لا يمكن أن يمحي التونسيون يوم 17 جانفي 2019 من ذاكرتهم حيث نُفّذ الإضراب العام بالوظيفة العمومية والقطاع العام بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل وبحضور الآلاف من الموظفين والأعوان العموميين بتونس العاصمة وأيضا بمختلف جهات الجمهورية. المشهد بتونس العاصمة حينها يُغني عن أي تعليق وعن أي تشكيك في قوّة الاتحاد فإذا «عزم نفّذ»، فبالإضافة إلى الشلل التام الذي حلّ بالبلاد، فقد تجمهر الآلاف من التونسيين بشارع الحبيب بورقيبة حاملين ومرددين للعشرات من الشعارات بما فيها السياسية وبقوا لساعات طويلة يجوبون الشارع ذهابا وإيابا ليتحول فيما بعد العشرات منهم إلى ساحة القصبة منادين بإسقاط الحكومة. كان من المنتظر أن تكون هناك بوادر انفراج لهذه الأزمة بعد إضراب عام كلّف كما قيل الدولة المليارات من الدينارات في وضع فات وصفه «بالمُحرج والدقيق» بأشواط كثيرة وبات يُشكل تهديدا أعمق وأكبر للاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والوضع العام ككلّ. أعلن أنه سيجتمع اليوم وفد الاتحاد العام التونسي للشغل برئاسة نور الدين الطبوبي ووفد رئاسة الحكومة في مقدمتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد للتفاوض من جديد حول النقاط العالقة وقد يؤجّل أيضا. فبناء على دعوة وزير التربية حاتم بن سالم للمركزية النقابية والجامعة العامة للتعليم الثانوي لاستئناف المفاوضات العالقة منذ شهر نوفمبر 2018 قد يتمّ تأجيل اجتماع المفاوضات الاجتماعية بين الاتحاد والحكومة باعتبار أنّ المركزية النقابية يُمثّلها أيضا الأمين العام المساعد حفيظ حفيظ كرئيس للجنة التفاوض والذي سيكون على رأس الحاضرين في المفاوضات التي ستنطلق اليوم بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية. فهل يتأجل اللقاء بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة خاصّة أنه بالإضافة إلى تزامن الاجتماعين، ستُطرح أيضا اشكالية المنحة الخصوصية للأساتذة التي حُدّدت ب240 دينارا شهريا وقد تكلف ميزانية الدولة 285 مليارا في المجمل والتي وفق اتفاق سنة 2015 يجب سحبها على جميع الأسلاك بكلفة قُدّرت ب1200 مليار وقد تمُثل هذه المنحة اشكالا بين الوفد المركزي وبين وفد الجامعة العامة للتعليم الثانوي وبالتالي قد تُشكّل أيضا عقبة جديدة أمام نجاح المفاوضات الاجتماعية. مصادر نقابية مطّلعة أفادت أنّ الموعد قد تأجل إلى الخميس القادم من أجل الإعداد الجيد للجلسة باعتبار أن هناك جملة من المقترحات الجديدة سيقع تنظيمها قبل جلوس طرفي التفاوض المسميان خمسة زايد خمسة. يُذكر أنّه يوم الجمعة الماضي أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بريقة اضراب ليومي 20 و21 فيفري 2019 وبالتالي أي تأخير أو تأجيل من شأنه أن يُعزز امكانيات تنفيذ الاضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام.