في انتظار حسم مجلس النواب بعد العودة البرلمانية المرتقبة بداية شهر اكتوبر المقبل، في مسألة انتخاب رئيس جديد للهيئة وايضا في مسألة تعويض ثلث تركيبة مجلسها المركزي بانتخاب ثلاثة أعضاء جدد، لا تزال الخلافات الداخلية داخل الهيئة المستقلة للانتخابات، وايضا تردد الطبقة السياسية والكتل البرلمانية في وضع حد للاشكاليات القانونية والتشريعية المتراكمة داخل الهيئة والفراغات على مستوى التسيير، تحجب الرؤية وتزيد من ضبابية المسار الانتخابي المتبقي للإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019. فعلى مستوى مكتب مجلس النواب، فشل الأخير في اجتماعه الخميس الماضي في وضع روزنامة واضحة لحل الاشكاليات العالقة على مستوى هيئة الانتخابات، إذ لم يتم الاتفاق على عقد جلسة عامة لانتخاب الرئيس أو لانتخاب الأعضاء الثلاثة الجدد المعوضين للأعضاء المغادرين عبر القرعة (أنور بن حسن، رياض بوحوش، ونجلاء براهم)، بوجود اعتراض من داخل بعض الكتل البرلمانية على تقديم جلسة انتخاب الرئيس وتمسكها بعقد جلسة عامة لانتخاب أعضاء جدد في تركيبة مجلس الهيئة.. والعكس صحيح. ولا جدال في أن ما تشهده الساحة السياسية والبرلمانية من حراك ناجم عن صراع سياسي لم يعد خافيا على الراي العام (إحداث كتلة جديدة تدعم ضمنيا بقاء بوسف الشاهد في الحكم + استقالة 8 نواب من كتلة نداء تونس والتحاقهم بالكتلة الجديدة + تلويح قياديين بنداء تونس بالتخلي عن الحكومة وإنهاء التوافق مع حركة النهضة والانضمام إلى المعارضة)... كل ذلك قد يكون دافعا لصراع حاد وتوتر منتظر داخل قبة البرلمان محوره انتخابات 2019 مع وجود نزعة لدى بعض السياسيين لعرقلة المسار الانتخابي عن طريق تعمد الابقاء على الشغورات والاخلالات المتراكمة داخل الهيئة كما هي دون حل أو تعويض، في محاولة لتأجيل الانتخابات، علما ان ملفات أخرى في علاقة بالمسار الانتخابي ما تزال قيد الرفوف مثل المصادقة على مشروع ميزانية الهيئة للعام المقبل.. أما على مستوى الوضع الداخلي بهيئة الانتخابات، فيعتبر على مستوى التسيير القانوني والإداري غريبا واستثنائيا خاصة بعد ابقاء غالبية أعضاء مجلس الهيئة على رئاسة مؤقتة لمحمد المنصري تمتد إلى غاية 15 اكتوبر المقبل، وهو الذي أعلن استقالته رسميا من رئاسة الهيئة قبل اكثر من شهرين. أما نائب الرئيس الحالي عادل البرينصي الذي يشغل هذه الخطة منذ عام تقريبا فهو في وضع المجمد... فلا هو يمارس مهامه كنائب رئيس على اعتبار أن بعض اعضاء الهيئة يرون أن المنصري لم يفوض له صلاحياته قبل تقديم استقالته، وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل وجوده، على اعتبار أنه يعتبر نفسه منتخبا بالأغلبية في الخطة ويعتبر قانونيا مؤهلا لممارسة صلاحياته بعد أن قدم رئيس الهيئة رسميا استقالته المفاجئة. عموما هناك اختلاف في التأويل والتأويل المضاد لأعضاء الهيئة في ما يتعلق بقانونية الابقاء على رئيس هيئة مستقيل مع تمتيعه بصلاحية تصريف أعمال إلى غاية 15 اكتوبر المقبل وفقا لما أقره غالبية أعضاء مجلس الهيئة في آخر اجتماع لهم مطلع الأسبوع الماضي، وأيضا في الطعن في صلاحيات نائب الرئيس الحالي الذي يعتبر نفسه، وفقا لتصريح ل»الصباح»، شاغلا لخطة نائب الرئيس ما لم يقدم استقالته منها، مشددا على أنه لن يفكر في الاستقالة من منصب نائب الرئيس الا بعد انتخاب رئيس جديد للهيئة، مستغربا تصريح زميله في مجلس الهيئة أنور بن حسن الذي أكد أن مجلس الهيئة سيقوم بانتخاب نائب رئيس في صورة عدم انتخاب رئيس جديد في الموعد المحدد. ونفى البرينصي أيضا وجود اجماع على ترشيح نبيل بفون في خطة رئيس جديد للهيئة وفقا لما صرح به بن حسن على راديو «موازييك» أول امس الثلاثاء. مشددا على أنه لا يمكن قانونا اعادة انتخاب نائب رئيس للهيئة في صورة عدم وجود رئيس للهيئة.. قياسا بما حصل عند استقالة الرئيس الأسبق للهيئة شفيق صرصار الذي قام بتسليم بعض صلاحياته إلى نائب الرئيس آنذاك انور بن حسن الذي تولى قيادة الهيئة والإشراف على الانتخابات الجزئية بألمانيا التي جرت في ديسمبر 2017. يذكر ان قرعة انتخابات تجديد ثلث الثاني من أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات التي أقيمت يوم 23 نوفمبر 2017 بمقر الهيئة الفرعية بتونس، أفرزت عن سحب كل من أنور بن حسن ورياض بوحوش ونجلاء براهم لترشحاتهم. يذكر ايضا أن محمد المنصري قدم استقالته من رئاسة الهيئة مطلع جوان 2018 في حركة مفاجئة بعد أسابيع قليلة من قرار مجلس الهيئة المنعقد بتاريخ 28 ماي 2018 اعفاءه من رئاسة الهيئة بناء على الفصل 15 من القانون الأساسي لهيئة الانتخابات الذي يسمح لمجلس الهيئة بإعفاء رئيس الهيئة أو أحد أعضاء المجلس في صورة ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بتهمة ارتكاب اخطاء فادحة.. وكان أنور بن حسن عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد صرح في برنامج ميدي شو الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 إنّ مجلس الهيئة قرّر اعتبار رئيس الهيئة المستقيل محمد التليلي المنصري رئيسا لتصريف الأعمال إلى غاية 15 أكتوبر القادم. وأضاف أنّه في حال لم يقم أعضاء مجلس النواب باختيار رئيس جديد سيقوم مجلس الهيئة بانتخاب رئيس بالنيابة، متابعا أنّهم اقترحوا أسماء لخلافة المنصري لكن «نبيل بفون هو المرشح الذي اتفق عليه كلّ أعضاء المجلس لتولّي رئاسة هيئة الانتخابات».