كان رفاقه القدامى في المدرسة والمعهد نائمين مواكبة لموضة " النوم نهارا والسهر ليلا بين المقاهي وجلسات الزهو والطرب ".. لكنه تمرد على عالم "النائمين "ووضع مظلة على رأسه وسار في الشوارع يبحث عن شغل.. وعن مورد رزق يضمن له حدا أدنى من المال.. دون أن يمد يديه الى أبويه أو بقية أفراد عائلته.. بحثا عن "المصروف".. سألته عن المهنة التي ينشد فرد بحزم:" أي خدمة.. المهم أن أعتمد على نفسي.. وأخرج من البطالة.. " أعجبتني ثقته في نفسه فسالته عن اختصاصه.. أو المهنة التي يحسنها فقال بصراحة: " لدي شهادات بالجملة.. لكني لا أتقن مهنة معينة.. لكني جربت من قبل "المرمة" و"الدهينة " و"تحفيرالحدائق"..؟؟ قصة صاحبنا الذي اعترضني فجأة وأنا أستعد لمغادرة البيت تشبه قصص عشرات الالاف من الشباب الذي يبحث عن "خدمة" فلا يجدها.. لأنه لم يتلق تكوينا مهنيا.. وتخرج من المعاهد الثانوية والجامعة وقد اجتاز بنجاح امتحانات نظرية بالجملة.. دون أن تتاح له فرصة اجراء دورات تكوين وتدريب والمشاركة في ملتقيات وتربصات.. يختبرفيها معلوماته النظرية.. ويتعلم "صنعة".. حتى تتعود يداه على الابداع.. وعقله على الاستقلالية.. مع الاعتماد على النفس.. قسم كبيرمن الشباب تعود على أن يجد سمكة جاهزة ليأكلها.. سمكة يشتريها الوالدان أو الاقارب والاصدقاء.. لكنه لم يتعلم كيف يصطاد السمك.. بينما يقول المثل الصيني الشهير: "لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها".. وبلغة اخرى: لم لا نستفيد من أنظمة التعليم والتكوين التي تخصص في الثانويات والجامعات مابين ثلث التوقيت الدراسي ونصفه للتكوين المهني ودورات التكوين المهني.. التي تعد الشباب قولا وفعلا الى سوق الشغل.. وبمناسبة سنة الحوار مع الشباب.. واستشارة التشغيل.. لا بأس من التفكيرخاصة في اعادة الثقة للشباب.. الثقة في سوق الشغل.. والثقة في المستقبل.. والثقة في المؤسسات الثقافية والرياضية.. والثقة في امكانية سماع صوته..