تختتم اليوم الأحد 23 ديسمبر الدورة الواحدة والخمسون لمهرجان الصحراء الدولي بدوز، وكان قد انطلق يوم الخميس وعاش رواد المهرجان وزوار مدينة دوز بوابة الصحراء على امتداد أربعة أيام على وقع احتفالات ذات طابع خصوصي تحيل على عالم الصحراء والصحراويين وتفتح الباب على ذاكرة السكان بالمنطقة والمناطق المشابهة مع العلم أن المهرجان يشهد عدة مشاركات من دول عربية واجنبية. وقد ضم ببرنامج الدورة الجديدة التي انتظمت تحت شعار «عبق التراث وروح الأصالة» فقرات متنوعة تجمع بين العروض التراثية بساحة حنيش التي تجسد لوحات من نمط تعايش البدو الرحل مع الصحراء على غرار القافلة والدولاب والورادة وعراك الفحول، إلى جانب الصيد بالسلوقي وسباقات المهاري والخيول، بالاضافة إلى العكاضية الشعرية «الموجعة» وعدد من المعارض منها ما هو مخصص للتمور ومنها ما هو متعلق بالصناعات التقليدية فضلا عن تنظيم معرض وثائقي حول مهرجان دوز في عيون الصحافة المكتوبة دون أن ننسى السهرات الفنية الحافلة في مسرح الهواء الطلق. وقد شهد المهرجان هذا العام محاولات للعودة بأكثر عمق للموروث الذي اشتهر به مهرجان الصحراء على غرار الصيد بالسلوقي وعراك الفحول مع التخلي على الأعمال الملحمية التي تم تنظيمها في الدورات الأخيرة وقد فسر المنظمون هذا الأمر بأن التظاهرة تسعى بالخصوص إلى شد انتباه زوار الجهة من داخل تونس وخارجها والتعريف بما يميزها من إرث تقليدي فريد من نوعه لا سيما فيما يتعلق بالحياة الصحراوية. وتجدر الإشارة إلى أن مهرجان الصحراء بدوز تمكن سنة بعد سنة من فرضه نفسه في خارطة المهرجانات الشتوية بتونس وأصبح له صيتا في الخارج حتى أن بعض العائلات اصبحت تبرمج عطلتها مع موعد تنظيم المهرجان. ويؤكد معرض المهرجان في عيون الصحافة المكتوبة الذي انتظم بدار الثقافة محمد المرزوقي هذا الأمر ومدى صيت هذه التظاهرة. فالمعرض يجمع عشرات المقالات الصادرة بكبريات الصحف الوطنية والعالمية وقد مكن من الوقوف على عراقة هذه التظاهرة وإشعاعها العالمي من ذلك مثلا أن المعرض ضم مقالا يعود إلى سنة 1924 صدر بصحيفة « الدايلي مايل « البريطانية حول المهرجان عندما كان يسمى «عيد الجمل « وينتظم في شكل سباق للمهاري ينطلق من مدينة دوز في اتجاه مدينة قبلي وصولا إلى منطقة غيزن في طريق مطماطة، إلى جانب مقال آخر في صحيفة « نيويورك تايمز » الأمريكية نشر سنة 1979 ومجموعة من المقالات الصادرة في عدد من الصحف الفرنسية على غرار «لو فيقارو» و «فرانس سوار « و «لوموند» فضلا عن المقالات الاولى الصادرة في عدد من الصحف التونسية مثل «الصباح « و»لاكسيون « في الستينات والسبعينات من القرن العشرين. وقد عبر عدد من الزوار الذين توافدوا على مدينة دوز من مختلف ولايات الجمهورية في تصريحات اعلامية بالمناسبة عن إعجابهم باللوحات التي تم تقديمها خلال أيام المهرجان والتي تفاعلت الجماهير مع أغلبها بقوة وخاصة منها العروض الاستعراضية والفلكلورية والشعبية التي تنهل من عادات الجهة (قد المهرجان كذلك عروضا تعطي فكرة عن عادات بعض الدول العربية والاجنبية الاحتفالية). وكان وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين قد حضر يوم الخميس 20 ديسمبر مراسم افتتاح الدورة 51 من المهرجان الدولي للصحراء بدوز المهرجان الذي يجمع بين السياحة الصحراوية والمحافظة على التراث والعادات والتقاليد الراسخة منذ القدم وبين الحداثة ومكوّناتها ومظاهرها. وقد شاركت مجموعة مهمة من الفنانين والأدباء والشعراء والشخصيات المعروفة من تونس ومصر وليبيا والجزائر وفرنسا واليابان والسعودية والصين وأمريكا في المهرجان الذي يختتم اليوم بعد أن مثل حدثا ثقافيا وتنشيطيا هاما وكان فرصة للتأكيد على تجذر بلادنا بمختلف مناطقها في الحضارة والتاريخية وعلى رغبة التونسيين في الحفاظ على خصوصياتهم وعلى مقومات الهوية بدون أن يكون ذلك سببا في الانغلاق على الذات، بل على العكس، إن مهرجان الصحراء بدوز ولطابعه الثقافي والسياحي هو منفتح بقوة على العالم. ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أن جمهوره من الخارج لا يقل عددا عن جمهوره من الجهة وكذلك من ولايات الجمهورية.