بقلم: مبروكة وديرة محرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية - تواصل»الصباح» نشر الجزء الخامس من الدراسة القانونية « قانون الانتزاع من أجل المصلحة العمومية بين هاجس النجاعة واحترام الضمانات» بقلم المحرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية مبروكة وديرة.. فما هي آثار أمر الإنتزاع؟ تترتب عن أمر الإنتزاع عدة آثار منها ما تنتج بمجرد إشهاره ومنها ما تقتضي إجراءات خاصة. 1) الآثار الناجمة عن إشهار أمر الانتزاع: اقتضى الفصل 24 من قانون الانتزاع أن يوجه المنتزع نسخة من أمر الانتزاع فور صدوره مصحوبة بنسخة من مثال التجزئة النهائي أو نسخة من المثال النهائي حسب الحالة إلى الوالي المختص ترابيا وذلك لتعليق نص الأمر بمقر كل من الولاية والمعتمدية والبلدية والإدارة الجهوية لأملاك الدولة والشؤون العقارية، للعموم لمدة شهر ويتم الإعلام بذلك بواسطة وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة. وعلاوة على إجراء التعليق والإعلام يتولى المنتزع توجيه للمنتزع منهم وكذلك أصحاب الحقوق المتعلقة بالعقار المشهرين بحقوقهم مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ لتعريفهم بقيمة الغرامة الوقتية. ويترتب عن ذلك واجب حضور المالك أو المالك المحتمل لتقديم حجج ملكيته للعقار المنتزع وتعريف الوالي أو المنتزع بأسماء المكترين وأصحاب الحقوق الموظفة على العقار المنتزع(16). ويشار في هذا الإطار الى ما ترتبه احكام الفصل التاسع (9) من قانون الانتزاع فيما يتعلق بالإمكانية المخولة للمالكين أن يعرضوا على الجهة المنتزعة شراء باقي الأجزاء (غير المنتزعة) إذا صارت بمفعول الانتزاع غير قابلة للاستغلال. وقد اشترط لذلك ان يكون الطلب كتابة وان يقدم في اجل شهر من تاريخ الإعلام المنصوص عليه بالفصل24. ظاهر الفصل التاسع يبدو وأنه يوفر حقا وضمانة للمنتزع منه لإحالة باقي الأجزاء التي صارت بمفعول الإنتزاع غير قابلة للإستغلال. ولكن هل توفرت لهذا الحق الضمانات الكافية لتفعيله؟ فماذا بوسع المالك ان يفعل لو رفضت الجهة المنتزعة عرض الشراء؟ واضح ان النص لم يتعرض الى هذه الفرضية ومن ثم فانه يكرس حرية التقدير للجهة المنتزعة لتقرر ما تراه. وكان يتعين التنبه الى هذه المسالة حماية لحقوق المنتزع منه ، بتمكينه مثلا في تلك الحال من الالتجاء الى القضاء قصد إلزام الجهة المنتزعة بشراء الأجزاء الباقية، قياسا على ما تم اعتماده في وضعيات مشابهة (17). ما يؤكد توجه واضع النص لإيثار مصلحة الجهة المنتزعة على حقوق وضمانات المنتزع منه – المالك. كما تترتب عن صدور أمر الانتزاع بالرائد الرسمي عدة آثار مباشرة لعل من أهمها نقل ملكية العقار غير المسجل إلى الجهة المنتزعة دونما حاجة إلى إجراءات خاصة، ويكفي لذلك أن يكون أمر الانتزاع مرفقا بوصل تأمين الغرامة وبالمثال النهائي للأجزاء المنتزعة. كما تنطلق آجال القيام بدعوى تجاوز السلطة وفق ما تقتضيه أحكام الفصل 37 من قانون المحكمة الإدارية. وينجر عن صدور أمر الانتزاع بدأ سريان أمد القيام بدعوى استرجاع العقار المنتزع على معنى أحكام الفصل41 من قانون الانتزاع الذي أورد أنه»إذا لم تستعمل العقارات المنتزعة لإنجاز المشروع المنصوص عليه بأمر الانتزاع خلال أجل قدره خمس سنوات من تاريخ أمر الانتزاع جاز للمالكين السابقين أولمن انجرت لهم حقوق أن يطلبوا استرجاعها ما لم يتم الإتفاق على خلافه وذلك بشرط أن يقدموا مطلبا كتابيا للمنتزع في بحر السنتين المواليتين لانقضاء الأجل المشار إليه وإلا سقط حقهم». وواضح من أحكام هذا الفصل أن صحة القيام بدعوى الاسترجاع تستوجب توفر شروطا خمسة: الأول: مرور أجل خمس سنوات دون إنجاز المشروع المنصوص عليه بأمر الانتزاع. الثاني: عدم وجود اتفاق يحول دون طلب الاسترجاع. الثالث: أن يحرر مطلب كتابي في الغرض. الرابع: أن يقدم المطلب في أجل سنتين من انقضاء أمد خمس سنوات. الخامس: أن لا يكون موضوع شراء بطلب من المالك على معنى الفصل 9من قانون الإنتزاع والملاحظ أن اشتراط عدم الاتفاق على خلاف المطلب يثير أكثر من تساؤل، وخاصة ما إذا كان بإمكان الإدارة على الأقل من الناحية الأخلاقية القيام بذلك ، وهي التي يفترض فيها القيام بإجراء الإنتزاع من أجل تنفيذ مشروع عمومي أملته المصلحة العامة والنفع العام. وطالما أن لا نية لجهة الإدارة لإنجاز المشروع فمن باب أولى أن لا تقدم على انتزاع العقار وإلا اعتبر ذلك انحرافا صريحا بالسلطة والإجراءات. ويتضح مما سلف أن المشرع قد أحاط إمكانية استرجاع العقار في حال عدم استعماله، بجملة من الشروط – الموانع التي من شأنها أن تضيق على المالك ممارسة حق الإسترجاع ما يؤكد توجه قانون الإنتزاع الجديد لتغليب مصلحة الجهة المنتزعة على حساب حقوق مالك العقار، حتى في حال انتفاء موجب الإنتزاع، بدليل ما تضمنه الفصل43 الذي تضمن أنه»لا يمكن للمنتزع منه طلب استرجاع جزء منتزع من عقار إذا ثبت أنه لم يعد مالكا بالجزء غير المنتزع منه». فهل يتعين على المالك البقاء في حالة الشيوع مع الجهة المنتزعة، وماذا لو كان المالك مالكا في أجزاء مفرزة أو تم استخراج مناباته، وماذا عليه لو لم يبق مالكا لباقي الأجزاء ؟ فهل من شأن ذلك أن ينفي عنه صفة المالك السابق؟ يبدو أن نص الفصل 43 من القانون الجديد يؤسس للتعسف في استعمال الحق من قبل الجهة المنتزعة، وبالنتيجة فإن أحكام هذا الفصل تتعارض مع قاعدة الفصل 558 من م إ ع القائلة «أن من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل»فإذا كان بإمكان المالك – حسب قراءة عكسية للنص – استرجاع جميع العقار (في صورة انتزاع كامل العقار) فمن باب أولى أن يكون بإمكانه استرجاع جزء منه بصرف النظر عن بقائه مالكا من عدمه والعبرة بصفة المالك – لا محالة - في تاريخ الإنتزاع. (...يتبع)