بقلم: مبروكة وديرة محرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية - تواصل «الصباح» نشر الجزء السادس من الدراسة القانونية»قانون الانتزاع من أجل المصلحة العمومية بين هاجس النجاعة واحترام الضمانات» بقلم المحرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية مبروكة وديرة.. فماذا عن الآثار التي تقتضي إجراءات خاصة؟ خلافا لانتزاع عقار غير مسجل، فان انتزاع عقار مسجل يستوجب إجراءات خاصة لترتيب آثاره لعل أبرزها ترسيمه بالسجل العقاري وفق ما تقتضيه احكام الفصل 373 من م ح ع الذي بين أن الأمور الآتية يجب إشهارها بطريق الترسيم برسم الملكية: ...جميع الصكوك والإنفاقات..، إعمالا لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم الوارد بالفصل 305 من م ح ع القائل أن»كل حق عيني لا يتكون إلا بترسيمه بالسجل العقاري وابتداء من تاريخ ذلك الترسيم» وطالما أن أمر الانتزاع يعد صكا إداريا، يستوجب الترسيم لتترتب آثاره ،عملا بالأحكام المشار إليها، مما يوجب بداهة إخضاعه لعملية التحقيق إعمالا لمبدأ الشرعية الذي اقتضته احكام الفصل 389 وما يليه من م ح ع، فهل أبقى المشرع على تلك المبادئ فيما يتعلق بإجراءات ترسيم أمر الانتزاع بالسجل العقاري؟ فقد اقتضت أحكام الفقرة الثانية من الفصل 26 من قانون الانتزاع ان طلب ترسيم امر الانتزاع بالسجل العقاري يتم بسعي من المنتزع وبعد الإدلاء بملف يتضمن نسخة من أمر الانتزاع وما يفيد تامين الغرامة الوقتية لفائدة المالكين مع مثال التجزئة النهائي في صورة الانتزاع الجزئي. ولئن كان ملف الترسيم لا يثير ملاحظات خاصة من هذه الناحية ، فان عملية الترسيم ذاتها قد تثير أكثر من تساؤل. فقد نصت الفقرة الأولى من الفصل 26 صراحة على ان»أمر الانتزاع يرسم بالسجل العقاري بقطع النظر عن عدم تطابق الأسماء بين بيانات أمر الانتزاع وبيانات الرسم العقاري». ما يجعل أمر الانتزاع مستوجب الترسيم دون التفات إلى عدم تطابق الأسماء بين بيانات الأمر وبين بيانات الرسم، بمعنى ان لا مانع من شانه أن يحول دون إتمام عملية الترسيم طالما ليس بوسع إدارة الملكية العقارية إعمال او تفعيل مبدأ الشرعية في هذه الحال، فأمر الانتزاع يرسم آليا، ما يدل على ان مشرع 2016 آثر النجاعة ومصلحة الجهة المنتزعة على احترام الشرعية والمبادئ القانونية. بخلاف توجه قانون 1976 (في صيغته الاولى) حيث كان يوجب لترسيم أمر الانتزاع ان تكون اسماء المالكين والبيانات الواردة بامر الانتزاع مطابقة للتنصيصات المقابلة لها بالرسوم العقارية، قبل ان يتم العدول عن ذلك التوجه سنة 2003(فصل 36) ليصبح»الترسيم بقطع النظر عن عدم تطابق الاسماء بين بيانات امر الانتزاع وبيانات الرسم العقاري، بشرط الادلاء بجدول الاصلاح عند الاقتضاء. وهو ما لم تقتضيه احكام القانون الجديد، بمعنى ان امر الانتزاع وفق أحكام القانون الجديد، ..يرسم دون حاجة لاستصدار جدول اصلاح على الرغم من وضعية عدم التطابق. ما يؤشر على ان نص 2016 يكرس هيبة وامتيازات الجهات المنتزعة عند التعامل على السجل العقاري. ويتأكد ذلك من خلال احكام الفصل العاشر فيما يتعلق باثر الانتزاع الناقل للملكية حيث اقتضى صراحة انه»تنتقل الملكية الى المنتزع بمفعول الانتزاع بقطع النظر عن جميع الوضعيات والحالات الاستحقاقية». بمعنى أنه على الرغم مما يمكن ان يبرز من معطلات وموانع بمناسبة دراسة مطالب الترسيم إعمالا للمبادئ القانونية التي تحكم مادة الإشهار العقاري، وتستوي في ذلك ملفات مطالب ترسيم أوامر الانتزاع المتعلقة بالعقارات المسجلة الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم او أو غير الخاضعة وبالتالي تصبح الاشارة الى احكام الفصل 305 من م ح ع لا مبرر لها. وتتاكد تلك النتيجة من خلال احكام الفقرة الثانية من الفصل العاشر بشان المفعول التطهيري لامر الانتزاع التي اقتضت ان»تطهر كافة الحقوق العينية الموظفة على العقار المنتزع.... وينتقل مفعولها على المبالغ المؤمنة بعنوان غرامة الانتزاع بمجرد صدور امر الانتزاع...» ما يجعل من الجائز القول ان توجه المشرع في ترتيب اثر نقل الملكية والمفعول التطهيري لامر الانتزاع قد الغى التفرقة التقليدية بين نظام العقارات المسجلة وغير المسجلة طالما جعل تلكما الاثرين متماثلين في كلا النظامين(ترتيب آلي دون معطلات ولا موانع) وبنص واحد..