قٌوبل قانون المالية لسنة 2019 بموجة كبيرة من الرفض والاستياء حيث كان أول امس الاحتقان سيد الموقف عقب المصادقة عليه بما انه يكرس وفقا لكثيرين تواصلا لسياسة التجويع وتفقير ابناء الشعب حتى أن النائب عن حركة الشعب والكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي قد دعا «الشعب إلى الخروج للشارع للدفاع عن نفسه مؤكدا ان المعارضة في البرلمان قد عجزت عن الدفاع عن مصالحه» على حد تعبيره. من هذا المنطلق دعا أمس شباب الجبهة الشعبية كل القوى الوطنية والتقدمية من أحزاب ومنظمات وجمعيات وأفراد لتنظيم وقفة احتجاجية مساء أمس أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة. وتأتي الوقفة وفق ما ورد في فحوى دعوة شباب الجبهة "رفضا لسياسة التجويع المنتهجة من طرف الائتلاف الرجعي الحاكم وفاتحة لجملة من التحركات الجهوية والوطنية" و"رفضا لقانون المالية 2019 الساعي لمزيد تفقير أبناء الشعب المصادق عليه اول أمس من طرف مجلس نواب الشعب. وبدوره دعا النائب عن الجبهة الشعبية نزار عمامي البرلمان الشعب إلى الخروج للشارع للدفاع عن نفسه بطريقة سلمية ضد من أسماها ب"اللوبيات» وفقا لما تناقلته اوساط اعلامية. وبالتوازي مع بعض الدعوات السياسية للخروج الى الشارع احتجاجا على قانون المالية لسنة 2019 فقد أعلنت أمس الهيئة الوطنية للمحامين عن تشكيل لجنة قانونية للطعن في دستورية الأحكام الواردة بقانون المالية لسنة 2019. سابقة خطيرة وفسرت الهيئة في بلاغ صادر عنها امس أن اللجنة المذكورة تضمّ مختصين في القانون الدستوري قالت إنهم سيتّخذون الاجراءات الخاصة بالطعن بالتنسيق مع أعضاء مجلس نواب الشعب علما ان المحامين كانوا قد نفذوا أول أمس إضرابا عاما بكافة المحاكم احتجاجا على الفصل عدد 34 من قانون المالية والمتعلق برفع السر المهني. وقد تم التمديد في هذا الإضراب بثلاثة أيام انطلاقا من يوم أمس مع الالتزام بالحضور والتواجد بمقرّات المحاكم للتعبير عن "رفض المحامين كل الأحكام الواردة في قانون المالية 2019 بالنظر إلى أنّها "مخالفة للدستور على اعتبار أن المس من السر المهني يمثل"سابقة خطيرة تنال من مبادئ رسالة المحاماة واستقلاليتها. من جهة اخرى وفي تقديمه لقراءة في قانون المالية لسنة 2019 أورد الخبير الاقتصادي حسين الديماسي في تصريح ل«الصباح» أن القانون بصورة عامة يكرر ما وقع من أخطاء على مستوى المالية العمومية منذ الانتفاضة إلى حدّ اللحظة. ومن بين هذه الأخطاء التي وصفها الديماسي «بالكبيرة» هو الترفيع بشكل مبالغ فيه في حجم الميزانية مع توظيف لحجم الزيادة في اتجاهات معينة تتعلق بالاستهلاك سواء في شكل زيادة في الأجور او في بعض المنح لتسديد الديون السابقة. «الجلد الجبائي» وأضاف الدّيماسي انه كان يفترض والبلاد تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة أن يتم الترفيع في الميزانية على أن يذهب جزء كبير منها إلى التنمية وهذا ما لم يقع جراء الانسياق وراء التداين بشكل لمواجهة النفقات هذا فضلا عن ممارسة ما يسمى بالجلد الجبائي وهو ما تعكسه الزيادات في نسب الادعاءات وتنوعها. كما اعتبر الدّيماسي في معرض قراءته لقانون المالية لسنة 2019 أن هناك فصلين يستوجبان التوقف عندهما يتمثل الأول في الفصل المتعلق في الزيادة في نسبة اداءات المؤسسات المصدّرة مشيرا إلى أن هذه الزيادة تعتبر مقلقة ومضرة لان المؤسسات الصناعية أصبحت معرّضة لضغوطات مختلفة. اما الفصل الثاني فيتمثل في إقرار اداء اضافي جدد قدر ب1 بالمائة على رقم المعاملات بالنسبة للمؤسسسات التي كانت معرضة من قبل لنسبة اداءات كبيرة تقدر ب35 بالمائة على غرار البنوك وشركات التامين والنفط فضلا عن شركات صنع الادوية. وفسر الديماسي انه تمت الإشارة إلى ان الاموال المتاتية عن هذا الاداء الاضافي الجديد ستنتفع بها الصناديق الاجتماعية قصد تسديد عجزها وهو ما يعكس وفقا لمحدثنا قصر الرؤى وعجز عن القيام باصلاحات حقيقية. تجدر الاشارة الى ان حالة من الاحتقان والتذمر صاحبت الجلسة العامة التي تخللت المصادقة على قانون المالية لسنة 2019 بسبب اقتراح الحكومة التخفيض في نسب المعاليم الديوانية الموظفة على توريد اللاقطات الشمسية. وقد سادت الجلسة حالة من الاحتقان تحولت لاحقا الى تراشق بالتهم بين نواب المعارضة ونواب الائتلاف الحاكم بعد تمرير اقتراح تأجيل تفعيل ضريبة ب35 في المائة على الفضاءات التجارية الكبرى إلى غاية شهر جانفي 2020 مما اعتبره كثيرون خدمة لأجندات انتخابية وإعفاء لأثرياء من دفع الضرائب.