سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحرشوا بها.. حرموها من الأمومة.. قتلوا فيصل بركات أمامها وأجبروها على مسح دمائه: اليوم قضية السجينة السياسية بسمة البلعي أمام دائرة العدالة الانتقالية بنابل
تنظر اليوم الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في قضية الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها السجينة السياسية بسمة البلعي ( 54 سنة) – سنة 1987 بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل – بعد أن أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة والتي شملت الابحاث فيها بن علي الذي تمت احالته بحالة فرار ووزراء من العهد البائد واطارات أمنية. وكانت هيئة الحقيقة والكرامة استمعت لشهادة بسمة البلعي في جلسات الاستماع المباشرة بتاريخ 18 نوفمبر 2016 ومن المنتظر ان يقدم محامون اليوم اعلامات نيابة في حق المتضررة وسيتم تأجيل القضية الى موعد لاحق. قصة مأساوية عاشتها بسمة البلعي أصيلة مدينة منزل بوزلفة التي نكل بها نظام بن علي وذاقت الويلات منه بسبب انتمائها لحركة "النهضة" بل والأدهى من ذلك أنها كانت شاهدة أيضا على تعذيب الشهيدين رشيد الشماخي وفيصل بركات الذي أجبرت أيضا على مسح دمائه بعد مقتله تحت التعذيب وعندما كانت في عمر السابعة عشرة كانت بسمة تنشط في العمل الاجتماعي والإسلامي الخيري وانضمت لحزب حركة "النهضة" لتبدأ فصول معاناتها مع البوليس السياسي ومراقبتها وإرسال الإستدعاءات لها للحضور بالمراكز الأمنية، أوقفت بسمة للمرة الأولى في خريف سنة1987 حيث تمت مداهمة منزل والديها واقتيادها إلى مركز الشرطة بمنزل بوزلفة ووقع استنطاقها مطولا عن علاقتها بحركة النهضة حيث تعرضت للضرب والإهانة كوسيلة لانتزاع الاعترافات منها لمدة ثلاثة أيام وأمام تمسكها بالإنكار تم إطلاق سراحها في اليوم الثالث إثر ذلك عادت لممارسة نشاطها الاجتماعي كما نشطت في الحملة الانتخابية لحركة النهضة سنة 1989 وكان ذلك أول عمل يمكن أن يكتسي طابعا سياسيا تقوم به. تهديد باغتصاب ووقع تنبيهها سنة 1991 بأنها مطلوبة من السلط الأمنية فاختفت بالعاصمة لمدة تجاوزت عشرة أشهر وفي أواخر سنة 1991 تمت مداهمة منزل عائلتها والاعتداء بالعنف على أفرادها وإهانتهم واقتياد شقيقتها الصغرى لتدلهم على مكان اختفائها فسلمت نفسها بإرادتها حيث تم نقلها من العاصمة الى منزل بوزلفة في رحلة وصفتها بسمة برحلة "الإهانة والتحرش" الأطول في حياتها. شاهدة عيان طالبت بسمة بإطلاق سراح شقيقتها دون جدوى وقد تم نقلها بمعيتها الى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل أين أوقفت دون إذن قضائي لمدة تجاوزت الشهرين تعرضت خلالها للتعذيب والإهانة والتحرش كما وقع تهديدها بالاغتصاب وإجبارها على تنظيف المراحيض وغسل الأدباش الخاصة بالأعوان والأغطية المخصصة للموقوفين المغطاة بالدماء في حين تم إطلاق سراح شقيقتها بعد إيقاف دام 10 أيام تعرضت خلاله للضرب والإهانة والتحرش والتهديد بالاغتصاب كما تم تعذيب أشخاص آخرين بحضورها فقد تم تعذيب الشهيد رشيد الشماخي أمامها إلى حد الموت وأجبرها الأعوان على غسل الغطاء الصوفي (زاورة) التي تم استعمالها لتغطية جثته عند إخراجها من مقر الإيقاف. بعد فترة الإيقاف التي دامت شهرين متتاليين أحيلت بسمة على المحكمة الابتدائية بقرمبالية وحكم عليها (باعتماد الاعترافات التي أمضت عليها تحت التعذيب) بالسجن مدة 7 أشهر من أجل الانتماء لحزب غير معترف به وعقد اجتماع محجر وتوزيع مناشير وتم إقرار الحكم استئنافيا في حقها فأمضت شهرا ونصفا من العقوبة ثم وقع إطلاق سراحها لتخضع للمراقبة الإدارية لمدة تجاوزت العشر سنوات رغم أن الحكم الصادر ضدها لم يتضمن هذه العقوبة كما أوقفت سنة 1995 لمدة نصف يوم تعرضت فيه للاستجواب والضرب على رأسها والإهانة النفسية التي أدت الى اصابتها بنوبة هستيرية حادة ثم أطلق سراحها ونقلت اثر ذلك الى المستشفى في حالة انهيار عصبي حاد وفقدت النطق لمدة أربعة عشر يوما. شهادة موجعة تعرضت بسمة وعائلتها للهرسلة المعنوية ولتشويه السمعة وللوصم وقد أكد الشهود على أن متساكني منطقة منزل بوزلفة مازالوا يرددون أنها قد تعرضت للاغتصاب وعانت وبقية أشقائها وشقيقاتها من تأخر سن الزواج كما حرمت من استخراج جواز سفر ومن استبدال بطاقة تعريفها الوطنية وفي شهادتها الموجعة أمام هيئة الحقيقة والكرامة قالت بسمة والدموع في عينيها:"مت قهرا كل يوم على حلم الأمومة الذي لم أستطع أن أحققه وحسرة على والدي الذي توفي قهرا بعد خروجي من السجن بيوم واحد ووالدتي التي ماتت نتيجة جلطة دماغية بسبب الضغوط والمضايقات اليومية لأفراد العائلة" وعبّرت بسمة عن ألمها مما تعرضت له من تعذيب في نظام بن علي قائلة" حبيت يكون عندي بيبي.. حبيت نعرس ونعيش كي البنات الكل.. حبيت نحلم.. نحلم بأمي كانت تعطيني السفساري باش نمشي نصحح في المركز في الصباح والقايلة وفي العشية".