صادق البرلمان، مساء اول امس، بالأغلبية المطلقة للأصوات على مشروع الموازنة العامة للعام 2019 وشهد التصويت موافقة 113 نائبا واعتراض 36 فيما تحفّظ 11 آخرين بأصواتهم، وشارك في عملية التصويت 160 نائبا من اصل 217. ولم تكن الجلسة العامة بمعزل عن حالات التشنج والهيستيريا والتهم من الحجم الثقيل، بعد ان اكد عدد من نواب المعارضة على ان قانون الميزانية هو في الواقع مدخل لمزيد استكراش رأس المال مقابل ضرب لقدرات التونسيين ومس واضح بجيوب المواطنين، رأي تخللته مداخلات نارية من جهة المعارضة التي اعترفت صراحة وعلى لسان النائب زهير المغزاوي بعجزها عن مجاراة نسق الائتلاف الحاكم بعد ان فشلت في صياغة موقف موحد للحيلولة وتمرير هذه القوانين والتي سكن في تفاصيلها عدد من رجال الاعمال والمال. ولئن رأت المعارضة في تمرير قانون الميزانية والمصادقة عليه مسا بقوت الشعب، فقد اتهمت أطراف من الائتلاف الحاكم من جهتها المعارضة ب»الشو السياسي» وذلك في اطار حملة انتخابية وترويجية لأسمائهم استعدادا لضمان دورة برلمانية جديدة. كما اعتبر نواب من الائتلاف الحاكم ان ملامح تجييش الشارع بارزة للعموم حيث استغلت المعارضة جيوب المواطنين كمطية لتمرير عناصر التحريض وإلقاء التهم في كل الاتجاهات مستعملة قنابل دخانية للايهام بالكارثة والحال ان بعضها يسعى لتذكير ناخبيه بأنه مازال متواجدا بالبرلمان. هستيريا وقد دخل النائب طارق الفتيتي في حالة هستيرية أثناء كلمته في مجلس نواب الشعب بعد إقرار فصل في ميزانية المالية 2019 يشير الى التخفيض من الاداءات الجمركية على الفضاءات التجارية الكبرى. ووجه طارق الفتيتي كلامه لنواب الاغلبية وقد ظهر في حالة هستيرية «الله يهلكم.. يطيح فيكم ربي... راكم خليتوني نرعش.. باش دمروا الاقتصاد... باش تسكروا مصانع التوانسة». واتهم الفتيتي نواب الأغلبية بأنهم «يريدون الحفاظ على التمويل من أصحاب تلك الفضاءات التجارية اثناء الانتخابات المقبلة». فشلنا كمعارضة من جهته دعا النائب عن حركة الشعب والكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي "الشعب التونسي إلى الخروج للشارع للدفاع عن نفسه"، مؤكدا ان المعارضة في البرلمان عجزت عن الدفاع عن مصالحه. ولفت المغزاوي الذي قال انه يتحدّث باسم نواب المعارضة الى ان الحكومة أصبحت "حكومة المافيا"، مشددا في مداخلته خلال الجلسة العامة التي انعقدت ليلة امس الأول وخُصّصت للمصادقة على مشروع قانون المالية على ان»رئيسة الحكومة الفعلية هي كريستين لاغارد» في اشارة الى «تحكم صندوق النقد الدولي» في القرار الوطني. من جهته، وصف النائب عن الجبهة الشعبية نزار عمامي مجلس النواب ب"الساقط"، داعيا الشعب إلى الخروج للشارع للدفاع عن نفسه بطريقة سلمية ضد من أسماها ب"اللوبيات" واعتبر النائب ان المجلس اصبح فاقدا للشرعية وان الحكومة "تعمل لفائدة البرجوازية" جلسة «التخلويض» كما وصفت النائبة بمجلس نواب الشعب صابرين قوبنطيني في تعليق لها على جلسة أول امس «الفوضى التي حصلت» ابان المصادقة على قانون المالية 2019 ب»التخلويض». وتابعت قوبنطيني قائلة «بئس اليوم اللّي ولوا فيه نواب شفيق جراية يعطوا دروس في الشفافية». وأضافت قائلة «لقد حان الوقت لكي يكشف لنا اليوم رئيس مجلس النواب عن مطالب رفع الحصانة المتعلقة ببعض النواب المتورطين في الفساد». وتعقيبا على الضجة التي حصلت بسبب المصادقة على تأجيل تطبيق نسبة 35 بالمائة على بعض الشركات على غرار المساحات الكبرى إلى غرة جانفي 2020, قالت صابرين قوبنطيني أمس ذات الفصل كانت اقترحته حركة النهضة منذ سنة 2018 ولم يقع تمريره لأنه تضمن حينها إشكالا تطبيقيا. وشددت في حوار لها على موجات إذاعة «شمس اف ام» على أنه «لم يتم اعفاء المساحات التجارية الكبرى من دفع الضرائب وهي ملزمة بدفع 25 بالمائة من الضرائب، ولكن تأجيل الترفيع في الضريبة بنسبة 10 بالمائة»، وأشارت قوبنطيني الى أن «هذا التأجيل كان ضروريا لأن الفصل غير قابل للتطبيق». موقف بن سالم وتعليقا على هذه الاتهامات، قال القيادي والنائب عن حركة النهضة، محمد بن سالم، ل»الصباح نيوز» انه من الغريب ان مثل هذه الاتهامات تصدر عن حزب نداء تونس الذي صوت نوابه السنة الماضية على مقترح الزيادة في الضرائب على المساحات الكبرى. وقال بن سالم:»اذا اردنا أن نرى السياسة دون مبادئ وأخلاق وحياء فالمثال هو نداء تونس»، وبرر مساندة حركته لمقترح تأجيل تطبيق نسبة 35 بالمائة على المساحات الكبرى بدعوى ان الحكومة هي التي اقترحت عليهم الموضوع حيث ان لديها برنامج عمل مع المساحات التجارية الكبرى في اطار مقاومة سياسة غلاء المعيشة والتخفيض في الاسعار. النداء ينقسم ورغم المجهودات التي بذلها للحيلولة دون تصويت كتلة النداء على قانون المالية، إلا أن حزب نداء تونس فشل في كبح جماح الغاضبين داخله بعد انفلات 6 نواب من النداء والتصويت لفائدة القانون المقترح في وقت خير 25 نائبا ندائيا التغيب وتصويت 10 نواب فقط ضد قانون المالية. انقسام كتلة الحزب بات واضحا رغم تعزيز النداء بعناصر من الاتحاد الوطني الحر. فهل تنجح المعارضة (دون اعتبار النداء) في تجميع شتاتها ومواجهة الائتلاف الحاكم أم ستبقى المعارضة معارضات؟ لماذا لا تقدم المعارضة استقالاتها احتجاجا على هزائمها المتكررة أمام الاطراف الحاكمة كما فعلت سنة 2013 داخل المجلس التأسيسي؟