احتضنت دار الثقافة الشيخ إدريس ببنزرت مساء أول أمس الجمعة لقاء أدبيا حول رواية حفيظة قارة بيبان «النجمة والكوكوت» أشرف على تنظيمه جمعية أحباء المكتبة والكتاب وودادية قدماء معاهد بنزرت. وقد تولى رئيس رابطة الكتاب الأحرار جلول عزونة تقديم الكتاب. فركز في مداخلته على جانب الطرافة فيه باعتباره فريدا من نوعه، لأنه يحمل حلم «بنت البحر» خلال السنوات الأولى للثورة من ديسمبر 2010 إلى ديسمبر 2013، وهو حلم حليم قارة بيبان الرسام المتعلق ببعث متحف وطني للفن المعاصر بتونس. وهو محق في ذلك فللدولة آلاف اللوحات التي يقدر ثمنها بالمليارات ولكن لا يوجد متحف وطني يحتضنها جميعا. فأول متحف كان بكازينو البلفدير، كان نواة متحف وجل اللوحات بالدهليز، ولما جاء زين العابدين بن علي حوله إلى ناد للضباط، ونقل المتحف إلى قصر العبدلية، ولذلك فإن حلم حليم مازال معلقا. وأصبحت «الكوكوت» آلة الطبخ التي استعارها من شقيقته شعارا لهذا الحلم. وأما بالنسبة إلى محتوى الكتاب فقد سجلت بنت البحر الأحداث التي عرفتها البلاد في تلك السنوات الثلاث وقد جاءت في شكل يوميات انحازت فيها إلى الحرية. وهو هاجس يسكنها في كتبها التي طالعتها جميعا، والذي يغذي إصرارها على الكتابة فكأنه مارد يسكنها أو كما يسمى عند الشعراء القدامى شيطان الشعر بوادي عبقر. ومن الثابت أن رحلة التوق وتجاوز الواقع والبحث عن الأفضل متجذرة في الأدب من أفلاطون إلى افلوطين إلى ملحمة قلقامش في رحلة البحث عن الخلود مع رفيقه أنكيدو إلى توماس مور وفولتير وغيرهم من صناع التحولات الكبرى في الفكر والأدب. وإثر هذه المداخلة تم عرض شريط قصير مغنى مأخوذ من إحدى فقرات الكتاب بصوت الفتاة آمال السديري. وفي ردها على أسئلة المتدخلين التي تميزت بالعمق والثراء أكدت بنت البحر أنها لم تكن تفكر يوما في كتابة يوميات للنشر ولكنها وجدت نفسها وهي تعيش تلك التجربة الحارقة خلال الثورة تكتب هذه اليوميات، وأن هذه التجربة تتقاطع مع تجربة حليم في التعبير عن فكرة عميقة بطريقتين مختلفتين، فالوطن كان يغلي كالمرجل، وكل المؤشرات تشي بالانفجار وهو ما دفعها إلى نشر هذه اليوميات التي يتقاطع فيها الخاص وهو التمسك بالحلم والحرية مع العام الواقع الذي قمت بتعريته ومن خلاله تعرية هؤلاء السياسيين الذين جاؤوا لإنقاذ البلاد، فإذا بالشباب يسفر ويهاجر ويقتل وقالت في نفس الإطار: «فالعراء يبرز أبشع ما فينا. ولئن تردد هذا اللفظ أكثر من مرة في هذا الكتاب فلأنني كنت في الوقت نفسه بصدد كتابة الفصول الأخيرة من روايتي «العراء».