تعيش جهة القصرين منذ الايام الاخيرة لسنة 2018 والى غاية الان موجة برد شديدة زادها نزول الثلوج باغلب مناطقها في اواخر الاسبوع حدة، لتعمّق معاناة الاهالي وخاصة في المناطق الحدودية والتجمعات السكنية المتناثرة على مرتفعات الجهة وبسفوح جبالها مثل بوشبكة وام علي والسنك وعبد العظيم وبودرياس وعين جنان ولجرد والطباقة وعين الدفلة والحماد وسيدي سهيل وعين ام الجدور والقرين والعيون وغيرها، التي مثل توفير وسائل التدفئة لاهاليها الهاجس الاول لمجابهة البرد والثلوج بامكانياتهم المتواضعة، ولئن استعدوا كقبل كل شتاء بتجميع كميات من الحطب، فان فيضانات اكتوبر الفارط و«الجليدة» كل صباح جعلت مهمتهم هذه السنة صعبة جدا لعدم وجود اغصان جافة يمكن الاستفادة منها، فضلا عن ان اغلب مرتفعات الجهة مناطق عسكرية مغلقة او مناطق عمليات عسكرية يحجر الدخول اليها في اطار مكافحة الارهاب والتصدي للمجموعات الارهابية المتحصنة بجبال الجهة، وهو ما حرم المتساكنين القاطنين بالقرب منها من جمع حطبها واعشابها الجافة للاستفادة منها. ومن وسائل مجابهة البرد بارياف القصرين اجهزة التسخين المعبر عنها ب«الريشو» والتي تشتغل بالبترول الازرق وهي وسيلة وراءها اتعاب كبيرة في شراء هذه المادة من محطات البنزين البعيدة عنهم والتي لا توجد الا في المدن ورحلة اقتنائها تصبح امرا مفروضا مرتين على الاقل في الاسبوع على متن سيارات النقل الريفي وما يرافق ذلك من تلوث للمنازل برائحة البترول ودخانه اللتين يتحملهما الاهالي مكرهين، كما يمثل وجود «قارورة الغاز» اساس ضمان التدفئة و اعداد الاكلات لمتساكني الارياف في هذا الشتاء القارس التي تعرف به جهة القصرين دائما، وتوفر واحدة او اثنين منها لدى كل عائلة يعتبر مصدر»اطمئنان» لافرادها وغيابها عند وجود أي نقص في محلات بيعها او انقطاع الطريق بفعل الامطار والثلوج يتحول الى «هاجس» لا تتمناه أي عائلة. السخانات الكهربائية المهرّبة تفرض نفسها في ظل ارتفاع نشاط «الكنترة» في سنوات ما بعد الثورة دخلت وسيلة تدفئة جديدة لمنازل اهالي الجهة وهي «السخانات الكهربائية» المهرّبة من الجزائر والتي تباع باثمان مناسبة وهي اكثر «رفاهية» واقل معاناة من التي تشتغل بالبترول الازرق او قوارير الغاز، لانها لا تتطلب غير توفر الطاقة الكهربائية بالمنازل وهي موجودة في اغلب الارياف وقد ساهمت هذه السخانات المهربة في التقليل من معاناة الالاف من الاهالي الا انها ضاعفت من حجم «فواتير الكهرباء» وعجز اصابها عن تسديدها، او اللجوء كما افادنا بذلك عدد من فنيي «الستاغ» الى سرقة الطاقة الكهربائية دون المرور بالعدادات وغيرها من الحيل التي يعمد لها بعض المتساكنين حتى في المدن والتي تعمل «الستاغ» جاهدة على التصدي لها ومعاقبة مرتكبيها لانها كثيرا ما تتسبب في انقطاع الكهرباء من جراء عدم قدرة الشبكة على تحمل الاستهلاك المفرط للسخانات الكهربائية وخاصة تلك المهربة التي لا تستجيب لمواصفاة الاقتصاد في الطاقة. التدفئة المركزية لمن استطاع اليها سبيلا من المزايا التي تتوفر لمدينة القصرين وجود شبكة للغاز الطبيعي منذ سنوات طويلة قبل الثورة بكل احيائها في انتظار توسيعها لتشمل مثلما هو مبرمج مدن تالة وسبيطلة وفريانة، وذلك لان انبوب الغاز الجزائري – الايطالي يمر باراضي الجهة وبها عدة محطات ضخ ومراقبة له، وهو ما اتاح لعدد من المتساكنين فضلا عن تزويد منازلهم بالغاز الطبيعي والتخلي عن استعمال قوارير الغاز، تركيز شبكة للتدفئة المركزية بمساكنهم تشتغل بالغاز تقيهم برد الشتاء القارس، لكن هذه «الرفاهية» لا تتوفر الا لعدد قليل من الموسرين وكبار الموظفين، وليست في متناول الاغلبية الساحقة للمتساكنين نظرا للتكاليف الباهضة التي يتطلبها تركيز شبكة التدفئة المركزية (اكثر من 10 الاف دينار) والاستهلاك الكبير للغاز الذي لا يقل عن معدل 150 د شهريا عند تشغيلها لفترة لا تتجاوز ست ساعات في اليوم (بين المساء والليل) تاتي في «فاتورة الستاغ «مثلما افادنا بذلك احد المتمتعين بهذه الشبكة في حي المنار بالقصرين وهو استاذ اول مميز، اما من يشغلها لاكثر من ذلك بفعل البرد الشديد فان الفاتورة تكون اثقل بكثير.