صدمة لبنان.. قمة بلا رؤساء... قمة تصريف الاعمال في بلد تصريف الاعمال.. قمة البؤساء.. قمة فاشلة شكلا.. تلك بعض من عناوين كثيرة ازدحمت بها الصفحات الاولى لما بقي من صحف لبنانية لم يشملها الغياب ولا تزال تصر على البقاء رغم كل الصعوبات بعد وهي بالتأكيد تختزل المشهد اللبناني ومعه المشهد العربي الذي لا يستوجب فهمه عناء كبيرا.. لا ندري ان كان لبنان يتوقع هذا الحضور المحدود او الحضور بالغياب عندما بادر باعلان رغبته في احتضان القمة الاقتصادية الرابعة في العاصمة بيروت المحببة من كل القلوب، وليس من الواضح في ظل التمزق الحاصل في لبنان وتعقيدات مخاض الحكومة الذي لا ينتهي لماذا لم يبادر لبنان الى المطالبة بتأجيل موعد القمة التي شهدت حضورا مميزا في دورتها الاولى في الكويت في 2009 ومنها شرم الشيخ في 2011 فالرياض في 2013 حيث ستدفع التطورات الحاصلة في الملف السوري الى مزيد تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وتفتيت المفتت.. قد يعتبر البعض أنه سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن في تأجيل موعد القمة ما يمكن أن يعزز لاحقا فرص نجاحها فقد استوى في نظرالسواد الاعظم من الشعوب العربية الحضور والغياب للقادة العرب ملوكا او رؤساء في ظل قناعة بأن العرب منفردين او مجتمعين لا يملكون سلطة القرارولا روح المبادرة وليس بايديهم مفاتيح ثروات وعائدات ما تزخر به الدول العربية من امكانيات طبيعية وموارد طبعية وغذائية ونفطية.. وقد ظل الفشل والعجز يرافقهم كلما تعلق الامر برد الاذى أوالقدرة للتصدي لاي عدوان خارجي أو تبليغ رسالة موحدة للعالم ازاء ما يمكن ان يمس امنهم الغذائي او المائي اوالسيادي او الاجتماعي... ولم يعد الفشل مرتبط بالنكبات المتتالية وما تلاها من نكسات للقضية الفلسطينية التي يغيب رئيسها بدوره عن قمة بيروت الاقتصادية ولكن الفشل امتد ليفاقم ويعمق الازمات الجديدة التي طغت على المشهد منذ اندلاع موسم الربيع العربي حيث امتدت حروب التدمير تباعا من العراق الى سوريا وليبيا واليمن دون أن يكون للدول العربية قدرة على قراءة المخاطر أو تجنب مزيد التداعيات رغم أن اغلبها كان ولا يزال بين أغنى الاوطان في العالم ولكن شعوبهم تظل الافقر ماديا ومعرفيا.. والمصيبة أن ثرواتها تبدد اليوم في اقتناء صفقات السلاح لتدمير الشعوب والعودة بها الى الحياة بين الركام والخراب.. لقد تداخلت الاحداث والاسباب لتدفع الحكام العرب الى الاعتذار تباعا عن الحضور الى بيروت وربما غاب عنهم أن فشل لبنان من فشلهم وجمود لبنان من جمودهم وانعدام ارادتهم وقدرتهم على تطويق الازمات ومحاصرتها واستحضار الحلول والبدائل... وغياب هؤلاء عن قمة بيروت رسالة الى العالم قبل ان يكون رسالة الى لبنان وهي رسالة لا يمكنها اخفاء حالة الانهيار المستمر في العالم العربي ومعه الجامعة العربية.. قد تكون تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي اعتبر أنه عار تاريخي ان يستمر حصار سوريا ويستمر تعليق عضويتها في الجامعة العربية... وعودة قضية اختفاء الامام موسى الصدر الى سطح الاحداث لتزيد الجروح وتضيف الى قائمة الملفات العالقة قضية العلاقات الليبية اللبنانية.. يصر الامين العام لجامعة الدول العربية على ان مجرد انعقاد القمة بمن حضر انتصار للبنان وانتصار للعرب... والارجح أن ابو الغيط انما يحاول ايهام نفسه بانتصار لا يصدقه حتى الاطفال... لقد اختارت قمة لبنان أن تجعل من الرهان على المواطن العربي خيارالمرحلة لتدفع بالقمة الاقتصادية الى الاستثمار في الامكانيات والفرص المتاحة لشعوب المنطقة ومنح الاولوية بالتالي الى المشاريع الاستثمارية الاقتصادية التي رافقت تاسيس جامعة الدول العربية ومنها الاتحاد المغاربي ومنظمة التعاون الخليجي في بناء شبكة من الطرقات التي تربط الاقاليم وتهيئ الارضية لسوق اقليمية ومنها الى سوق عربية واتحاد جمركي مشترك وهو ما سيظل حبرا على ورق ولن يتجاوز الحبر الذي وثق لميثاق الجامعة العربية التي تجاوزت عقدها السابق دون أن تتجاوز العقد الكثيرة التي ستجعل بيت العرب اهون من بيت العنكبوت.. اكثر من ثلاث وعشرين نقطة على جدول قمة بيروت وهي ذات طابع اقتصادي تتعلق بالامن الغذائي العربي والطاقة المستدامة ومنطقة التجارة الحرة الكبرى والتي قد ترحل الى القمة القادمة في موريتانيا التي اعلنت استعدادها لاستقبال الزعماء العرب خلال سنتين... قد يكون لبنان راهن على حضور الرياضوالكويت لضمان حضور له وزنه خلال القمة اليوم، عديد الملاحظين يعتبرون أن في زيارة مساعد وزير الخارجية الامريكي ديفيد هايل التي سبقت القمة دوره في استمرار تعليق تشكيل الحكومة وفي استمرار الجفاء بين الفرقاء اللبنانيين وفي التأثير على جماعة 14 اذار وفي توجيه رسائل مباشرة الى حزب الله وايران... وربما يتضح الامر اكثر مع اقتراب موعد القمة التي تعتزم واشنطن عقدها في بولندا لمواجهة الخطر الايراني وهي قمة عربية اسرائيلية بدأ الاعداد لها حثيثا وليس من المستبعد أن يكون الحضورالعربي فيها مكثفا على عكس قمة بيروت الفقيرة بشريا وماديا شكلا ومضمونا... ومع ذلك تبقى بيروت ومعها لبنان المنارة التي طالما اتجهت اليها الانظار بحثا عن خيط من الامل في خضم القتامة الحاصلة فلبنان يبقى عنوان الصحافة العربية الحرة وعنوان الفكر العربي المنعتق وعنوان الحريات والابداع في كل الازمان بحضور او بغياب القيادات..