عقدت أمس دائرة المحاسبات ندوة صحفية بأحد نزل العاصمة، لتقديم تقريرها السنوي الذي يحتوي على نتائج 26 مهمة رقابية ميدانية، شملت برامج عمومية وأنشطة قطاعية وعددا من مصالح الدولة والمؤسسات والمنشآت العمومية والجماعات المحلية والجمعيات. تونس(الشروق) وخلص التقرير الواحد والثلاثين لدائرة المحاسبات الى وجود شبهات فساد وسوء تصرف في المال العام وضرر مالي للدولة وعدد من الهياكل العمومية. وقد تم إعداد مذكرات بإحالة بعض الملفات على دائرة الزجر المالي. فيما تمت إثارة ملفات أخرى تتضمن شبهات بإمكانها أن تؤول الى المؤاخذة الجزائية. وفي هذا الاطار، أكد المقرر العام بدائرة المحاسبات منير السكوري أن هذا التقرير يهدف الى تعزيز الحوكمة الرشيدة وحق المواطن في المعلومة والتعرف على طرق التصرف في المال العام، مؤكدا أنه تمت مطالبة رئاستي الحكومة والجمهورية بمتابعة ما خلصت اليه دائرة المحاسبات.. سوء تصرف بمنظومة الطاقة ورد في تقرير دائرة المحاسبات أن غياب استراتيجية للتحكم في الطاقة وعدم استكمال الإطار القانوني والترتيبي المتعلق بصندوق الانتقال الطاقي خلال الفترة الممتدة من 2014 الى 2016 حرم المجموعة الوطنية من تحقيق اقتصاد في كمية الطاقة بحوالي 2476 ألف طن ناهزت قيمتها 1584 م د وحوالي 432 م د من نفقات الدعم. كما خلصت الدائرة الى أنه تم تسجيل استهلاك طاقي إضافي نتيجة تهريب المكيفات ناهز 11 م د ودعم بقيمة 3 م د، واستثمارات إضافية لتوفير الكهرباء بلغت 339 م د.يضاف الى ذلك تجاوز قيمة الفاقد التجاري في توزيع الكهرباء حوالي 1.192 م د نتيجة ارتفاع عمليات الغش التي لا يتم عند اكتشافها استرجاع سوى نسبة 6.3 بالمائة من إجمالي هذا الفاقد. تسديد الدين الخارجي سنة 2055 أكد تقرير دائرة المحاسبات، أن حجم الدين العمومي، في ارتفاع متواصل وذلك بمعدل 17 نقطة خلال -2011 2016 وان الدين العمومي الخارجي بلغ 65 بالمائة منه في سنة 2016 و 69 بالمائة خلال سنة 2017 مقابل حوالي 58 بالمائة في سنة 2011، علما أن تسديد الدين سوف يتواصل الى سنة 2055 وأن ميزانية الدولة سوف تتحمل خلال سنتي 2021 و 2025 ما يعادل مليار دولار أمريكي كل سنة. وأكد التقرير على تزايد اللجوء الى قروض السوق المالية العالمية والبالغ حجمها 12.239 م د في موفى 2016 لتمويل الميزانية وارتفاع كلفتها خاصة بسبب التراجع المتواصل للترقيم السيادي للبلاد التونسية. انتدابات مشبوهة أكدت دائرة المحاسبات أن نقص الحوكمة بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، تسبب في صرف مبالغ جملية دون وجه حق فاقت 100 م د إضافة الى وجود مخاطر هامة لتأدية نفقات دون موجب. وأشار التقرير الى ارتفاع المساهمات غير المستخلصة في موفى 2016 الى 668 م د. كما تم تسجيل صرف مبلغ قيمته 2.242 م د. دون وجه حق بعنوان جرايات لفائدة متقاعدين انتفعوا بالتوازي بأجور صرفت عن طريقة منظومة انصاف، الى جانب صرف جرايات دون موجب بعد الوفاة مما خسر الصندوق مبلغ قيمته 48.919 م د، وصرف جرايات ترمل دون وجه حق بعد زوال شرط استحقاق الجراية بمبلغ ناهز 5 م د. كما تم تسجيل انتداب الصندوق ل50 عونا بصفة مباشرة عن طريق التعاقد خلال سنتي -2011 2016 خلافا للصيغ القانونية تبين أن جميعهم من أبناء الأعوان وأقربائهم. كما أدى تكفل الصندوق كليا بمساهمات الضمان الاجتماعي المحمولة على أعوانه من غرة جويلية 2012 بمقتضى اتفاق نقابي الى تحمل الصندوق -دون وجه حق- مساهمات الأعوان التي بلغت 21 م د خلال 2012 الى 2017. تجاوزات بمستشفى عزيزة عثمانة أفضت العملية الرقابية التي أجرتها دائرة المحاسبات لمستشفى عزيزة عثمانة الى أن المستشفى لم يدرج بسجلاته أدوية بقيمة 402.9 ألف دينار، استلمها من مصحة العمران، إضافة الى عدم تسجيل أدوية أخرى لمرضى استلمها المستشفى بعد وفاتهم قيمتها 156.4 ألف دينار. كما تم تسجيل استلام المستشفى أدوية من مصحة العمران بقيمة 103.3 ألف دينار بعد وفاة المرضى المعنيين بها، الى جانب تراكم مستحقات المستشفى تجاه المتعاملين معه لتبلغ 13.7 م د وضعف نسبة استخلاص الديون الموثقة بمكبيالات لم تتجاوز نسبتها 2 بالمائة. ساعات طيران وهمية بلغت جملة الخسائر الناتجة عن استغلال الخطوط خلال الفترة الممتدة من 2012 الى 2016 ما قدره 595 م د، يضاف الى ذلك تحمل الشركة مبلغا قيمته 5.74 مليار دينار بعنوان ساعات طيران لفائدة طيارين دون أن ينجزوها فعلا وساعات اضافية للبعض الآخر نتيجة التوزيع غير المتوازن لساعات الطيران. كما تم تسجيل توقف الطائرات لفترات طويلة على ذمة الصيانة تجاوزت 300 يوم، ولجوء شركة الخطوط التونسية الى كراء طائرات للمحافظةعلى استمرارية نشاطها. وهو ما حملها نفقات خلال 2014 – 2017 قدرها 25.8 مليارا. كما تم تسجيل كثرة لجوء الشركة الى شراء قطع غيار الطائرات بصفة استعجالية مما حملها تكاليف باهظة تتعلق بالترفيع في الأثمان وصل الى 88 بالمائة مقارنة بالأثمان العادية. إذ بلغت قيمة هذه الشراءات 23 م د خلال الفترة الممتدة من 2012 الى 2017. كما أسفرت حالات التأخير التي تتجاوز 3 ساعات خلال الفترة الممتدة من 2014 الى 2017 الشركة 16 م د بعنوان تعهد بالمسافرين، عن فقدان الشركة تراخيص الإقلاع والهبوط « slot » الممنوحة لها بعدد من المطارات الأجنبية نتيجة لعدم انتظام رحلاتها. مؤطر: ميزانية الدولة لسنة 2016 أكدت دائرة المحاسبات على تراجع حصة الموارد الذاتية من جملة موارد الميزانية لتبلغ 73.67 بالمائة، في سنة 2016 مقابل 77.29 بالمائة في سنة 2015. ومكنت من تغطية نفقات الميزانية في حدود 80.24 بالمائة في سنة 2016 مقابل 83.43 بالمائة في سنة 2015 وذلك حسب ما ورد في تقرير دائرة المحاسبات الذي أضاف تواصل ارتفاع نسبة التداين العمومي ليبلغ 61.9 بالمائة سنة 2016، الى جانب ارتفاع حصة موارد الاقتراض ب8.340 م.د من جملة موارد ميزانية الدولة الى 26.33 بالمائة في سنة 2016. كما تواصل اقتطاع مبالغ من فوائض صناديق الخزينة ونقلها الى موارد العنوان الأول من ميزانية الدولة بقيمة 1.127.894 م د بما لا يتلاءم مع الأهداف التي بعثت من أجلها هذه الصناديق، يضاف الى ذلك ارتفاع الرصيد الفعلي المدين للحساب القار لتسبقات الخزينة في 2016 الى ما قيمته 10.127.067 م د. وهو ما يعكس الإفراط في اللجوء الى متوفرات الخزينة لتمويل عجز الميزانية. كما تم تسجيل ارتفاع رصيد البقايا للتسوية بعنوان تسبقات على عمليات الميزانية الى 845.439 م د بما يحجب تجاوزا للاعتمادات المرخص فيها ويحد من مصداقية نتائج تنفيذ الميزانية. تجاوزات في التعليم العالي الخاص خلصت دائرة المحاسبات الى وجود تجاوزات بعدد من مؤسسات التعليم العالي الخاص، نتيجة ضعف مراقبتهم من سلطة الإشراف. حيث تم تسجيل ترفيع 12 مؤسسة جامعية خاصة في معاليم التسجيل والدراسة بنسب تجاوزت 65 بالمائة عوضا عن 5 بالمائة. كما تم تسجيل عدم تأمين مراقبة سير الامتحانات لما جملته 12 مؤسسة جامعية خاصة من قبل سلطة الإشراف، وتجاوز 9 مؤسسات طاقة الاستيعاب القصوى المحددة من قبل الوزارة وصل الى 4 أضعاف دون أن تتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة تجاه المؤسسات المتجاوزة. كما لم تتخذ الوزارة إجراءات ردعية تجاه المؤسسات المخالفة للنصوص القانونية التي أدت الى عدم إسناد المعادلة الى بعض الشهائد. ولم تتوجه ببلاغات للفت نظر العموم وإعلامهم بهذه الوضعيات. كما تم تسجيل 400 طالب من قبل 7 مؤسسات خاصة للتعليم العالي في 16 شهادة غير مؤهلة دون أن تتخذ الوزارة الإجراءات القانونية ضد هذه المؤسسات.