مع اقتراب حلول شهر جانفي المعروف في جهة القصرين منذ بداية 2011 بانه موعد سنوي للاحتجاجات «المؤطرة» والعشوائية، يبدو أن بعض الاطراف المشبوهة والتي يرجح أن أحزابا وراءها، بدأت في «تسخين الاجواء» بأهم مدن الولاية وخاصة القصرينوفريانةوتالة التي كانت بين أواخر ديسمبر 2010 وبداية جانفي 2011 مسرحا لأبرز أحداث الثورة وسقط فيها 20 شهيدا ومئات الجرحى، وفي كل سنة يسعى البعض لاثارة الفوضى فيها بتعلة غياب التنمية والتشغيل وتواصل التهميش. تحركات.. انطلقت هذه المحاولات بداية الأسبوع الجاري بمفترق حي القضاة بالقصرين من خلال دفع مجموعة من الأطفال والشبان (بين 9 و18 سنة) الى إغلاق الطريق بالعجلات المطاطية المشتعلة بحجة الاحتجاج على قرب فتح مساحة تجارية كبرى لفرع لها قرب المفترق المذكور، ثم تلتها يوم الاثنين تحركات مماثلة بمدخل حي الزهور من طرف مجموعة من الشبان كانوا يتنقلون على متن دراجات نارية اغلقوا المفترق بالعجلات المشتعلة ثم اختفوا، وكلا التحركين لم يجدا أي تجاوب من الاهالي بل العكس اذ اعتبروه امرا مبيتا لاثارة الفوضى ودعوا الى الابتعاد عنه وعدم الانسياق وراءه، ومنذ ثلاث ليال بدات اطراف مشبوهة بالدفع نحو ادخال الاضطراب في مدينة تالة من خلال توجيه اطفال وشبان لرشق مقرات امنية واستفزاز وحدات الشرطة والحرس الوطني لكنها لم تنجح لثلاث ليال متتالية في اثارة الفوضى لان وحدات الامن نجحت في التصدي لهم واعادت الامور الى نصابها في ظرف قصير، وجنبوا المدينة «المخطط» الذي تكرر سابقا اكثر من مرة وهو حرق منطقة الامن واضطرار قوات الشرطة للانسحاب من المدينة. ولئن افادتنا مصادر من معتمدية تالة بان التحركات الليلية الاخيرة لم ترتق الى «احتجاجات» ومواجهات مع الامن وتخريب «كاميرا» المراقبة المركزة قرب منطقة الامن مثلما تردد ذلك في بعض المواقع الاخبارية، وهو نفس ما ذكره لنا متساكنون من المدينة، فان وجود تحركات ليلية حتى وان كانت محدودة توجهت الى مقرات امنية لاستفزاز قواتها امر يثير الريبة ولابد من التعامل معها بجدية لاحباط ما قد يتلوها من فوضى، وتحديد الاطراف المشبوهة التي تقف وراءها وتقديمهم للعدالة، وهو ما تم بالفعل بعد فتح بحث في ما حصل وايقاف عدد من المتلبسين به، خصوصا وان تحركات مشابهة لها شهدتها ليلة اول امس مدينة فريانة عندما عمدت مجموعة من الشبان الى اغلاق الطريق ثم الفرار عبر الانهج الضيقة لما وصلت وحدات الامن التي تولت اعادة فتحه ومطاردة هؤلاء المتسترين بالظلام لمحاولة اثارة الفوضى التي عانت منها المدينة في سنوات سابقة وتحولت وقتها الى عمليات نهب وتخريب تضررت منها مقرات ادارية وفرع بنكي.. و في رصد «الصباح» لردود فعل المواطنين وناشطي المجتمع المدني بالقصرين تجاه هذه التحركات اجمع كل من تحدثنا اليهم ان أي احتجاج ليلي مرفوض جملة وتفصيلا لان الدفع بمستهلكي «الزطلة» مثلما يحصل والتستر بالظلام يؤكد انه تحرك مشبوه هدفه الفوضى والتخريب، ومن يريد المطالبة بالتنمية والتشغيل وهو المبرر الاول لكل الاحتجاجات عليه ان يقوم بذلك في النهار وبطريقة حضارية ومنظمة يرفع فيها شعارات محددة بعيدا عن العنف واغلاق الطرقات وتعطيل مصالح الناس وهم يدعون السلط المعنية الى الحذر من مثل هذه التحركات الليلية والتصدي لها في المهد، ويطالبون الاهالي بعدم الانسياق وراءها ومنع ابنائهم من المشاركة فيها، لان القصرين عانت سنويا من مثل هذه الفوضى التي خلفت اضرارا كبيرة ببعض مؤسساتها ولم تعد قادرة على تحمل المزيد منها، لان غياب التنمية والتشغيل لا يمكن ان يكون بنشر الفوضى والاضطراب وتهيئة الارضية لمختلف الانفلاتات.. مع الاشارة إلى ان سماء مدينة القصرين شهدت ليلة اول امس وبعض الليالي السابقة لها تحليق مروحيات في اجواء احيائها كانت تتولى القيام على ما يبدو بعمليات تمشيط جوي ليلي (لاول مرة تقريبا) مصحوبة بانتشار قوات من فرق مختلفة اعتبرتها مصادر غير رسمية بانها عمليات روتينية هدفها التوقي من الارهاب والجريمة، في حين كانت صفحات «الفايسبوك» تتابعها بدقة وتشير الى اماكنها والتعليق عليها باشاعات لا اساس لها من الصحة، متناسية ان نشر تفاصيلها لن يخدم الا المجموعات الارهابية المتربصة بامن الجهة. «زطلة» و«حبوب هلوسة».. ولئن تردد أن بعض الأطراف التي تقف وراء دفع الأطفال والشبان للاحتجاج باستهداف المقرات الامنية ليلا بالحجارة واغلاق الطرقات والمفترقات بالعجلات المشتعلة تقوم بتوزيع الاموال والمواد المخدرة على هؤلاء لتشجيعهم على مزيد تاجيج الاحتجاجات، فانه لا توجد ادلة ملموسة على ذلك، رغم ان كل المؤشرات وبعض الاعترافات غير المعلنة للمحتجين، والحالة غير الطبيعية التي كانوا عليها التي تفضح انهم تحت تاثير «الزطلة» أو حبوب الهلوسة، تؤكد ان هناك من «دفع» لهم، وعلى السلط القضائية والامنية فتح ابحاث جدية حول هذه المسالة لتحديد المسؤوليات والكشف عمّن «يمول» هذه الاحتجاجات. من جهة اخرى نشير الى ان اهالي القصرين ومكونات المجتمع المدني بها قد رفضوا بصفة قطعية ما جاء في الندوة الصحفية لتنسيقية ما يسمى بحركة «اصحاب السترات الحمراء» التي عقدتها يوم الجمعة واشارت فيها الى ان تحركاتها الاحتجاجية ستنطلق يوم الاثنين 17 ديسمبر الجاري من ولاية القصرين، وقال لنا العشرات من شباب القصرين إنهم لن ينساقوا وراء ما تخطط له هذه التنسيقية وان القصرين لن تكون ارضية لتحركاتها، ووصل الامر ببعضهم الى القول بان من سيشاهدوه من هؤلاء يحمل سترة حمراء في شوارع القصرين سيتصدون له، مؤكدين ان القصرين لم تبعث بها الى الان تنسيقية للحركة المذكورة.