تأخذ الواجبات المنزلية والمراجعات حيزا هاما من وقت التلميذ خارج المدرسة وعادة ما يكون في البيت وفي أحيان كثيرة بمساعدة الأولياء . وقد أثبت البحث التربوي أن لتلك المساعدة قواعدها وإن حادت عنها تنقلب إلى ضدها أي أنها تؤثر سلبا على تحصيل التلميذ المعرفة. فكيف يكون العمل؟ المراجعة المدعومة يلاحظ الجميع اليوم أن عديد الأولياء وعن جهل منهم أو عن قناعة أو لأسباب عاطفية ،يعتقدون أن مساعدة أبنائهم على القيام بالواجبات المنزلية مهما كان مستوى المساعدة هو أمر مطلوب بل مساعد على التعلم والتمكن من المعرفة وعلى النجاح في النهاية. ولذلك تتوسع المساعدة البسيطة لدى العديد منهم لتصبح مساعدة معمقة تصل إلى حد مد الأبناء بحل المسائل جاهزا أو مدهم بمنهجية الحل جاهزة أو إعداد الولي بنفسه الملفات التي يطالب بها المدرسون في بعض المواد... إلى غير ذلك من أنواع المساعدات. وتأخذ المساعدة بعدا كارثيا على مستوى تعلم الأبناء عندما تصبح متواصلة ومنتظمة إلى درجة أن الدعم الوالدي هذا يصل حد تكفل الوالدين أو أحدهما بواجبات الابن أو البنت كاملة في حين ينشغل الأبناء في نفس الوقت بأشياء أخرى لا علاقة لها بتلك المراجعة. وجاء في دراسة أمريكية قام بها باحثان في علم الاجتماع « أنجيل هاريس» و «كيث روبنسون» وصدرت سنة 2014 في كتاب بعنوان «التزام الأولياء في تعليم أبنائهم « تحذير من هذا السلوك الوالدي مع الأبناء في التعلَم. وقام الباحثان بمتابعة عديد التلاميذ المنتمين إلى عائلات تنتهج هذا الدعم المتواصل للأبناء وتساعدهم على أداء واجباتهم المدرسية في المنزل وتوصلا في النهاية إلى أن النتائج المدرسية لهؤلاء التلاميذ لم تتحسن بفعل هذا الدعم الوالدي بل وساءت عند الكثير منهم وأثرت سلبا على نجاحهم مدرسيا. واستنتج الباحثان أن مشاركة الأولياء أبناءهم في إعداد واجباتهم لا يؤدي إلى حصول الأبناء على درجات مرتفعة. إن اعتماد المساعدة الوالدية غير المنظمة والمبالغ فيها يمثل خطرا على التلميذ فهي تنمي لديه الشعور بالعجز وعدم القدرة على أن يتعلم بمفرده مستغنيا عن أي مساعدة وتتأكد تلك الخطورة عندما يجد التلميذ نفسه وحيدا أمام ورقة الامتحان وعليه الإجابة دون مساعدة. قواعد المساعدة من المستحسن أن يجد الأبناء المساعدة من الوالدين في تعلمهم، لكن كيف؟ إن أهم قاعدة تذكر في هذا المجال هي أن يربي الولي أبناءه منذ الصغر وقبل الدخول إلى المدرسة على تحمل المسؤولية وأن يغرس فيهم مبدأ الاستقلالية ويعودهم على ذلك في التصرف وفي وحل المسائل التي تعترضهم واتخاذ القرار المناسب أمام صعوبة ما يعترضهم . وهكذا يبني الولي متعلما مستقلا بذاته ومسؤولا عن قراراته . ومن خلال الحوار مع الأبناء والاستماع إليهم على الولي أن يزرع فيهم منذ الصغر قاعدة مهمة في حياتهم هي أنهم المسؤولون وحدهم على تعلمهم . وقد أثبتت الدراسات أن التلاميذ الذين يتصفون بالاستقلالية في العمل تكون نتائجهم المدرسية أفضل من غيرهم . إن تلك القواعد والصفات تسهل على الطفل تعلمه عندما يلتحق بالمدرسة لأنه تعلم منها كيف يتعلم وفي هذه الحالة يكون مقتنعا بأن قيامه بواجباته المدرسية بمفرده هو المنطق الصحيح فلا يلتجئ إلى والديه إلا عندما يتعثر في مسألة دراسية معينة . وبالتالي لا يتدخل الولي إلا عندما يطلب منه ذلك . والأفضل أن يراقب الولي من بعيد عمل الأبناء المدرسي للتأكد من أنهم قاموا بما هو مطلوب منهم ولا يكون تدخله للمساعدة إلا بعد أن يلاحظ أن ابنه أو ابنته قام بمجهود لحل المطلوب منه لكنه وجد صعوبة في ذلك، وفي هذه الحالة من المهم أن نبتعد عن إعطاء الابن الحل مهما كان بسيطا بل ونأخذ بيده ليصل إلى الحل المطلوب بمفرده فيقوم الولي بعملية توجيه منهجي دون أخذ مكان الابن أو البنت في القيام بالواجب المدرسي. وعلى الولي عوض تقديم مساعدة سلبية لابنه أو ابنته أن يكون حازما في متابعة نتائج أبنائه في المدرسة ومدى تفاعلهم مع المدرسين في القسم وهل يشكون من نقائص معينة لمعالجتها في الابان وفق ما يشرحه له المدرس وليس في المطلق وهذا هو التمشي الذي يساعد على نجاح الأبناء مدرسيا ويبني شخصيتهم . * باحث وخبير تربوي