنصل الفرنسي في 1827 والتي اعتبرها المؤرخون سببا غير مباشر لاحتلال الجزائر. كما اعتبروا أنه ليس من اللائق تشريك الممثل الفرنسي في فيلم جزائري قبل أن تثبت براءته من تهمة الإغتصاب مع العلم أن الزيارة للجزائر تتزامن مع فتح النيابة العامة في باريس تحقيقا في شكوى تقدمت بها ممثلة تتهم فيها دوبارديو باغتصابها، الأمر الذي نفاه محامي النجم. ولا تقف الانتقادات عند ذلك بل ركز الكثيرون على مواقفه السياسية فديبارديو لا يخفي تعاطفه مثلا مع إسرائيل، وقد قام بزيارات متكررة إلى الكيان الصهيوني، كما أنه اشتهر بربط علاقات قرب مع الحكام الديكتاتوريين في العالم، وهو ما اعتبره البعض فضيحة، لأن الفيلم ممول من وزارة الثقافة الجزائرية. وما إن أعلن عن منح الممثل الفرنسي دور الداي حسين في فيلم أحمد باي حتى سارع عدد من المشتغلين في الحقل السينمائي بالتعبير عن استيائهم واستغرابهم من ذلك فقد صرح مثلا محمد علال الصحفي والمدير الفني لمهرجان الفيلم العربي بوهران قائلا:"إن إسناد الدور إلى ديبارديو فضيحة مدوية"، مؤكدا على صفحته بموقع "الفايسبوك" أن الممثل ديبارديو موجود في الجزائر، وأنه هرب من القضاء الفرنسي.. واستغرب أغلب المتحدثين الجزائريين من منح دور الداي حسين وهو صاحب الملامح العربية إلى ممثل فرنسي لا يشبه الشخصية ولا يمت لها بصلة. ولا يشاطر صناع الفيلم مواقف المحتجين إذ تعتبر منتجة فيلم "أحمد باي" سميرة حاج جيلاني هذه التهم لا منطقية مؤكدة أن حضور دوبارديو يعطي قيمة مضافة للعمل و"دوره أساسي في الفيلم"، وفق تصريحاتها للإعلام حول الغرض. وقد أكدت هذا الموقف بقولها:"أنا أتحمل مسؤولية هذا الاختيار وكل الانتقادات لا تستند إلى أي أساس وهي بعيدة كل البعد عن السينما بل هي هجمات شخصية يقف وراءها أشخاص كانوا يتمنون المشاركة في الفيلم". ورفضت المتحدثة وفق ما نقلته عنها وكالات الأنباء العالمية الكشف عن ميزانية الفيلم، مكتفية بالقول إنه ممول بنسبة 50% من وزارة الثقافة، ويشرف على إخراجه الإيراني جمال شورجه، في إطار اتفاق جزائري- إيراني في المجال الثقافي. وقد دافع وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي من جهته في تصريحات نقلتها صحيفة "الوطن" الجزائرية عن اختيار دوبارديو للمشاركة في فيلم أحمد باي وتجسيده لشخصية الداي حسين معتبرا أنه "سيعطي طابعا دوليا للفيلم" ومشيرا إلى أن الممثل "صديق وله مواقف هامة تساند الجزائر". جدير بالذكر أن عملية تصوير فيلم أحمد باي انطلقت في الأسبوع الأول من شهر أوت المنقضي في المدينة السينمائية بالجزائر ويصور الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار رابح ظريف جزءا من حياة 'أحمد باي' (1786-1850) حاكم الشرق الجزائري في العهد العثماني أو ما يعرف ب 'بايلك الشرق' من 1826 غاية سقوط قسنطينة أمام الاحتلال الفرنسي في 1837. وقد قاد أحمد باي مقاومة شرسة ضد الاحتلال الفرنسي، وحتي بعد سقوط قسنطينة، فر إلى الصحاري وبقي يحث على المقاومة والثورة إلى أن ضعفت قواه، وسلم نفسه، فنقل إلى الجزائر العاصمة ووضع في الإقامة الجبرية إلى أن وافته المنية في 1951. وقد أظهرت الصحافة الجزائرية اهتماما خاصا بتجربة التعاون السينمائي الجزائريالإيراني وشددت على أن العلاقات الثقافية الإيرانيةالجزائرية في المجال السينمائي عرفت انتعاشا ملحوظا في السنوات الأخيرة، والدليل على ذلك اختيار إيران ضيفة شرف في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي وتكريم المخرج الراحل عباس كيارستمي بالجزائر في السنة الماضية، وكذلك مشاركة المخرجة الإيرانية رخساره قائم مقامي في أيام الفيلم الملتزم وفوزها بجائزتين عن فيلمها 'سونيتا'، وذلك فق ما نقله أحد المواقع الجزائرية. وتجدر الإشارة إلى أن الممثل الجزائري محمد الزاوي يجسد شخصية أحمد باي وأن الفيلم من المنتظر أن يكون جاهزا في شهر ماي المقبل.