تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    أحمد ونيس: مخاطر التدخل الأميركي في الحرب تُهدّد بتصعيد عالمي    نسبة امتلاء السدود حاليا    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    الأسلحة النووية: كيف تُصنع ولماذا تُعد أخطر أسلحة العالم؟    قنبلة من الحرب العالمية تُجبر ألمانيا على إخلاء آلاف السكان من مدينة أوسنابروك    94 إصابة جراء الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    ميتا تعبر عن قلقها من مطالبة إيران مواطنيها بالتوقف عن استخدام واتساب    مادورو يوجه نداء إلى الصين وروسيا ودول عالم الجنوب لدعم إيران وإيقاف جنون نتنياهو    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    أطعمة تزداد فائدتها بعد التبريد: مفاجآت صحية في ثلاجتك!    بالفيديو: وصول أول دفعة من الحافلات الصينية الى تونس    كأس العالم للأندية 2025 : فوز ريفر بلايت الأرجنتيني على أوراوا ريدز الياباني 3-1    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    مدينة العلوم تقدّم أنشطة مجانية السّبت المقبل بمناسبة اليوم العالمي للشمس والانقلاب الصّيفي    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    صاروخ ''فتاح'' يثر الرعب ...يتخفى و يناور ...شنية حكايتوا ؟    لماذا رفضت وزارة العدل توثيق الطلاق لدى عدول الإشهاد؟    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    ايرادات السدود ارتفعت ب 200 مليون متر مكعب بالمقارنة مع العام الماضي    بيب غوارديولا.. عائلتي تحب تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الثاني) تونس تحرز خمس ميداليات جديدة من بينها ذهبيتان    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    تدشين قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول بمواصفات متطورة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    عاجل/ بلاغ هام حول التجارة عبر الانترنات    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    المنتخب التونسي يشارك في بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس يومي 21 و 22 جوان الجاري    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    ماهر الكنزاري : " أشعر بالفخر بما قدموه اللاعبون"    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا الحوار وإلاّ فلا
نشر في الصباح يوم 04 - 07 - 2008

اطلعت على مقال (في الحوار بين الأديان) المنشور في جريدة الصباح الغراء في 1/6/2008 وللأسف فليس لدي الوقت الكافي للحوار مع هذا المقال المهم الذي يستحق وقفة مطولة. ولكن نظرا لأنه يحذر من الذين يكتبون في موضوع (حوار الأديان) ويتهمهم، هكذا بالتعميم على استثناء غير محدد،
بالانتهازية والنوايا السيئة المسبقة، ولَمّا كنت أحد الذين يهتمون بهذا الموضوع ولي فيه كتابات متعددة، كما سأوضح في السطور اللاحقة، رأيت أن أضع النقاط الملائمة فوق الحروف المناسبة لها.
لقد استغربت التعميم الوارد في المقال الموما إليه والأسس التي بُنِي عليها. وبما أن الكاتب الفاضل قد عمم كلامه على من يكتب في هذا الموضوع باستثناء السطور الأخيرة من مقاله وهي غير دالة على شيء، فأعتقد أنه قصدنِي (أو على الأقل جعلنِي أحد المقصودين) وقصد كتابي (حوار الأديان - وحدة المبادئ العامة والقواعد الكلية) خاصة وقد كتبتْ عنه في هذه الأيام صحف عديدة (هنا وفي الخارج) وهو الكتاب الهادف إلى بث الأمن والسلام عن طريق الحوار العلمي بين أصحاب الديانات. ولَمّا كان أتباع الديانات يعلنون التزامهم بكتبهم السماوية فقد ذهبتُ إلى تلك الكتب أستجلي نصوصها لأرى مدى التزامهم بما يقولون وثبّتُّ نتائج ذلك في الكتاب المشار إليه. وللعلم فهذا الكتاب آخر سبعة مؤلفات لي في إطار الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان والعلاقات الحضارية منذ القديم وإلى مشارف العصر الحديث. وأحيل هنا إلى كتاب (Kingdom of the Ark) للتأكد من ذلك، حيث أثبت البحث وحدة الأصول البشرية والحضارية وبرهن على أن دول الشمال الأوربي ذات أصول حضارية من جنوب البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. وقد صدر الكتاب قبل أحد عشر عاما.
أشار المقال المنشور في الصباح الغراء إلى تحقيق المخطوطات والكتابة عن الشعر والنثر، وكأنها مانعة من الكتابة عن حوار الأديان! والحق أني حققت مخطوطات عديدة غير أني لا أقدمها (وجبة جاهزة) للقارئ بل أثير في نفسه محاولة الحوار مع التراث لا التجمّد عليه ولا رفضه رفضا تاما. وكان من نتائج ذلك اكتشافي لعدة مخطوطات لم يكن أحد يعرفها ويكفي أن أشير إلى كتاب (الماء) الذي هو أول معجم طبي لغوي في التاريخ كتبه أبو محمد عبد الله بن محمد الصحاري وجدته في مكتبة منسية في غرداية بالجزائر. وطبع قبل سنوات عديدة.
وبعد فليس تحقيق التراث عارا ولا مانعا عن الكتابة في موضوع حوار الأديان.
وكمسألة شخصية، وردا على ما ذكره المقال من اتهامات لم يذكر لمن وجّهها، لا بد أن أشير بأني لست من المتربحين بالكتابة في موضوع حوار الأديان ولا من الانتهازيين، وهذه تهم قذف أربأ بأي إنسان - فكيف إذا كان باحثا- أن يلجأ إليها إلا إذا قام عنده دليل قاطع مادي ملموس على ما يقول. ولست بحاجة إلى أن أذكر شيئا عن سيرتي الذاتية ولا أريد أن أفتخر بنفسي ولكن لابأس بتعريف شخصي ربما جهله السيد الفاضل كاتب المقال الموما إليه. فأنا حاصل على ثلاث شهادات دكتوراه من فرنسا والمملكة المتحدة. ولي خمسة وأربعون كتابا منشورا وعدد كبير من المقالات والبحوث بلغات متعددة، وأعمل أستاذا في جامعة لندن، ومستشارا للدراسات العليا في جامعتين أخريين. فلست بحاجة إلى تزييف الأفكار من أجل حفنة مال أو أخشاب منصب. أو التربح فيما أهدف إليه في كتاباتي من تعاون حضاري بين الأمم والشعوب والتركيز على الإيجابيات في مسيرة مجتمعاتنا العربية المعاصرة على وجه الخصوص.
ومن جهة أخرى لا أعتقد أن ديباز كان عالما انثروبولوجيا وهو يكتب في علم اللغة والأجناس البشرية. ولم يكن جان جاك روسو متخصصا في علم الاجتماع حين كتب (العقد الاجتماعي). وليس المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل جغرافيا كي يكتب كتابه الرائع عن الجغرافيا والجغرافيين العرب. ولم يكن المستشرق الفرنسي آرنولديز عربيا كي يكتب عن بعض تراثنا. هذه أمثلة فقط على ما يجب أن يكون عليه الباحث الجامعي من سعة اطلاع وموسوعية ثقافية.
حين أصدرت كتابي الأول كنت في مرحلة الدراسة المتوسطة (ما بعد الابتدائية) وهو بعنوان (الله في كتب الأديان) وتوجد نسخ منه في مكتبات متعددة منها مكتبة المتحف البريطاني والمكتبة المركزية في جامعة بغداد ودار الكتب والوثائق الوطنية في بغداد لمن شاء أن يتابع. وقد بحثت فيه التصور القرآني لله وقارنته بالتصور الإنجيلي والتوراتي، ولكن بعقلية المراهقة والشباب وقلة التجربة أو انعدامها. فلست بحاجة - وقد أمضيت هذا العمر - إلى من يأخذ عليّ كتابتي عن حوار الأديان.
وربّما لم أكن المقصود بالمقال، ولكنّ لهجته الحادة واتهاماته الموزعة يمينا وشمالا وعدم إسناد دعاواه بأدلة علمية ملموسة، وعدم ذكره مَن المقصود بكتابته، أثارت في نفسي تعجبا من أن كاتبا أوروبيا أو أمريكيا حين يكتب كتابا لا يلاقي من الغربيين إلاّ التشجيع والترويج، وعرض ما يكتب على صفحات المجلات والصحف ولعل هنتنغتون وفولر وغيرهما من الأمثلة الدالة، أما إذا دخل كاتب عربي ميدان الكتابة الفكرية والتعبير عن قناعاته فلا بد أن تلصق به اتهامات التربّح والانتهازية والغرضية السيئة المسبقة، بل والتكفير والتفسيق من جانب آخر.
وسواء قصدنِى المقال أم قصد غيري أم قصدنا معا، فأين هو العلم في مثل هذه الاتهامات؟! ولم لا تتمّ المناقشة بروح علمية هادئة والمثل يقول: ما أفسد الخلاف للودّ قضية؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.