ودعنا منذ ساعات سنة صعبة كانت سنة كل الأرقام السلبية اقتصاديا.. السنة الأصعب على المستوى الاقتصادي.. سنة سجلنا فيها انهيارا مخيفا في كل الأرقام عانت منها ميزانية الدولة الكثير وعانى منها المواطن أكثر في ظل ارتفاع جنوني للأسعار وانهيار مخيف للمقدرة الشرائية واضطراب اجتماعي ولخبطة في القوانين وانعدام الاستثمارات... الدولة سنة 2018 كانت مهددة بالإفلاس في ظل انهيار الإنتاج وضعف الموارد مع تزايد المصاريف مما حدا بالدولة إلى مواصلة سياسة الاقتراض التي أثقلت كاهلها خاصة أمام عدم استغلال هذه الديون كاستثمارات وتحويلها إلى الاستهلاك عبر صرف جزء من هذه الديون لتغطية نفقات الزيادات في الأجور ولتمويل ميزانية الدعم.. الهياكل الاقتصادية والمالية عبرت خلال سنة 2018 عن خشيتها من الانهيار الاقتصادي في ظل تباطؤ نسق الإنتاج الصناعي وتراجع مؤشرات النشاط السياحي وبلوغ نسبة التضخم مستويات عالية. الدينار التونسي شهد انحدارا لم يشهده من قبل حيث بلغ سعر صرف الدينار مستويات عليا تجاه الأورو والدولار الأمريكي وهو ما نتج عنه زيادات في الأسعار في ظل ارتفاع تكلفة المنتوجات والسلع الموردّة. هذا الارتفاع الكبير في الأسعار أضر بشكل كبير بالمقدرة الشرائية للمواطن الذي عانى سنة 2018 من التضخم المتزايد وانخرام نظم الخدمات العمومية والزيادات المتتالية في المرافق العامة مثل المحروقات والكهرباء والماء والتطهير والزيادة في أسعار الحاجيات اليومية على غرار اللحوم والأسماك وكل الخضر والغلال والمصبّرات ومواد التنظيف وكل المنتوجات المعيشية تقريبا... سنة 2018 غابت فيها كل ملامح الاستثمار ولم تشهد فيها البلاد أي مشروع ذي اعتبار والأكيد أن ذلك يعود لعدم وضوح الرؤية ولغياب الاطمئنان لدى رجال الأعمال. ونحن نستقبل اليوم سنة جديدة نأمل من الحكومة ومن أصحاب القرار وجميع الدوائر المسؤولة وكافة الأطراف الفاعلة اقتصاديا أن تتحلّى بروح المسؤولية وتغلب المصلحة الوطنية من اجل النهوض باقتصاد البلاد وإخراجها مما تردت فيه من انهيار اقتصادي.. وهذا لن يكون إلا بإصلاحات قانونية ودفع أكثر للاستثمار وتحقيق العدالة الجبائية والمعادلة بين التنمية والاستهلاك وإصلاح منظومة الدعم دون المس من المقدرة الشرائية للمواطن.. سنة 2019 هي سنة انتخابية.. لكن لا يجب أن تغلب فيها مصالح السياسيين والعقلية الانتهازية على مصلحة البلاد.. فالإصلاح الاقتصادي يبقى مفتاح كل تنمية وكل تطور وكل نهوض.. وهو ما نأمل أن يعيه أولو الأمر في بداية هذه السنة.. وكل الأمل أن تكون 2019 أفضل من السنة التي سبقتها وحتى من السنوات التي قبلها التي عرفت فيها تونس العزيزة أحلك فتراتها.