شهدت مدينة القصرين وبعض مراكز معتمدياتها وخاصة تالة وسبيطلة وفريانةوتالة وفوسانة وسبيبة منذ اول هذا الاسبوع تحركات احتجاجية متقطعة اغلبها ليلية تمثلت اساسا في اغلاق الطرقات بالحواجز والإطارات المطاطية المشتعلة ورشق وحدات الامن وبعض المقرات الامنية (في تالة وفوسانة وقرية بودرياس الحدودية) بالحجارة، لكنها توقفت منذ مساء الاربعاء دون ان تسجل اثناءها اية عمليات تخريب او نهب، و هو ما يؤكد على الاقل انها ذات طابع اجتماعي رغم اجماع الأهالي على الرفض التام لاستهداف الامن ومقراته واغلاق الطرقات، وواضح ان هذه الاحتجاجات التي فجرتها حادثة «احتراق» المصور التلفزي المرحوم عبد الرزاق الزرقي ظهر يوم الاثنين، وسواء كانت الفاجعة انتحارا او جريمة قتل، فانها مثلت دافعا «حرّك» الهواجس والشارع «القصريني» وتذكيره بالوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي بالجهة وتواصل التهميش وغياب التشغيل والتنمية، فضلا عن ارتفاع الاسعار وتدهور المقدرة الشرائية، وهي كلها «انتظارات» بعيدة كل البعد عن طموحات شباب الجهة واهاليها بعد 8 سنوات على ثورة الكرامة والحرية التي قدمت فيها القصرين اكثر الشهداء (20 شهيدا) والجرحى (المئات منهم) وشهدت اعنف احداثها بكل من تالةوفريانةوالقصرين بين نهاية 2010 وبداية 2011 قبل هروب الرئيس السابق. الى جانب حادثة الفقيد عبد الرزاق الزرقي سجلت جهة القصرين يوم الخميس خمس محاولات للانتحار حرقا 4 في مدينة القصرين منها واحدة بنفس ساحة الشهداء التي كانت مسرحا لوفاة المصور التلفزي والخامسة في مدينة فريانة، تم والحمد لله منع المقدمين عليها (من بينهم فتاتان معتصمتان منذ اشهر امام مقر الولاية) من تنفيذ ما عزموا عليه قبل اشعال النار في اجسادهم، وهو امر اصبح يثير الكثير من المخاوف من حصول حالات انتحار قادمة مع تواصل اجواء الاحتقان وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالجهة، وحتى لا يتحول الانتحار الى وسيلة للاحتجاج قد تكون لها تداعيات خطيرة على الوضع الامني، فانه من واجب الجميع وخاصة بعض السياسيين والمدونين واصحاب صفحات مشبوهة بمواقع التواصل الاجتماعي الابتعاد عن «تسخين» الاجواء في القصرين وتهيئة الارضية لمزيد من الاحتقان مع اقتراب الذكرى الثامنة لاحداث الثورة فيها. تأطير الاحتجاجات امام ما تعيشه الجهة من وضع مترد واجواء «ساخنة» وحتى لا تخرج التحركات الاحتجاجية الاجتماعية العشوائية والعفوية عن السيطرة، دعا الكثير من المواطنين من مختلف الفئات والعديد من ناشطي المجتمع المدني بالقصرين الى ضرورة العمل على تاطير أي تحرك قادم واختيار قيادات معروفة له وتحديد اماكنه وتوحيد شعاراته ومطالبه وابعاد أي استغلال له من طرف المنحرفين والمهربين والنشطاء السياسيين خدمة لمصالحهم و احزابهم، واول خطوة في هذا المجال عرفتها صباح امس الجمعة حديقة ساحة الشهداء بقلب مدينة القصرين تمثلت في تنظيم مجموعة من الناشطين بالمجتمع المدني وقفة احتجاجية سلمية رفعوا خلالها عديد الشعارات باسم كامل اهالي الجهة واهمها ضرورة تفعيل الفصل الذي جاء به الدستور المتعلق بالتمييز الايجابي للجهات الداخلية وتحقيق العدالة الاجتماعية وذلك برصد الاعتمادات الكافية لتحقيق تنمية حقيقية بولاية القصرين المرتبة في مؤخرة ولايات الجمهورية في كل مؤشرات الفقر والامية والبطالة والانقطاع المدرسي وضعف البنية الاساسية زادها تواجد المجموعات الارهابية ببعض جبالها ترديا.. اضافة الى بعث مشاريع لتوفير مواطن شغل لجحافل العاطلين عن العمل ومساعدة الباعثين الشبان على انجاز مشاريعهم ومرافقتهم في خطواتهم الاولى بالتمويلات الكافية.. ولئن لم تجد الوقفة الاقبال المنتظر من المواطنين لان اغلبهم ليسوا على علم بها، فانها كانت «صيحة» وتحركا منظما يمكن ان يكون منطلقا لتاطير وتنظيم التحركات القادمة بعيدا عن اغلاق الطرقات واستهداف الامن بالحجارة.