يستعد المسرحي معز العاشوري لتقديم العرض الأول للمسرحية الجديدة «دون كيشوت تونس» أو «حب تحت المراقبة» المقرر تقديمه يوم الخميس القادم بقاعة المبدعين الشبان بمدينة الثقافة. وهو من تأليفه وإخراجه ويشارك في تجسيده على الركح إلى جانب ثمانية ممثلين آخرين. يأتي هذا العمل ليثمّن التوجه الجديد للمسرحي معز العاشوري واختياره لنمط مسرحي غير متداول بكثرة في تونس، إن لم يكن غير موجود في الأوساط المسرحية وهو المسرح التوثيقي وذلك بعد تجربة أولى في مسرحية «ليلة الغفلة» التي قدمها منذ سنتين وهو عمل أراد من خلاله التوثيق للثورة التونسية بتركيز العمل على أحداث مدينتي تالة والقصرين. وفي حديثه عن مسرحيته الجديدة قال معز العاشوري: «أعترف أني اخترت مواصلة التجربة في المسرح التوثيقي رغم أني قدمت خلال مسيرتي عديد الأعمال وخضت تجارب مختلفة، لكن وبعد مسرحية «ليلة الغفلة» التي انتجها المسرح الوطني، أردت أن يكون المسرح التوثيقي حاضرا بقوة في هذا العمل لأنه نمط أكثر واقعية وصدق وقريب جدا من جمهور المسرح اليوم أكثر من أي وقت مضى خاصة أني حرصت على ان تكون هذه التقنيات موظفة وخادمة للحكي المسرحي وليس مجرد استعراض». وفيما يتعلق بمحور هذا العمل أفاد محدثنا أن المسرحية تنبني على توثيق واقعة أو حادثة جدت بتونس في سنتي 2004 و2005 تتمثل في اتفاق مخرج مسرحي مع حبيبته التي تشاركه نفس الهاجس الفني والمهني على انجاز عمل مسرحي مقتبس عن «دون كيشوت» لكنه يعالج موضوع الإرهاب وهو السبب الذي جعل هذا الثنائي يقعا تحت المراقبة لتتطور وضعيتهما وتزداد تأزما ومشاكل. لذلك يعتبر المسرحية توثيق لقضايا اجتماعية وتاريخية وثقافية وسياسية، وقعت قبل الثورة التونسية بالاعتماد على بناء ملحمي Théâtre épique يقطع مع التسلسل المنطقي للدراما ويعتمد على عرض الأحداث الماضوية، وتحليل الواقع بالاعتماد على وقائع تاريخية ودرامية. لينطلق التوثيق لهذه الحادثة المتشعبة التي كانت بدايتها وأهدافها فنية وعرفت أطوارا حادت بها عن ذلك وجعلت من صاحبيها ضحية، وذلك بعد 12 سنة داخل أستوديو إحدى القنوات التلفزية. وأكد أنه حرص في هندسة تفاصيل هذا العمل وضبط خطوطه الفنية والدرامية العريضة على مراعاة المقاييس الجمالية والحكائية التي تجعل المتفرج في لحظة راهنة مع أحداث ماضية خاصة أنه اعتمد في ذلك تقنيات توثيقية شاملة بدءا بالسرد للأحداث مرورا بالروبورتاج والتحقيق السمعي فضلا عن توظيف تسجيلات سمعية ووثائق من الأرشيف تتعلق بهذه الحادثة. وحول نفس المسألة أضاف مخرج المسرحية قائلا: «صحيح أني قضيت أكثر من خمسة أشهر في جمع المادة الخاصة بهذا العمل خاصة أن الموضوع يتعلق بقضية واقعية جدت في الزمن القريب في تونس ووقائعها موثقة لذلك اخترت أن تحمل عنوان «دون كيشوت تونس» والعنوان الثاني لنفس العمل»حب تحت المراقبة» هو تأكيد لأهمية ودراماتيكية القضية من ناحية وتأكيد لهذا المنحى والنمط المسرحي الذي أخوضه للمرة الثانية ووجدت متعة كبيرة في تنفيذه رغم صعوبة المهمة خاصة أن هذا النمط غير متداول بتونس ومن ثمة يعد تجربة جديدة بالنسبة للجمهور التونسي لعدم تعوده على ذلك». وهو يعتبر في ذلك شكل جديد لمسرح داخل المسرح على نحو يفتح آفاقا رحبة في التراوح بين الفضاء السردي والفضاء الدرامي والفضاء «اللعبي» والانفتاح على فضاء الجمهور. كما يساهم في تغيير الإيقاع وينوع من أداء الممثل. وتجدر الإشارة إلى أن مسرحية «دون كيشوت تونس أو حب تحت المراقبة» يجسدها على الركح تسعة ممثلين وهم كل من مخرج العمل وهندة الغابري ورامي الشارني وجميلة كامارا وبشير الغرياني ومحمد سفينة ورضوان شلباوي وزينب محمد وخليل بن مصطفى. وفيما يتعلق ببرنامج عروض هذا العمل المدعم من وزارة الشؤون الثقافية، أكد معز العاشوري أن العرض الأول هو عبارة عن فرصة لتسويق العمل وتأكيد الاتفاق المبدئي مع بعض الجهات على برمجته في تظاهرات ومناسبات خاصة بالفن الرابع. ويذكر أن في رصيد مؤلف ومخرج هذه المسرحية مسيرة حافلة بعديد الأعمال على الصعيدين الوطني والدولي باعتبار انه شارك في عديد الإنتاجات المسرحية المشتركة بين تونس وبلدان أوروبية تحديدا نذكر من بين أبرز الأعمال التي أخرجها «مولد النسيان» لمحمود المسعدي و»مذكرات شاب مجنون» إضافة إلى أعمال أخرى من انتاج المسرح الوطني وهي مسرحيات «أستوديو إيكس» و»مدرسة الشيطان» و»ليلة الغفلة».