تخطى سعر صرف الدينار مقابل الأورو 3.304 دنانير ليواصل بذلك تقهقره منذ الثورة إلى اليوم حيث تراجع ب 54 بالمائة، وهذا التراجع صار أكثر حدة خلال السنتبن الأخيرتين أي 2017 وخاصة 2018 إذ يرجح خبراء انزلاقه ب 2 بالمائة من شهر لآخر لا سيما بعد طلب صندوق النقد الدولي من السلطات النقدية في تونس عدم التدخل في سوق الصرف وتعويم الدينار من خلال ترك قاعدة العرض والطلب بين المتعاملين، أي البنوك، دون تدخل البنك المركزي لضخ العملة الصعبة خاصة في الوقت الذي يعرف فيه مخزوننا منها تدهورا لافتا. مؤشر لتدهور الوضع الاقتصادي ويعد سعر الصرف أحد أهم المؤشرات التي تكشف مدى تدهور الوضع الإقتصادي في كل اقتصاديات العالم وهو ما تعيش على وقعه بلادنا منذ مدة لا سيما مع تعمق عجز الميزان التجاري الذي عرف عجزا قياسيا خلال ال 10 أشهر الأولى من السنة الجارية بلغ 15.9 مليار دينار أي بارتفاع بنسبة 21 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية 2017 وبنسبة 48 بالمائة مقارنة ب 2016. ويعد تواصل الصغوط على توازن القطاع الخارجي الذي بلغ 8.2 بالمائة من الناتج الإجمالي مقابل 7.8 بالمائة قبل سنة بالرغم من تحسن العائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج أحد أبرز أسباب تراجع سعر الصرف. هذا وقد ألقى انزلاق سعر الصرف بظلاله على كلفة إنتاج المؤسسات ما أدى إلى إرتفاع مهول في الأسعار ما نتج عنه تعمق المنحى التضخمي حيث بلغت نسبة التضخم خلال شهر جوان المنقضي أعلى مستوى لها إذ وصلت إلى 7.8 بالمائة لتتراجع إلى 7.4 بالمائة ثم لتعود خلال شهر أكتوبر المنقضي إلى 7.6 بالمائة. وتتحكم في سعر صرف الدينار التونسي 3 عوامل رئيسية، تتمثل أساسا في نسبة التضخم ونسبة الفائدة وسعر الصرف. سياسة حمائية وبالوقوف على فشل توصيات صندوق النقد الدولي بشأن تعويم الدينار، بعد ان أكّد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في تونس أنّ قيمة الدينار التونسي لا بد أن تخفّض أكثر خلال 2018 إذا ما أرادت تونس دفع حركة التصدير وإنعاش إقتصادها، فقد عاد البنك المركزي خلال الاسابع القليلة الفارطة إلى التدخل في سوق الصرف عبر ضخ سيولة نقدية من العملة الصعبة حتى يحافظ على توازن السوق ويحول دون مزيد انزلاق الدينار. لكن هذه الخطوة غير كافية لا سيما وأن تونس لا تمتلك حاليا آليات ضمان استقرار سعر صرف الدينار مقابل العملات الأخرى وهو ما يحتم توفر ثلاثة شروط وهي تثبيت سعر العملة ووضع سياسة مالية فعالة لاستقرار الأسعار وتقليص نسبة التضخم إلى مستوى قريب من الدول الشريكة، وثانيا التحكم في عجز الميزانية ونسبة الدين لتلافي الانزلاق والمشاكل التضخمية، وثالثا التحكم في عجز الميزان التجاري لتجنب تآكل احتياطي العملة الصعبة وإضعاف قدرة البنك المركزي على الدفاع عن ثبات سعر العملة على اعتبار انه مرتبط ارتباطا وثيقا بسياسات الاقتصاد الكلي للبلاد . ويتطلب الوضع إرساء سياسات حمائية ضد مخاطر الصرف بما يدفع في اتجاه الحد من التأثيرات السلبية للتراجع المهول لسعر الصرف وهو ما يستدعي فرض قيود أكثر تشددا على الواردات مع وضع خطة اقتصادية واضحة المعالم تمكن من تثبيت سعر صرف الدينار.