أعرف الفاضلين منذ سنوات من خلال أعمالهما في مجال المسرح أو عبر بعض اللقاءات الخاطفة التي جمعتني بهما في بعض وسائل الإعلام.. ويمكنني الادعاء بان متابعتي لما يقترحانه وما يطرحانه من رؤى تمكنني من ابداء الرأي في جانب مما تتسم به شخصية كل منهما وما يأتيانه من تكتيكات للوصول إلى أهدافهما. أصداء الماضي.. صداع الحاضر أوضح من البداية بان مقاربة اليوم لا تتعلق أساسا بما قدمه هذان المبدعان من أعمال نالت ما تستحق من متابعة وتعاليق وقراءات نقدية في الابان ولكني اردتها قراءة خاطفة في التعاطي أسلوبيا مع متطلبات الترويج لمقترحات الرجلين. اذ لا يخفى مثلا عن المتابعين لمسيرة فاضل الجزيري تخليه في السنوات الأخيرة عن الأعمال المسرحية لفائدة أنشطة أخرى لاقت ردود فعل متنوعة. فقد اختار في المواسم الأخيرة العودة الى الموروث من خلال استغلاله للإنشاد الصوفي والعمل على تطويره مشهديا فقط من خلال مسرحة العرض وادخال حركية جديدة على هذا النوع من الأعمال التي كانت تعتمد على نمطية الاداء والحركة في الان.. وقد لاقى هذا الفعل التجديدي و»الترميمي» لأعمال السابقين الكثير من الاستحسان وقُدم على أكبر مسارحنا.. وقد دفع هذا النجاح بالجزيري كي يواصل التجربة ومر من «الحضرة1» الى «الحضرة2» و»الحضرة3».. ولست أدري إلى أي رقم ستصل هذه السلسلة التي يمكنها ان تعمر بالقدر الذي يريده لها صاحبها! في الحقيقة فاضل شبح على غرار الموسيقيين الذين قاموا في غياب الابداع الجديد بتجمير الأعمال الموسيقية الغنائية السابقة من خلال ما يسمونه «إعادة التوزيع» تحت غطاء التجديد وتقريبها من آذان الأجيال اللاحقة! قد يبدو هذا التوجه إيجابيا من حيث المبدأ اما عندما يتحول الامر الى ممارسات متكررة فانه يصبح علامة عجز عن الاتيان بالجديد ومقارعة النجاحات السابقة بما يوازيها او يفوقها من الاعمال اللاحقة.. الجزيري انغمس في هذا التمشي.. وها هو اليوم يستعد للعودة الى المسرح بمسرحية «كاليغولا» لألبار كامو.. هذه المسرحية سبق ان قدمتها الفرقة البلدية للتمثيل بإدارة المرحوم علي بن عياد الذي عرفت على يديه تلك الفرقة مرحلة من اخصب وأفضل المراحل في مسيرتها وذلك دون التقليل مما أنجزته على أيدي من سبقوا ومن لحقوا من رجالات كانت لهم بصماتهم وخلفوا الأثر الطيب ايام كان المسرح البلدي قبلة العائلات التونسية! أعرف أن العودة إلى «كاليغولا» قد تندرج ضمن العودة الى التذكير بصيغة من الصيغ بالمسرح الكلاسيكي وإن بالتصرف نصا وروحا بما يضفي على العمل مسحة جديدة!.. ولكن السؤال الأكبر والملح يظل قائما: لماذا هذه العودة الى نص قدم ووقع استهلاكه في ظروف موضوعية بوأته مكانة الريادة.. ولكن الزمن غير الزمن والاجناس المسرحية تعددت وتنوعت والابقى منها للمجتهدين بقطع النظر عن الانماط المختارة على غرار حافظ خليفة وانور الشعافي وغيرهما من المسرحيين المجددين شكلا ومضمونا.. فما عساه يتحفنا به فاضل في قادم الايام بعد مسرحية «كاليغولا»؟.. وهل يعود مثلا الى مسرحيتي «راشومون» و»بيت برناردا آلبا» على سبيل المثال وهما من ارث فرقة بلدية تونس؟!.. فاضل.. والكلام «الفاضل»! أما الفاضل الثاني وأقصد المخرج فاضل الجعايبي فقد شد الاهتمام ببعض التصرفات التي التصقت بشخصه والتي تتعلق في الأصل بعلاقته بالمحيط المهني على وجه الخصوص. يرى البعض ان الجعايبي هوى على مسرحنا بعصا التجريب والتحديث فدق عنقه وساهم مع بعض «فلاسفة» المسرح في الزيغ بهذا الفن الى مسالك ذاتية معتمة المقاصد.. ضبابية المنابع. فقد ساهمت اعمال هذا الرجل في تحييد الفعل المسرحي عن قاعدته الجماهيرية بتغييب النص والاعتماد على طروحات نظرية تلتحف الإبهار بالتعتيم وفيض الكلام القسيم. وقد ازداد رأس الرجل كبرا ما لقيه في بعض المحافل من انبهار بظاهر اعماله فاعتمد سياسة التهميش والاقصاء لكل من يرى فيه «معارضا» محتملا لسلوكه المسرحي. وليعطي البعد الابهاري كعادته لما يأتيه من «تألقات» هوائية لم يجد غير القيام بحركات تنم عن مجافاته لمقومات التعامل اللبق والتقدير للآخر مهما كان الاختلاف معه. فقد شاع بين الناس جميعا ما اتاه تجاه زميلة مسرحية كانت تقدم عملها وفي قلب الحدث صنع الفاضل الحدث الاشنع عندما بادر بمغادرة القاعة بطريقة لافتة ومعبرا بالقول والاشارة عن موقفه المحبط لصاحبة العمل.. هذا السلوك الفج ينضاف الى تصرفات عديدة اخرى تعود اليوم الى سطح الذاكرة.. فهو لم يجد حرجا ذات مرات في التهجم المجاني على الصحافة مدعيا ان لا وجود لصحافيين في بلادنا ولسان حاله يقول «يرزيك فيهم» (مع الاعتذار على هذا التعبير). وهذه كما ترون طريقة دأب على ممارستها بعض الباحثين عن جلب الانظار كلما شعروا بخفوت الاضواء حولهم.. لذلك تراهم يعمدون الى «شريان الشبوك» سواء مع نظرائهم او مع الصحافة عن طريق معارك وهمية قد تعيد لهم ما اضاعوه بأعمالهم وافعالهم. والفاضل الذي تكرم علينا اي على عموم الصحافيين ب»فأضل» الكلام يحسن هذه اللعبة ويدرك انه المستفيد الوحيد منها. فالضجة التي اراد احداثها لا يقصد منها سوى محاولة إرباك أهل الذكر وحتى يتجنب طول اللسان عند بعضهم وسموم اقلامهم بالإضافة الى البروز في مظهر البطل النطاح في مواجهة شريحة تعودت مناطحة الآخرين. هذا التكتيك تعودناه من الفاضل وامثاله وحفظناه عن ظهر قلب.. لذلك فهو لا يمكن ان يحرك فينا سوى شعرة الرد الحيني بالسواك الحار دون ان تترك فينا مثل هذه التصريحات اي خدوش او اثار. فهذا الرجل غير مؤهل لا هو ولا غيره لتصنيف الصحافيين.. فما بالك بالحكم عليهم.. اننا لا نحتاج ولن نحتاج الى شهادة تخرج من مدرسة الفاضل الجعايبي لنمارس حقنا في الكتابة والنقد وفضح الممارسات التي تستهدف هويتنا ووطنيتنا واصولنا وجذورنا. إن التاريخ لن يرحم في هذه الباب وسيثبت من منا يعمل على ضرب الابداع في الصميم ومن منا يحاول طمس تاريخنا المسرحي بالتنكر له ولأجياله المتعاقبة بوسائل مفضوحة المنبع والغايات. ولأنني انتمي الى صحافة لا يعترف بها السيد الفاضل.. الفاضل فاني اضم صوتي الى اصوات الزملاء وكل من اهتم بهذا الموضوع وازيد فاقترح معاملة هذا الفاضل بغير المقاطعة لأعماله اي بالمثل حتى لا نتركه ينعم بصمت الأفواه والاقلام.. بل سنظل ملاحقين لأعماله وأقواله بالنقد سواء أشاء ذلك أم أبى.. ولكل حادثة حديث!.. نابل.. أضرار.. وآمال الفيضانات التي غمرت جهة نابل بمدنها وحقولها شكلت نقطة الاهتمام القصوى لدى التونسيين من الجنوب الى الشمال وحركت الهمم الداعية الى مقاومة المخلفات وجبر الاضرار.. وفي خضم ما حدث لم تبق وسائل الاعلام المرئية على وجه الخصوص بعيدة مغمضة العيون.. وقد اجتهدت وان بدرجات متفاوتة على متابعة المستجدات على مستوى الاخبار والتحاليل والتعليق. ولئن فاتت على «الوطنية» غفوة في الليلة الاولى فإنها تداركت الامر يوم الاحد الموالي وخصصت برنامجا مفتوحا للخوض في هذا الملف.. واللافت في هذا الصدد ان أمطار نابل دفعت بالصحافية أمال الشاهد إلى شاشة القناة الوطنية الاولى بعد غياب طال اكثر مما يلزم. وقد اكدت من خال اطلالتها انها في مستوى الحدث بفضل خبرتها وتعودها على مواجهة الكاميرا وقدرتها على الالمام بعناصر الموضوع والتفاعل السريع مع المستجدات.. اذ عملت على اغناء المائدة المفتوحة بضيوف تحدثوا على المباشرة بالإضافة الى تقديم مراسلات على عين المكان الخ.. كل ذلك مع السلاسة في التعامل مع المجريات وسلامة اللغة وحضور لافت للبديهية.. امال اثبتت ان غيابها عن الشاشة غير مبرر ولا علاقة له بكفاءاتها ومؤهلاتها وخبرتها على غرار العديد من ابناء التلفزة التونسية الذين احيلوا على الصمت من دون موجب.. واؤكد مرة اخرى ان التلفزة التونسية تحتكم على كفاءات عالية في كل الاختصاصات ولا ننتظر من الإدارة العامة الجديدة الا ان «تطلق سراحها» لتعيد للقناة مجدها واشعاعها!.. ليتهم يسمعون ويعون.. زقزقة..جرائد * قال أحد «النجوم» في تصريح لإحدى الصحفيات: «أنا لا أقرأ الجرائد..». ** قالت العصفورة: «هذه ليست جديدة.. فهم (يعني النجوم الآفلة والطافية) لا يقرؤون الجرائد وغير الجرائد.. انهم لا يؤمنون بغير الكلام والسباحة في نشاز الانغام.. فاحكوها لحدة التي طلّعتم روحها بالفدة!».