القمة الرباعية التي عقدت في منتجع شرم الشيخ السياحي بمصر حول الملف الفلسطيني الاسرائيلي كانت قمة فاشلة جديدة.. رغم ما سبقها وما حف بها من ضجة اعلامية اقليمية.. وقد اختتمت هذه القمة حيث بدأت: تكريس التشرذم الفلسطيني أولا والعربي ثانيا.. مع اتاحة الفرصة لممثل سلطات الاحتلال الاسرائيلي أولمرت أن يبرز في مظهر "الوسيط" بين الفصائل الفلسطينية والعواصم العربية.. في تجاهل واضح لكون الاحتلال هو السبب الرئيسي لجل الصراعات والتوترات التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من نصف قرن.. وان كانت قد تاخذ الوانا حزبية او طائفية او دينية أو قطرية.. خرج كل الفلسطينيين من قمة شرم الشيخ خاسرين: الرئيس ابو مازن خرج خسرانا لان الجانب الاسرائيلي ووفدي الدولتين العربيتين اللتين حضرتا القمة لم تقدم له الا كلاما معسولا ووعودا غير واقعية عن السلام.. بينما يحتاج لاقناع شعبه خطوات ملموسة منها رفع شامل للحظر المالي والاقتصادي والامني والسياسي.. وفتح حقيقي للمعابر ومنها معبرا رفح وجسر الملك حسين.. وحركتا فتح وحماس خرجتا من القمة أكثر ضعفا لان قمة شرم الشيخ حولتهما الى "محور الشر".. عوض أن تدين سلطات الاحتلال الاسرائيلية التي تغتصب الارض وتقمع ملايين الفلسطينيين منذ عشرات السنين.. والقاهرة وعمان لم تستفيدا من قمة شرم الشيخ.. لأنهما لم تتميزا سياسيا خلالها بخطاب ومشروع جديد.. ما عدا دعوة الرئيس مبارك الى الحوار بين "كل الاطراف الفلسطينية".. بما يعني اعتراضا على منهج بعض القادة الفلسطينيين الذين يرفضون اي دور لحماس مستقبلا.. وفي الوقت الذي شوشت فيه قيادة حماس في غزة على قمة شرم الشيخ عبر بث شريط تلفزي للجندي الاسرائيلي الفرنسي الذي تحتجزه منذ عام.. كرست القمة نوعا من المساندة الضمنية لخيار تمادي اسرائيل وحلفائها في محاصرة اكثر من مليون فلسطيني جائع في قطاع غزة.. وملايين الفلسطينيين (في الضفة الغربية والقدس المحتلة) الذين نكبوا بقيادات فلسطينية ينهكها منذ عام 2000الفلتان الامني وممارسات بشعة من سوء التصرف ومعاداة الديمقراطية.. صادرة عن ميليشيات وجماعات مشبوهة متعددة الالوان واليافطات.. إن ما حصل في غزة وما يجري منذ مدة في الضفة الغربية وفي كامل المشرق العربي امتداد لواقع متعفن تشهده المنطقة منذ عقود وخاصة منذ حرب الخليج الثانية في 1991.. وهي الحرب التي قال عنها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات: "حرب خرج منها كل العرب مهزومين.. والمنتصر على أخيه مهزوم".. تتواصل المؤامرات الخارجية والداخلية على ابناء شعوب المنطقة.. وعوض تدارك الامور بقرارات ومبادرات توفيق شجاعة.. مثل اتفاق مكة بين مختلف الاطراف الفلسطينية.. تعقد هنا وهناك مؤتمرات وتحركات لتكريس مزيد التشرذم العربي والفلسطيني.. وهيمنة سلطات الاحتلال الاسرائيلي والقوى الحليفة لها.. على شعوب المنطقة وثرواتها.. فكفى العرب مؤتمرات وتصريحات لا طعم ولا لون لها وكفى اقتتالا.. واستنزافا للثروات والخيرات.. ولتوجه كل الطاقات للبناء الجماعي.. دون اقصاء لاي طرف عربي.. أو فلسطيني.. أما اذا تواصل منطق الانتقاء والاقصاء فستعقد مؤتمرات عقيمة جديدة في شرم الشيخ والعقبة وغيرها.. على غرار تلك التي تنظم منذ عهد الرئيس كلينتون ورئيس الحكومة الاسرائيلي بيريز.... بينما الواقع يزداد تعفنا على الارض..