ما جاء به ملف ما عرف بالمدرسة القرآنية بالرقاب من حقائق صادمة وما كشفه من تجاوزات قانونية وانتهاكات حقوقية، أماط اللثام عن حجم التهديد الذي تمثله العديد من جمعيات التي تنشط منذ سنوات في مختلف أنحاء الجمهورية تحت مسمى الجمعيات الخيرية، والتي تنخر المجتمع وتستهدف الفئة الأكثر هشاشة فيه وهي الطفولة وتضرب عرض الحائط بمختلف مؤسسات الدولة. جمعيات لا يمكن تحديد عددها او مواقعها وتصعب مراقبتها وتمثل حسب الارقام الصادرة عن مركز الاعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات الذي يعود بالنظر لرئاسة الحكومة 2468 جمعية أي 11.19% من مجموع الجمعيات المسجلة الى غاية موفى شهر ديسمبر 2018 والتي تبلغ ال 22076. وتحتل الجمعيات الخيرية حسب نفس المصدر المرتبة الرابعة عدديا بعد الجمعيات الخاصة بالمدارس والجمعيات الثقافية والفنية والجمعيات الرياضية. وتتمركز اغلب الجمعيات الخيرية الاجتماعية اساسا في تونس العاصمة اين ينتشر 495 منها، تليها في ذلك ولاية صفاقس اين تتواجد 175 جمعية ثم تاتي ولاية مدنين ب140 جمعية فولاية اريانة ب 133 جمعية لتكون ولاية سوسة في المرتبة الرابعة ب131 جمعية خيرية اجتماعية فولايات نابل ب 120 وقفصة ب119 جمعية.. اما بالنسبة لسيدي بوزيد فكان لها نصيب ب114 جمعية خيرية اجتماعية. وابرز القرارات التي تم اتخاذها فيما يهم الجمعيات الخيرية الاجتماعية كان في اواخر سنة 2015 من قبل خلية الازمة المكلفة بمتابعة الوضع الامني اين اصدرت قرارا بوقف نشاط 157 جمعية ثبت تورطها في تمويل انشطة ارهابية مشبوهة، هذا فضلا عن تعليق نشاط 80 جمعية اخرى، وإصدار التنبيه ل83 بتسوية وضعيتها القانونية إضافة إلى حلّ عدد آخر من الجمعيات بقرار قضائي.. يضاف اليه ما اعلن عنه رئيس الحكومة على هامش زيارته لمركز املي الاسبوع الماضي اين قال انه تم الانطلاق في تتبع كل من يخرق القانون تحت غطاء الجمعيات ورفعت الحكومة حوالي 160 قضية ضد هذا النوع من الجمعيات بما في ذلك الجمعية المشرفة على المدرسة القرآنية بالرقاب. ورغم ما اثير حول الجمعيات الخيرية الاجتماعية من جدل وشبهات فساد وتمويل وتدعيم لجماعات تكفيرية وتهديدات صارخة للطفولة والمجتمع، لم يقع الضرب بقوة في شانها من قبل السلط الرسمية ولم يتم التوجه طيلة السنوات الماضية الى وضع قوانين توفر رقابة على هذا النوع من الجمعيات على ان لا تمس في نفس الوقت من الحق في التنظيم او العمل المدني او تفرض أي قيود على تكوين الجمعيات. ويعتبر السجل الوطني للمؤسسات الذي دخل حيز العمل بداية من يوم 4 فيفري الجاري باعتباره هيكلا وطنيا يعوض السجل التجاري المعمول به سابقا، ويفرض التسجيل على المؤسسات الاقتصادية الحرف والمهن والتجار والجمعيات بمختلف انشطتها، ويكرس مزيدا من الشفافية المالية والادارية، اهم وابرز الهياكل الرسمية التي يمكن ان توفر رقابة مالية على الجمعيات ليبقى مشكل مراقبة النشاط محل فراغ.