أعلنت مجموعة من الشباب التونسي يوم السبت 8 ديسمبر 2018 عن تأسيس ما يسمى بحملة «السترات الحمراء» لإنقاذ تونس. وأكّدت المجموعة في بيان صادر عنها أول أمس أنّ «هذه الحملة وطنية شبابية خالصة مفتوحة للعموم ومنفتحة على الجميع وهي استمرار لنضال الشعب التونسي وخطوة لاستعادة التونسيين كرامتهم وحقهم في العيش الكريم الذي سلب منهم». وشددت على «التزامها بالاحتجاج المدني السلمي في التعبير عن الرأي ورفض الواقع السائد رسميا والانطلاق في تركيز التنسيقيات الجهوية والمحلية خاصة بعد التفاعل والمساندة الكبيرة للحملة من فئات واسعة من الشعب» وفق نص البيان. تأتي هذه الحملة من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دعوا منذ الأسبوع الماضي إلى مظاهرات مشابهة للتي تعيشها فرنسا بقيادة «السترات الصفراء» احتجاجا على غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية. هذه الحملة الجديدة التي سُميت بحملة «السترات الحمراء» تُعدّ الحملة السابعة منذ انطلاق الثورة، فهل تنجح في اكتساح الشارع التونسي وتوسيع رقعة احتجاجاتها إلى الجهات؟ يُذكر أنّه قبل الثورة لم تشهد تونس إلا حملة احتجاجية واحدة وهي حملة «تكريز» التي تأسست سنة خيّرت النضال على شبكات الإنترنت والعمل بسرية، ونشر منشورات تفضح قمع النظام السابق الذي لم يستطع غالبا الكشف عمن يقف وراء تلك المنشورات. لكن تم حظر صفحة الحركة على مواقع التواصل الاجتماعي في شهر ماي 2011 بعد أن اعتبرتها وزارة الداخلية حركة تحريضية. أما بعد الثورة فقد تأسست حملات أخرى مثل حملة «زواولة» سنة 2012 التي اختارت النضال عبر «الغرافيتي» فعُرف أعضاء هذه الحركة بمقاتلي الخفاء لعملهم في سرية تامة، والتحرّك ليلا في شوارع بعض المدن تخفيًا من الشرطة. كانت توقع الحركة منشوراتها ورسوماتها على الجدران بحرف «Z» لكن رغم تحركاتها السرية إلا أنّه تمّ اعتقال كل من الشابين أسامة بوعجيلة وشاهين بالريش وإحالتهما على القضاء. إلى جانب هذه الحملات تأسست أيضا حملة «وينو البترول؟» عام 2015 التي لاقت معارضة شديدة من الحكومة ومن رئاسة الجمهورية ومن العديد من الأحزاب في مقدمتهم حركة نداء تونس، أضف إلى الجدل الواسع الذي أثارته عبر مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية. في ما بعد برزت حركة «مانيش مسامح» التي سلطت عليها الأضواء من مختلف وسائل الإعلام ومن الأحزاب وعدة أطراف سياسية ونقابية، لخوضها العديد من المعارك خاصة رفضها العفو عن فاسدي نظام بن علي. تأسست هذه الحركة عُقب تقديم رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي لمبادرة تشريعية بخصوص قانون للمصالحة الاقتصادية والمالية في خطابه يوم 20 مارس 2015 بمناسبة عيد الاستقلال. لتنطلق الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك أوّلا لتنظّم أول تحرك ميداني لها يوم 28 أوت 2015، في بطحاء محمد علي الحامي. وتواصلت بعد ذلك الاحتجاجات بالشارع تحت عنوان «روندا واحد، وروندا 2 وروندا 3..» إلى أن تمّ تعديل مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية والتراجع عن نسخته الأولى. وإن لم يتمّ إسقاط المشروع برمته، يعتبر العديد من مراقبي الشأن العام أنّ حملة «مانيش مسامح» نجحت في الضغط وكسب تأييد المعارضة تحت قبة البرلمان وأيضا حركة النهضة وبعض من الأطياف السياسية والنقابية للوقوف سدّا منيعا أمام ما سُمي بمناصري الثورة المضادة. من بعد هذه الحملة الشهيرة برزت أيضا حملات وحركات احتجاجية أخرى كانت أقلّ أهمية ولكن استطاعت أن تجلب إليها الرأي العام وإثارة جدلا بوسائل الاعلام خاصة في ما يتعلّق بمصادر تمويلاتها والجهات التي تقف وراءها على غرار بقية الحملات السابقة. ومن هذه الحملات نذكر «الرخ لا»، «فاش تستناو»، «ما تسكتش»، «حاسبهم».