الحل في تنويع المنتوج وعدم اقتصاره على المدن الساحلية تونس الصباح: الترفيه والخلاعة يبقيان الشغل الشاغل لجميع العائلات في فترة الصيف.فانطلاقا من شهر أفريل والاشهر التي تليه تبدأ أغلب العائلات التونسية في التفكير في الاماكن التي يمكنها أن تقضي فيها أيام الخلاعة في احدى المدن الساحلية. هذه المدن التي تتحول صيفا إلى خلية نحل يلتقي فيها سكان كل مدن الجمهورية. فبعد احد عشر شهرا من العمل والنشاط يكون من حق الموظف والعامل الحق في عطلة سنوية يخصصها للتنزه والاستجمام صحبة أفراد عائلته. فهناك من يحجز في أحد النزل وهوحال الاقلية نظرا لارتفاع أسعار هذه النزل صيفا وهناك من يلجأ إلى تسويغ محل في إحدى المدن الشاطئية وهوحال العديد من التونسيين من أجل استرجاع الانفاس والتخلص من تعب وإرهاق أشهر العمل ومن أجل تجديد النشاط والراحة النفسية. لكن هل أن كل التونسيين بامكانهم اليوم التمتع بالخلاعة والترفيه سواء في النزل أوفي مدن الخلاعة أوحتى في مدن إقامتهم؟ السفريات والرحلات خارج حدود الوطن هي احدى وسائل الترفيه المتاحة,لكن لا يقدر عليها سوى قلة قليلة من التونسيين ومن الصعب أن يحمل شخص ما عائلته كاملة للقيام برحلة ترفيهية في الخارج. أما النزل فكما قلنا فهي شبه مستحيلة صيفا ولا يتمكن من الحجز داخلها سوى القليل من ميسوري الحال وبصعوبة ولايام معدودة وبأسعار جد مرتفعة. محلات الخلاعة هذه الصعوبة وتلك الاسعار تجعل أغلب العائلات تلجأ إلى تسويغ محلات الخلاعة.هذه المحلات التي ترتفع اسعارها سنويا والتي أصبحت مورد رزق قار وهام لاصحابها. فمن يمتلك منزلا في مدينة شاطئية حتى لوكان بعيدا عن البحر يتفنن في تقسيمه وتشييد "ستوديات" صغيرة يتم تأثيثها بما رخص ثمنه ثم يسوغها بالاسبوع باسعار يمكن أن تصل للالف دينار في الاسبوع الواحد.وهناك حتى من يلجأ الى تسويغ منزله العائلي ليسكن في مستودع بهدف ضمان أقصى ما يمكن من الدخل خلال فصل الصيف. ووسيلة الترفيه الرابعة هي البقاء في المنزل العائلي والتنقل يوميا الى أحد الشواطئ.فهناك من ينتقل بسيارته وهناك من ينتقل عبر وسائل النقل العمومي.وفي كلتا الحالتين فان الامر متعب وصعب ومكلف واحيانا مقلق. فسكان العاصمة واحوازها غير البحرية من اصحاب السيارات يضطرون للذهاب الى شواطئ الضواحي الشمالية اوالجنوبية أوكذلك الى شواطئ المدن القريبة مثل غار الملح والرفراف وبنزرت وسليمان... وفي ذلك تعب وانفاق اضافي.يتضاعف بالنسبة لمن لا يمتلكون سيارة ويضطرون للتنقل عبر وسائل النقل العمومية بما في ذلك من تعب ومشاكل وانتظار مطول للحافلة اوالقطار... ارتفاع الكلفة وعموما فان الترفيه الاسري يبقى صعبا ومرتفع الكلفة على الاغلبية,فاضافة الى معينات التسويغ فان للترفيه مصاريف أخرى هامة منها الاكل والشرب خارج البيت والاستضافات وغيرها. فمقاهي ومطاعم وملاهي المدن الساحلية تشتغل صيفا بشكل غير طبيعي ويتضاعف رقم معاملاتها مرات ومرات , ومن يبادر بتسويغ منزل للخلاعة أكيد أنه سيضطر مرات ومرات الى الخروج للعشاء في أحد المطاعم والجلوس على الاقل يوما بعد يوم في احدى المقاهي الفاخرة ليترك هناك عشرات الدنانير. كما أن الملاهي الليلية تكون الوجهة المفضلة للشباب ليلا ,وهوما يزيد في اثقال كاهل الاسرة صيفا حيث يكون الانفاق صباحا ومساء. لماذا الاقتصار على البحر والخلاعة؟ وهذا التوجه يطرح أكثر من سؤال حول مجالات الترفيه الاسري واقتصاره على الخلاعة والبحر دون غيرهما.. والمطلوب تنويع مشاريع الترفيه العمومية والخاصة والتشجيع على الاستثمار في الترفيه ودعوة الجمعيات والمنظمات الوطنية وخاصة المصائف والمظائف والكشافة إلى تركيز مشاريع استثمارية في مجال الترفيه ودعوة المؤسسات التربوية إلى التعامل والتعاون مع المؤسسات الترفيهية الخاصة. وبالخصوص تعميم البنية الاساسية للترفيه في كل جهات الجمهورية لتخفيف الضغط على المدن الساحلية.وبعث مراكز إقامة وتخييم واصطياف في بعض المناطق الداخلية التي تتوفر على بنية تحتية وموروث ثقافي هام يمكن استغلاله للترفيه الاسري الى جانب المهرجانات الصيفية التي تبقى الملجأ الوحيد لجل العائلات صيفا. تنويع فضاءات وأنشطة الترفيه فبعث فضاءات كبرى للترفيه والتنشيط القار والمتنقل في الوسطين الحضري والريفي وبالاحياء والتجمعات ذات الكثافة السكانية العالية ومزيد إحداث وتأهيل الفضاءات الثقافية والسياحية والرياضية ووضعها على ذمة الانشطة الترفيهية.. والعناية بمسألة النقل الموجه لغرض الترفيه والسياحة وتطوير الانشطة الترفيهية في مختلف الاوساط المدرسية والجامعية وفي مؤسسات الشباب والثقافة والرياضة والسياحة أكثر من ضروري لتوسيع خارطة مناطق الترفيه الاسري وحتى لا يبقى الامر مقتصرا على المناطق الساحلية.فالمسابح العمومية يمكن أن تحل اشكالية عدم وجود البحر والمنتزهات يمكن ان تحل اشكالية عدم وجود كرنيش والتنشيط الثقافي يمكن أن يعوض الملاهي والمقاهي والمطاعم..فاستحداث فرص الترفيه للجميع امر مؤكد ويبقى "كل قدير وقدرو" لكن من غير الممكن أن يبقى الترفيه الاسري مقتصرا على البحر والخلاعة.