«سوء تصرف كبير على مستوى أجهزة الدولة من حيث مستوى السياسات والبرامج العمومية وحتى الجماعات المحلية وإحالة بعض الملفات على دائرة الزجر المالي فيما يخص أخطاء التصرف كذلك الشأن بالنسبة لبعض الحالات التي فيها شبهات جزائية إذ بدأنا في إعداد ملفاتها»، هذا ما أكدته هدى خليل لفات قاضية مستشارة لدى دائرة المحاسبات. كما دعت القاضية المستشارة جميع الهيئات محل رقابة ورئاسة الحكومة والسلطة التنفيذية عموما إلى متابعة توصيات دائرة المحاسبات، وطالبت مجلس نواب الشعب بتكثيف جلسات الاستماع لقضاة الدائرة فيما يخص المهمات الرقابية والتقارير حتى يستعملها لمساءلة المعنيين بالأمر، وكان ذلك خلال ندوة صحفية قدمت خلالها دائرة المحاسبات تقريرها السنوي 31. سوء استعمال للمال العام حيث خلصت دائرة المحاسبات عقب عملياتها الرقابية إلى عدة نتائج أبرزها وجود أشكال متعددة لسوء استعمال المال العام ومظاهر تقصير في الحفاظ عليه وتوظيفه نتج عنه أثر مالي سلبي على موارد الدولة والمنشآت العمومية وكذلك الجماعات المحلية. كما خلص التقرير إلى أن النقائص التي تعتري المالية العمومية لا تعود فقط إلى توفر الموارد وإتاحتها فحسب بل وكذلك ببذل الجهود لاستخلاصها، هذا دون نسيان تأكيد دائرة المحاسبات على أن جودة الخدمات المسداة متدنية ما نتج عنها ضعف على مستوى رضا مستعملي المرفق العمومي. وكشفت دائرة المحاسبات فيما يخص غلق ميزانية الدولة لسنة 2016 عن تراجع على مستوى الموارد الذاتية من جملة موارد الميزانية لتبلغ 73.67 بالمائة في سنة 2016 مقابل 77.29 بالمائة في سنة 2015 مقابل تغطية نفقات الميزانية في حدود 80.24 بالمائة في سنة 2016 مقابل 83.43 بالمائة في سنة 2015. من جهة أخرى ارتفع عجز الميزانية في 2016 إلى 6.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.8 بالمائة في سنة 2015، كما ارتفعت حصة موارد الاقتراض لتمثل 26.33 بالمائة من جملة موارد الميزانية سنة 2016 مقابل 22.71 بالمائة سنة 2015. كما كشف التقرير عن تواصل اقتطاع مبالغ من فوائض صناديق الخزينة ونقلها إلى موارد العنوان الأول من ميزانية الدول بقيمة 1.127.894 مليون دينار بما لا يتلاءم مع الأهداف التي بعثت من أجلها هذه الصناديق، كذلك الشأن بالنسبة إلى تراكم الديون المتبقية للاستخلاص بقباضات المالية سنة 2016 والبالغة 8.901.624 مليون دينار بقابل 8.120.875 مليون دينار في سنة 2015 فيما لم تتجاوز نسبة الاستخلاص في 2016 ال 8.10 بالمائة. خروقات تسببت في عدم صرف القروض كما تم التأكيد على الارتفاع المتواصل لحجم الدين العمومي وذلك بمعدل 17 نقطة خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2016 واستئثار الدين العمومي الخارجي بحوالي 65 بالمائة منه سنة 2016 و69 بالمائة في سنة 2017 مقابل حوالي 58 بالمائة في سنة 2011 ، علما وأن تسديد هذا الدين سيتواصل إلى 2055 وأن ميزانية الدولة ستتحمل خلال سنتي 2021 و2025 ما يعادل مليار دولار أمريكي كل سنة. كما تمت الإشارة إلى محدودية استغلال الآليات المتاحة لتغطية المخاطر المتصلة بالدين العمومي الخارجي ما انجر عنه تدهور سعر الدينار في 2016 وارتفاع في قيمة الدين بحوالي 3.890 مليون دينار وتزايد من حيث اللجوء إلى الاقتراض من السوق المالية الدولية البالغ حجمه 12.239 مليون دينار في موفى 2016 لتمويل الميزانية والارتفاع المتواصل لكلفتها بسبب التراجع المتواصل للترقيم السيادي للبلاد. كما تم التأكيد على تعطل سحب القروض الخارجية بسبب إشكاليات في تنفيذ المشاريع العمومية والتأخير في سحب أقساط قروض دعم الميزانية نتيجة عدم تجسيد الإصلاحات الكبرى ما ترتب عنه عدم صرف أقساط بقيمة تناهز 1.079.6 مليون دولار لدى صندوق النقد الدولي هذا بالإضافة إلى محدودية نتائج البرامج المرتبطة بقروض دعم الميزانية حيث لم يتوصل برنامج الإصلاحات لسنتي 2011 و2012 إلى تحقيق سوى 23 نتيجة من جملة 30 نتيجة منتظرة، كما لم يتم 22 إصلاحا من 46 مدرج ببرنامج الاستعداد الائتماني الممول من طرف صندوق النقد الدولي. نتائج عمليات الرقابة كما خلصت دائرة المحاسبات من خلال عمليات الرقابة التي أنجزها إلى عدة نتائج سلبية أهمها أن غياب إستراتيجية وطنية للتحكم في الطاقة وعدم استكمال الإطار القانوني الترتيبي قد نتج عنه حرمان المجموعة الوطنية من تحقيق اقتصاد في كمية الطاقة بحوالي 1584 مليون دينار أي بحوالي 432 مليون دينار من نفقات الدعم. كما تجاوزت قيمة الفاقد التجاري في توزيع الكهرباء حوالي 1.192 مليون دينار نتيجة ارتفاع عمليات الغش التي تتم عند اكتشافها. وفيما يخص الأراضي الفلاحية المهيكلة فقد تم التأكيد على ارتفاع الديون بعنوان معاليم استغلال الأراضي الفلاحية إلى ما يزيد عن 195 مليون دينار موفى 2017 وهو ما يمثل 62 بالمائة من القيمة الإجمالية للتسوغ، وتمت الاشارة إلى محدودية متابعة الأراضي الفلاحية المهيكلة إذ لم تشمل المعاينات سوى 55 بالمائة من شركات الإحياء و28 بالمائة من مقاسم الفنيين و12 بالمائة من مقاسم الفلاحين الشبان بين 2012 و2017 كما، علما وأن ضعف استغلال الأراضي الفلاحية المهيكلة نتج عنه تراجع من حيث ب40 بالمائة هذا مع تسجيل اهمال تام للضيعات المصادرة.