سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هيئة الدفاع تكذّب وزير الداخلية.. تتهم فرقة مكافحة الإرهاب بإخفاء محجوزات وتكشف عن: محاضر الحجز والاستماع للشهود للتأكيد على وجود غرفة سوداء بالداخلية!
لا يكاد يمرّ يوم دون أن يشهد ملف ما بات يُعرف إعلاميا ب"ملف الغرفة السوداء" بوزارة الداخلية أو بقضية "المروجات" والمتعلّقة ب"محجوزات" تم العثور عليها بتاريخ 19 ديسمبر 2013 بمحلّ "لتعليم السياقة" يعود للمسجون مصطفى خضر، المحكوم عليه ب8 سنوات سجنا في 13 نوفمبر 2015 من أجل "اختلاس أوراق وأشياء مودعة بخزينة محفوظات ومسلمة لأحد أعوان السلطة العمومية"! تطورات جديدة. محجوزات تصرّ هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي على أنها تكشف بالحجة والدليل تورّط مصطفى خضر في قيادة "جهاز سرّي" لحزب حركة النهضة وأن هذا الجهاز كان على علاقة مباشرة بعملية اغتيال الشهيدين، وأن هذه المحجوزات تم التلاعب بها وبعضها سُرق والبعض الأخر تم إيداعه بطريقة غير قانونية بغرفة منعزلة بوزارة الداخلية، دون محضر جرد أو تسلّم... غرفة وصفتها الهيئة ب"الغرفة السوداء" لأن لا أحد يعلم ما بداخلها رغم كل المؤشرات التي تشير إلى خطورة ما تحويه وفق ما كشفته الهيئة في الندوة الصحفية في 2 أكتوبر الماضي. ورواية هيئة الدفاع تمت مواجهتها بتكذيب رسمي من وزارة الداخلية إلاّ أن قاضي التحقيق بمكتب التحقيق 12 وبعد الاستماع إلى شهادة مسؤول أمني بوزارة الداخلية بتاريخ 8 نوفمبر الجاري، على خلفية قضية اغتيال الشهيد البراهمي، قام بالتوجه بتاريخ 9 نوفمبر -في سابقة تاريخية- إلى مقرّ وزارة الداخلية أين قام بمحضر معاينة تلتها عملية حجز لما بداخل الغرفة. وكان المسؤول الأمني المذكور قد ذكر في شهادته أنه عندما تولّى مهامه في فيفري 2016 بعد تكليفه بالإشراف على إدارة الوثائق والإعلام بالوزارة "لفت انتباهه وجود مكتب مغلق بإدارة الأرشيف بوزارة الداخلية وأنه باستفسار العاملين في الإدارة تم إعلامه بأنه يحتوي على مجموعة وثائق تابعة للوحدة الوطنية للأبحاث في الجرائم الإرهابية تم جلبها في شهر ديسمبر 2013 وأنه بالتحرّي تبيّن له أن تأمين تلك الوثائق تم بناء على تعليمات من مدير إدارة الوثائق والإعلام وأنه بدوره تلقّى تلك التعليمات من المدير العام للمصالح المختصة آنذاك دون أن يقع تحرير محضر تسلّم أو القيام بعملية جرد للوثائق الموجودة بذلك المكتب..". إلا أن تطوّرات الملف لم تحافظ على صيغتها القانونية والقضائية حيث تمت بالأمس مساءلة وزيري الداخلية والعدل حول ذات الملف المتعلّق بمحتويات الغرفة السوداء... مساءلة شهدت ردود فعل غاضبة من نواب حركة النهضة وتصريحات لقياداتها على هامش هذه المساءلة اتسم أغلبها بتكذيب ما ذهبت إليه هيئة الدفاع، حيث دعا القيادي في الحركة محمّد بن سالم "التونسيين إلى الضحك معه على هذه الاتهامات". أمّا النائب عن حركة النهضة الحبيب خضر فقد فنّد اتهامات هيئة الدفاع كما دعا إلى "توفير حماية خاصة للأستاذ رضا الرداوي حتى لا يلقى مصير المحامي فوزي بن مراد"!!.. ولا نعلم ماذا كان يقصد الحبيب خضر بذلك خاصّة وأن المرحوم فوزي بن مراد الذي كان أحد أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد توفّي نتيجة سكتة قلبية.. وبالتزامن مع مساءلة وزيري العدل والداخلية، نشرت هيئة الدفاع عن الشهيدين للرأي العام محضر الحجز الأمني لمحتويات محلّ "تعليم السياقة" الذي كان يستغلّه مصطفى خضر كما نشرت محاضر سماع قضائية لشهادات أمنيين منها شهادة المسؤول الأمني من طرف قاضي التحقيق 12 وبقية محاضر الحجز والتسليم في علاقة بقضية "الغرفة السوداء".. كل هذه الوثائق أدّت بهيئة الدفاع إلى استخلاص أن الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب تحتفظ إلى اليوم بعدد 10 "كردونة" من الوثائق لم تسلمها للقضاء ولم تسلمها لوزارة الداخلية ولا أحد يعرف شيئا عن مصيرها!! محجوزات محلّ "تعليم السياقة" بتاريخ 19 ديسمبر 2013 وعلى الساعة الثامنة ليلا تنقلّت فرقة أمنية بقيادة محافظ الشرطة ورئيس الفرقة العدلية بالمروج (ل.ب) إلى منزل بمفترق شارع 20 مارس بالمروج الثالث رفقة المظنون فيه مصطفى خضر الذي كان متسوغا للمنزل المذكور وتم تحرير محضر تنقّل وحجز عدد 631/03 . وقد ذكر رئيس فرقة الشرطة العدلية في محضر الحجز أنه بوصوله الى المنزل رفقة مصطفى خضر تمت معاينة "آلة كبيرة الحجم مثبت بها محرّك ميكانيكي".. وقد ذكر رئيس الفرقة في محضر الحجز انه بدخول مكتب مصطفى خضر والذي هو عبارة عن محلّ تعليم سياقة تم العثور على "مجموعة أكياس كبيرة الحجم موجود بداخلها وثائق مختلفة خاصّة بوزارة الداخلية مصلحة الاستعلامات بمدنين"!! كما تم العثور وفق نفس المحضر على "حاسوبين محمولين بهما دراسات أمنية وعسكرية وحقيبة يدوية بها وثائق خاصّة بعدّة وزارات ومجموعة صناديق كرتونية تحتوي على أرشيف لوزارة الداخلية وربطة عنق بها جهاز تنصّت مثبت بداخلها" داخل مكتب مصطفى خضر، كما تم العثور وفق ما ورد بمحضر الحجز على "رسم بياني لمخطّط مشبوه وبورتكلي (حاملة مفاتيح) بها ميكرو وكاميرا ومجموعة أقراص مضغوطة، ومعلّقات لحركة النهضة (المكتب المحلي بالكبارية) وصور شمسية لجنود ولأسلحة حربية وشفرة نداء لخطّ فودافون رقم 4170752951470.. ووثقية مؤرّخة بتاريخ 27 أفريل 2013 بها ترشيح أسماء بالإدارة الأمنية ووثيقة تحتوي على أسماء منحرفين ووثيقة لمجموعة اسمية لقاعة العمليات تهم قياديي الجيش الوطني وآمري الأكاديميات والمدارس العسكرية، ووثائق مقترحات التنظيم الهيكلي لوزارة الداخلية، وعدد 14 "كرذونة" ملآنة تحتوي على وثائق سرّية تابعة لوزارة الداخلية، و"كرذونة" تحتوي على حاشدات هواتف جوالة وبدلة عسكرية ومجموعة بقايا هواتف معطّبة عدد 27.. وحدة مركزية نوع 3.5 ساتا ووحدة مركزية لجهاز إعلامية نوع "اينتاك" وصندوق أخضر اللون لذخيرة حيّة عيار 7.26 ممNATOOM82." هكذا ينتهي محضر الحجز الممضى من محافظ الشرطة ورئيس الفرقة العدلية بالمروج (ل.ب) والمظنون فيه مصطفى خضر ومفتّش الشرطة أوّل (م. س).. ولكن هذا المحضر الخطير الذي تم على خلفيته إيقاف مصطفى خضر والذي يُفجّر أسئلة على غاية من الخطورة وتمسّ مباشرة بالأمن القومي مثل: ماذا تفعل وثائق وزارة الداخلية ومنها وثائق مصلحة الاستعلامات بمدنين في "محلّ تعليم سياقة"؟ ومن أوصل وثائق أرشيف وزارة الداخلية إلى هذا المنزل؟ وماذا تفعل وثيقة الترشيحات الى خطط إدارية أمنية في هذا المحلّ؟ وماذا تفعل وثيقة قائمة المنحرفين ووثيقة قاعات العمليات وقيادات الجيش الوطني عند مصطفى خضر؟ ثم ماذا كان يُقصد بالقول في المحضر وجود "14 كرذونة ملآنة تحتوي على وثائق سرّية تابعة لوزارة الداخلية".. ما المقصود بوثائق سرّية أو بوجود بدلة عسكرية لدى مصطفى خضر؟.. ثم هل من الطبيعي أن توجد مثل هذه المحجوزات "الغريبة والمشبوهة" التي يستعمل الجزء التقني فيها في عمليات التجسّس والتنصّت المتطوّرة في محلّ لتعليم السياقة؟ ولكن المفاجأة الكبرى فجّرها صاحب محلّ السياقة مصطفى خضر، عند مثوله أمام قاضي التحقيق عندما قال انه "كان يتولى الإجابة على البريد الخاص لوزير الداخلية علي لعريّض ...!! وبعد التحقيقات في شكوى مالكة العقّار والمحجوزات الغريبة التي عُثر عليها بحوزته صدر حكم عن الدائرة الجنائية الرابعة على مصطفى خضر بالسجن مدة 8 سنوات وشهر في القضية عدد 30591/4 بجلسة 13 نوفمبر 2015 من أجل "اختلاس أوراق وأشياء مودعة بخزينة محفوظات ومسلمة لأحد أعوان السلطة العمومية"!!.. واليوم وباعتراف وزير العدل في جلسة أمس، فإن مصطفى خضر يواجه خطرا بتصفيته لقبر الحقيقة نهائيا.. الرواية الرسمية ورواية "الشهود" بتاريخ 25 ديسمبر 2013 أكد ضابط الشرطة الأوّل ورئيس فرقة بالوحدة الوطنية للأبحاث قيس بالسيفي في محضر تسليم بتاريخ 964 /11 على مواصلة البحث في قضية "الانضمام إلى تنظيم إرهابي والتحوّز على وثائق أمنية" ضدّ مصطفى خضر، حيث ذُكر في ذات المحضر أنه "تم حجز بمقر عمله الكائن بجهة المروج 4 صناديق تحتوي على مجموعة من الوثائق وتقارير أمنية هامّة تابعة للمصلحة الجهوية المختصّة..". رئيس الفرقة ذكر في المحضر أنه "حضر الى مقر الإدارة ممثل عن وزارة الداخلية التابع لمصلحة التوثيق بإدارة الوثائق والإعلام التابعة للإدارة العامّة للمصالح المختصّة وتولى تسليمه كامل المحجوز".. وفعلا أمضى ضابط الشرطة المساعد (م.ز) على المحضر وكتب "تسلّمنا المحجوز". وعندما سئل قيس بالسيفي، وهو ضابط الشرطة الأول الذي أشرف على عملية التسليم، أمام قاضي التحقيق عن الفرق بين محضر الحجز ومحضر التسليم والمتمثل في عدد 10 "كرذونة"، ذكر انه تم فرز الوثائق بمقر الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب مع الاحتفاظ بالوثائق السليمة التي لم تتعرض لأضرار والتي تم تجميعها في عدد4 أكياس قبل أن يتم تسليمها لإدارة الوثائق. أما بقية الوثائق التي كانت تحمل أضرارا سواء بسبب تعرضها للحرق أو للأمطار فقد تم الاحتفاظ بها في مقر الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب... وهذا التصريح ترى فيه هيئة الدفاع أنه محاولة دمج محتويات الغرفة تحت يافطة محضر التسليم المحرر في 25 ديسمبر 2013، والحال أن الوثائق الموجودة بالغرفة السوداء قد وردت على وزارة الداخلية بتاريخ 19 ديسمبر 2013 أي قبل تحرير أي محضر تسليم من أي جهة كانت. كما اعتبرت الهيئة أن القول بأن النيابة العمومية والوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب كانتا على علم بمحتويات الغرفة السوداء في الفترة المتراوحة بين 19 ديسمبر 2013 وفيفري 2016 فيه مغالطة لأن شهادة المسؤول الأمني تفنّد ذلك.. ليبقى ملف "الغرفة السوداء" مفتوحا على كل "السيناريوهات" في انتظار كلمة فصل من السلطة القضائية المخوّل لها وحدها استقراء الوقائع والبت فيها بالقانون. منية العرفاوي