«انقسامات وصراعات نفوذ وتموقع بين الكتل أدّت إلى شلل العمل البلديّ وانعكست بشكل سلبي على واقع المواطنين وأضرّت بشكل واضح بمصالحهم على جميع الأصعدة».. هذا جانب ممّا ورد بالبيان الصّادر بتاريخ 24 جانفي 2019 عن المكتب المحلّي لحزب التيّار الديمقراطي بالقلعة الكبرى في توصيفه لما يعيشه المجلس البلديّ وتداعيّاته على المصلحة العليا للمدينة. وضع دفع نهاية الأسبوع المنقضي ثلّة من المواطنين وبعض ممثّلي المجتمع المدنيّ إلى جانب مستشاري كتلة "آفاق تونس" والقائمة المستقلّة "القلعة أوّلا" إلى تنظيم وقفة احتجاجيّة أمام مقرّ البلديّة للتّنديد بالوضع ورفع شعار "طبّق القانون.. سيّب اللّجان" في إشارة صريحة إلى الدّعوة لإعادة توزيع اللّجان وفق احترام قاعدة التّمثيل النّسبي للقائمات. «الصّباح» وفي محاولة للوقوف على حقيقة الأزمة وتداعيّاتها بعد تعطّل عمل اللّجان بناء على قرار من الدّائرة الابتدائية للمحكمة الإداريّة بسوسة ومدى تأثير كلّ ذلك على العمل البلديّ وعلى مصالح المواطنين، نقلت أبرز التحديّات والمشاكل التي يعيشها المتساكنون والتقت رئيس بلديّة المكان الدّكتور سالم الورجيني فكان معه هذا الحوار: * تعليقكم على حالة الانقسامات والتّجاذبات التي يعيشها المجلس البلديّ وتداعيّات ذلك على مصلحة القلعة الكبرى؟ - أودّ في البداية أن أوضّح أنّ ما يعيشه المجلس البلديّ لا يرتقي إلى مستوى الأزمة وذلك خلافا لما تروّج له بعض الأطراف. صحيح كنّا نأمل أن يسود المجلس مناخا من التّفاهم والانسجام غير أنّ التّجاذبات السّياسيّة والحسابات الضيّقة نالت بعض الشيء من هذه الوحدة. فالقرار الصّادر عن الدّائرة الابتدائية للمحكمة الإداريّة بسوسة والقاضي بإيقاف قرار المجلس البلدي المتعلّق بتشكيل اللّجان القارّة إلى حين صدور الحكم في الدّعوى الأصليّة جاء بناء على دعوى قضائيّة رفعها أحد مستشاري المجلس البلديّ عن حزب "آفاق تونس" اعتراضا - في تقديره - على المقاييس والطّريقة التي تمّ اعتمادها في توزيع اللّجان. وعموما في انتظار أن يقول القضاء كلمته الفصل نحن حريصون كلّ الحرص على ديمومة العمل البلديّ ونجاعته من خلال الاستعانة برؤساء اللّجان حتّى بعد ايقاف أشغالها، ونعوّل كمجلس بلديّ على العمل الميدانيّ وعلى غيرة المستشارين على مصلحة البلاد، وهو ما يجعلني أستغرب ممّن يتحدّث عن شلل وتعطيل مصالح المواطنين وغير ذلك من الشّعارات التي رفعت في الوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي فاق عدد المستشارين البلديين الذين شاركوا فيها العدد الضّئيل جدّا من المواطنين، فكانت هذه الوقفة محرارا حقيقيّا بعث فينا الرّاحة والطّمأنينة ومكّننا من الوقوف على القدر الكبير من الثّقة التي استطعنا إرساءها مع المواطن القلعي في ظرف زمني وجيز لا يتعدى 6 أشهر.. ثمّ أودّ أن أقول لمن يروّج لتعطّل العمل البلديّ على خلفيّة ما يعيشه المجلس أنّ كلّ مصالح البلديّة دون استثناء تعمل بشكل عادي جدّا فعلى سبيل الذّكر مصلحة إسناد رخص الماء والكهرباء تنعقد أسبوعيّا وهو ما مكّن من النّظر في 300 ملفّ وجدناها معطّلة عند تسلّمنا رئاسة البلديّة، ونحن الآن بصدد النّظر فيما يرد بصفة حينيّة وهو ما لقي استحسان المواطنين، وكذلك واقع مصلحة إسناد رخص البناء التي تنعقد بمعدّل جلسة كلّ أسبوعين، وهو ما يجعلنا على يقين من أنّ خير ردّ على المشككين من مروّجي المغالطات والإشاعات هو الواقع الميدانيّ وكسب ثقة المواطنين الذين يحضرون أغلب الجلسات ونلقى منهم كلّ الدّعم والمساندة وكلّ الاحترام، وما الإقبال الكبير الذي تعرفه مصلحة الجباية هذه الأيّام للانتفاع بالمصالحة الجبائيّة إلاّ دليل قاطع على أنّنا في طريق كسب ودّ المواطن وثقته. * ماهي أبرز الإنجازات التي قمتم بها والمشاريع التي تطمحون لإنجازها؟ - تمكنّا بفضل خطّة تواصليّة جيّدة تقوم أساسا على الحوار وروح الانفتاح من فتح عديد الطّرقات التي ظلّت عائقا مروريّا منذ عديد السّنوات كطريق البكّوش الذي ظلّ مغلقا منذ ما يزيد عن 30 سنة، وبهذه المناسبة أنوّه بموقف صاحب العقّار الذي تنازل عن جانب من أرضه لصالح البلديّة وهو ما مكّن من ايجاد متنفّس مروريّ حقيقيّ. كما نجحنا في تهيئة طريق بئر حلاوة بين جسر "النّورين" وجسر بئر حلاوة بفضل تعاون المواطنين من أصحاب الأراضي وتفهّمهم وهو ما سيمكّن من حلّ جانب من مشكل الرّبط بشبكة التّطهير الذي شكّل هاجسا كبيرا لدى متساكني منطقة بئر حلاوة لسنوات عدّة. كما قمنا بتهيئة طريق الوادي الصّغير ونفكّر جديّا في دراسة إمكانيّة فتح طريق من مفترق الزّيتونة بلوغا إلى مول سوسة إلى جانب العمل على إحداث محوّل على مستوى الطّريق السّريعة من وإلى صفاقس، وقد تمّ رصد الاعتمادات اللاّزمة ليكون الإنجاز خلال هذه السّنة. كما نحرص على التّفكير في دعم موارد البلديّة من خلال إزالة وإعادة تهيئة 5 عقّارات متداعية للسّقوط في إطار مشروع شراكة مع مستثمرين في القطاع الخاصّ وهو ما سيسمح بتوفير موارد ماليّة قارّة للبلديّة إلى جانب توفير مركّب خدماتيّ ضخم ومأوى سيّارات كبير أصبحت المدينة في أمسّ الحاجة إليه. كما لا يفوتني أن أذكّر بأنّنا حريصون على أن تحظى عمادتا السدّ الغربي وبلعوم الملحقتين حديثا بالمنطقة البلديّة بنفس حظوظ بقيّة العمادات حيث تمّ تخصيص 300 ألف دينار لكلّ عمادة للتّعبيد والتّنوير العموميّ. * مدى نجاحكم في التصدّي للانتصاب وللبناء الفوضوي؟ - لا يخفى على أحد أنّ هذه الظّاهرة موجودة بكلّ مدن الجمهوريّة وأنّ القضاء عليها يتطلّب وقتا وجهازا رقابيّا وتنفيذيّا دائما وهو ما يجعل من الحملات أمرا غير ناجع فالقضاء على الانتصاب الفوضويّ وتحرير الأرصفة يستوجب مجهودا ومتابعة يوميّة حتّى ترسو عقليّة وثقافة احترام حقّ المترجّل لدى عموم المواطنين، ونحن نتعامل مع الظّاهرة وفقا لما نملك من إمكانيّات بشريّة ولوجستيّة ونركّز عملنا بصفة خاصّة على الشّوارع والأنهج الرّئيسيّة والمفتوحة على المؤسّسات التّربويّة لضمان حقّ التّلميذ في الرّصيف.. ورغم ذلك لست راضيا بالشّكل المطلوب عما تمّ إنجازه إلى حدّ الآن، فعديد الأرصفة تشكو احتلالا مبالغا فيه، ولكن سنسعى إلى تطوير مستوى تدخّلاتنا وتوفير عوامل نجاحها وذات الموقف ينسحب على تعاملنا مع ظاهرة البناء الفوضوي، حيث نحرص بشكل خاصّ على تنفيذ قرارات الهدم ضدّ كلّ من استحوذ على ملك الدّولة أو الملك العموميّ، وعموما نعوّل في هذه المسألة على الجانب التّحسيسيّ التّوعويّ قبل الرّدعي وهو ما يعطيّ أهميّة كبرى لجمعيّات المجتمع المدنيّ النّاشطة ودورها في دعم مجهودات البلديّة وزرع روح المسؤوليّة لدى المواطن. * نهج غرّة جوان "المراح" يشكو اختناقا مروريّا، هل من تصوّر للحدّ منه؟ - فعلا، نهج غرّة جوان أضحى عاجزا عن استيعاب الحركة المروريّة التي تزداد نشاطا أوقات الذّروة والمجلس البلديّ اتّخذ جملة من الإجراءات التي ستحدّ نسبيّا من هذا الاكتظاظ حيث تمّ الاتفاق مع شرطة المرور والشّرطة البلديّة على تخصيص عوني أمن يسهران على تسهيل وتنظيم حركة المرور في أوقات الذّروة، إلى جانب العمل على تركيز إشارات مروريّة واتّخاذ اجراءات تنظّم عمليّات الوقوف بالشّارع على جهة واحدة باعتماد الأيّام الزّوجيّة أو الفرديّة، كما اتّخذنا قرارا يقضي بجعل المرور في عدد من الأنهج في اتّجاه واحد لتخفيف حركة السّير على نهجي علي البلهوان وغرّة جوان، كما تمّ الاتفاق خلال إحدى جلسات المجلس البلديّ على تغيير محطّة سيارات التّاكسي الجماعي ونقلها من محطّة باب الجامع إلى أمام دار الثقافة... * ماذا عن الوضع البيئي ومشكل مصبّات الفضلات ومصبّات المرجين؟ - أريد أن أوضّح أنّه ليس لنا مصبّات عشوائيّة - بصريح المعنى - تمثّل خطرا على المحيط والبيئة. وبخصوص ما يصلنا من تساؤلات واستفسارات من بعض المواطنين عن دخول شاحنات تابعة لبلديّة مجاورة محمّلة بفضلات، أشير إلى أنّه بعد المعاينة الميدانيّة والتثبّت تبيّن أنّ أحد مالكي الأراضي بالمنطقة الشّماليّة (حيّ النّزهة) تقدّم بطلب لإحدى بلديّات الجوار وطلب منها صبّ فضلاتها لردم أرضه وقمنا بمعاينة المصبّ وتبيّن أنّ الفضلات ليست فضلات منزليّة وإنّما هي فضلات بناء... أمّا بخصوص مصبّ المرجين المتواجد بطريق MC48 على بعد أمتار من أكبر منتزه بالمنطقة وبالقرب من مواطن العمران، فإنّني أعتبر أنّ موقعه غير مناسب ويشين لمدخل المدينة، كما يلحق ضررا كبيرا سواء بالمتساكنين الذين تطالهم الرّوائح الكريهة كلّما هبّت ريح أو بالمائدة المائيّة التي تضرّرت نتيجة التسرّبات الحاصلة، وهو ما يجعل من مسألة غلقه ونقله أمرا حتميّا وذات المطلب ينسحب على مصبّ وادي الغرس طريق الغويرقة الذي ينتصب في قلب غابة الزّيتون وهو ما يلحق أضرارا جسيمة بأشجار الزّيتون.