تشهد مادّة السّميد ومنذ حوالي أسبوع نقصا فادحا بمختلف أسواق ونقاط بيع المواد الغذائيّة بمعتمديّات ولاية سوسة لتنضاف بذلك إلى قائمة المواد الإستهلاكيّة التي تشهد اضطرابا في التّوزيع ويشوبها الكثير من الغموض فتثير جدلا واسعا وسيلا من التّهم على غرار ما هو حاصل وإلى اليوم بخصوص مادّة الحليب والزّيت النّباتي والسكّر والأرزّ وهو ما أثار سخط المواطن الذي يكون مدعوّا إلى خوض رحلة يوميّة قسريّة بحثا عن هذه المواد الإستهلاكيّة الأساسيّة التي لايمكن بأيّ حال من الأحوال الإستغناء عنها أو التّفكير في تعويضها حيث لاينفع المواطن في وضع الحال أن يتبنّى دعوة منظّمة الدّفاع عن المستهلك وشعارها المعهود المنادي بالمقاطعة لأنّ مصيره سيكون حتما الجوع. غياب أو بالأحرى انعدام مادّة السّميد لدى تجّار التّفصيل أثار استياء المستهلكين حيث عبّر أغلب المواطنين عن عميق تخوّفاتهم وتوجّساتهم من قادم الأيّام في ظلّ ما تشهده المرحلة من تزايد واتّساع عدد المواد الإستهلاكيّة الأساسيّة التي تنضاف في كلّ مرّة إلى قائمة «المفقودات» في حين أوعز البعض الآخر أنّ ما يحصل هو نتيجة ضعف هياكل الدّولة وآليّاتها الرّقابيّة وعدم قدرتها على تأمين قوت أبناء شعبها وتأمينه من جشع المستكرشين وتغوّل المهرّبين وهو ما مكّن بارونات التّهريب وعصابات الإرهاب الغذائيّ من السّيطرة بشكل كبير على مسالك التّوزيع والتحكّم في عمليّتي التّزويد وتحديد الأسعار بالأسواق الأمر الذي يحيلنا على التّساؤل وطرح أكثر من تساؤل عن مدى نجاعة ما يضبط من استراتيجيّات وبرامج رقابيّة على المستويين الوطنيّ والجهويّ وعن حقيقة قدرة الدّولة على التصدّي والإستباق لمختلف أشكال المارسات الإحتكاريّة والتدخّل من أجل التّضييق والحدّ من دور الوسطاء والمضاربين الذين أصبحوا فاعلين ومؤثّرين في الدّورة الإقتصاديّة في حين أكّد بعض المواطنين على توفّر مادّة السّميد لدى أصحاب شركات المواد الغذائيّة وتجّارالجملة الذين يعمدون إلى بيعها بأسعار تتراوح بين 25 و28 دينارا للكيس الواحد عوضا عن20 دينارا ونصف وهو ما أكّده أيضا بعض المواطنين بمنطقة حيّ الرّياض وحيّ العوينة وبوحسينة بسوسة الذين أكّدوا على أنّهم اقتنوا أوّل الأسبوع أكياسا من السّميد من أحد تجّار التّفصيل بحساب 30دينارا شهادة دعّمتها إفادات عدد من الكادحات المقهورات من بائعات خبز الطّابونة حيث أقسمت سالمة بأغلظ الأيمان على أنّها تضطرّ هذه الأيّام مكرهة إلى شراء كيس السّميد (50كغ) بثلاثين دينارا من السّوق السّوداء وهو ما ينعكس سلبا على هامش ربحها وعبّرت مع بقيّة زميلاتها عن استعدادهنّ لإعادة الكرّة والسّقوط ضحيّة عمليّة ابتزاز ومضاربة رخيصة في حال تواصل فقدان هذه المادّة من السّوق لأنّ مصيرهنّ ومصير عائلاتهنّ مرتبط ارتباطا وثيقا بهذه المهنة التي تعدّ مورد رزقهنّ الوحيد القادرعلى المساهمة ولو بقدر في مجابهة مصاريف ومتطلّبات حياة أفراد أسرهنّ في حين لم تفلح ناجية ابنة الخمس عقود على كبح مشاعرها وشجونها فغلبتها العبرات وسبقتها الآهات والتنهّدات قبل أن تعود وتستردّ أنفاسها وتسيطر على ما تبقّى من أعصابها لتسأل عن شعور وعن ضمير من يقف وراء أزمة السّميد خلال هذه الفترة من مختلف الأطراف المتداخلة فتساءلت كيف يمكن لمهرّب أو محتكر أو مضارب أو تاجر أن يقبل على نفسه وأن يستسيغ لقمة منقوعة بحبّات عرق متصبّب من جبينها ومحفوفة بكمّ هائل من آلامها و أوجاعها جرّاء ما يتعرّض له جسدها المنهك يوميّا وفي أكثر من مناسبة من توهّج حرارة «الطّابونة «..