تطوير مشهد الترفيه يستوجب تعميم مراكز الاقامة والتخييم والاصطياف الموجهة للعائلات.. وترشيد الأسعار تونس - الصباح بينت الاستشارة الوطنية حول الترفيه أن أكثر من تسعين بالمائة من المستجوبين يعتبرون أنّ الترفيه ضرورة ملحّة نظرا لأنه يساعد على الاسترخاء وتجديد النشاط والراحة النفسية بعد أشهر من العمل المتواصل أو الدراسة.. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه لأن كلفة الترفيه في تونس تعدّ مرتفعة جدا مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن.. وبالنظر مثلا إلى الأسعار المعتمدة في النزل خلال فصل الصيف سنلاحظ أنها تنفّر العائلات التونسية وتحرمها من التردد على هذه الأماكن.. ولا يقتصر ذلك على النزل من فئة خمسة نجوم بل يشمل جل الفضاءات السياحية.. وحتى حينما تفكّر بعض العائلات في تسوّغ شقق قريبة من الشواطئ فإنها تفاجأ بارتفاع الأسعار.. لأن أصحاب هذه الشقق والاستوديوهات ينتظرون بدورهم مقدم فصل الصيف على أحرّ من الجمر رغبة في كراء محلاتهم وتوفير نصيب من المال يحتاجونه لتوفير لقمة العيش.. ذلك أن الكثير من متساكني المناطق الساحلية وخاصة الذين يمتلكون منازل على مقربة من الشواطئ يسوّغون مساكنهم مفروشة ومجهّزة بكل المعدّات المنزلية خلال فصل الصيف بأسعار قد تتجاوز أسعار النزل السياحية.. وتجدهم يضحون براحتهم ويقيمون مؤقتا في غرفة صغيرة أو في المأوى المخصص لسيّاراتهم من أجل توفير ذلك القدر من المال.. أما الرحلات خارج حدود الوطن فهي غير متاحة إلا لعدد قليل من العائلات.. وأمام ارتفاع تكلفة الترفيه الأسري فإن أغلب العائلات التونسية تقضّي عطلة الصيف في المنازل أو تجد أفرادها يرفّهون عن أنفسهم في الأعراس والحفلات العائلية والأسواق الأسبوعية وفي بعض المهرجانات الصيفية وهذه الأخيرة ليست متاحة للجميع نظرا لعدم توفّر وسائل النقل العمومي من ناحية ولغلاء أسعار التذاكر من ناحية أخرى.. ولكن هذا لا يعني أن التونسي لا يطمح إلى الترفيه ففي سبر للآراء أجراه المرصد الوطني للشباب هذه الأيام حول المكان الذي يحبذ فيه التونسي قضاء فترة العطلة الصيفية تبين أن قرابة 60 بالمائة من المشاركين في الاستبيان يفضلون القيام برحلة خارج حدود الوطن و24 بالمائة يرغبون في إمضاء العطلة داخل نزل سياحي ويحبذ البقية في القيام بنشاط تكويني وترفيهي منظم. مشهد الترفيه عن مشهد الترفيه يذكر أن الملفت للانتباه هو أن كل المدن التونسية وحتى القرى الصغيرة أصبحت تتوفر على عدد هام من المقاهي وأضحت هذه الأمكنة الوجهة المفضلة للشباب والكهول وحتى الفتيات.. حتى أن الكثير من المقاهي في العاصمة والمدن الساحلية وخاصة المكيفة تشهد طيلة اليوم إقبالا منقطع النظير من الحرفاء نظرا لأسعارها المناسبة مقارنة بأسعار النزل من ناحية ولتوفيرها لخدمات جديدة مثل الشيشة للجنس اللطيف من ناحية أخرى. وبالإضافة إلى المقاهي نجد أمام بوابات الحانات والعلب الليلية طوابير طويلة من الشباب والكهول من طالبي الترويح على النفس.. رغم أن كل الدلائل تؤكد على أن الإمكانيات المتاحة للترفيه في تونس كثيرة والوجهات التي يمكن أن يقصدها التونسي عديدة ولا تقتصر على المقاهي والعلب الليلية فحسب.. إذ نجد مدن الألعاب والمواقع الأثرية والمتاحف والمحميات الطبيعية والجزر وحدائق الحيوانات والجبال والمغاور والحدائق العمومية والمنتزهات والشواطئ وغيرها.. ويذكر أن الندوة الوطنية الأخيرة حول الاستثمار في قطاع الترفيه كشفت عن الصعوبات التي يعاني منها هذا القطاع وخاصة افتقار قطاع الاستثمار في الترفيه إلى بنك مشاريع وهو ما يفسر تردد المستثمرين وعزوفهم عن مغامرة الاستثمار في هذا القطاع رغم مردوديته الهامة.. كما برزت محدودية تمويل المؤسسات البنكية والمالية لمشاريع الاستثمار في الترفيه.. ويتطلب الحال الإسراع بإعداد الخارطة الوطنية للترفيه بالتنسيق مع الأطراف المعنية تتضمن المواقع الأثرية والتراثية والبيئية التي يمكن توظيفها ضمن المشاريع الترفيهية. وذلك إلى جانب توظيف الموروث الثقافي والخصوصية الجهوية في تحديد ملامح البرامج والمشاريع الترفيهية المراد إنجازها.. وتوفير بنك مشاريع استثمارية ووضعه على ذمة الراغبين في الاستثمار في قطاع الترفيه مع دعوة المؤسسات البنكية إلى اعتماد المرونة في إسناد القروض لتمويل مشاريع الترفيه الخاصة وتكثيف المادة الإعلامية وذلك بدعوة الجهاز الإعلامي إلى إعداد برامج تعرّف بامتيازات القطاع وتعرض بعض المشاريع الاستثمارية الناجحة إضافة إلى مراجعة بعض النصوص القانونية المتعلقة بالاستثمار في الترفيه وتعديلها إن لزم الأمر ودعوة الجمعيات والمنظمات الوطنية إلى تركيز مشاريع استثمارية في مجال الترفيه ودعوة المؤسسات التربوية إلى التعامل والتعاون مع المؤسسات الترفيهية الخاصة ومراجعة المنظومة التكوينية للمنشطين بصفة عامة في اتجاه بعث اختصاصات تكوينية في علوم الترفيه وبعث فضاءات ترفيهية بالمؤسسات الإستشفائية.. ولتطوير مشهد الترفيه يجب أن تتوفر العزيمة الكافية لتعميم البنية الأساسية للترفيه في كل جهات الجمهورية من مراكز إقامة وتخييم واصطياف الموجهة للعائلات وبعث فضاءات كبرى للترفيه والتنشيط القار والمتنقل في الوسطين الحضري والريفي وبالأحياء والتجمعات ذات الكثافة السكانية العالية ومزيد إحداث وتأهيل الفضاءات الثقافية والسياحية والرياضية ووضعها على ذمة الأنشطة الترفيهية.. والعناية بمسألة النقل الموجه لغرض الترفيه والسياحة وتطوير الأنشطة الترفيهية في مختلف الأوساط المدرسية والجامعية وفي مؤسسات الشباب والثقافة والرياضة والسياحة وفي فضاءات الإحاطة والإدماج. وبالإضافة إلى ذلك يجب دعوة المنظمات الوطنية والنسيج الجمعياتي إلى تكثيف أنشطتها الترفيهية وتنويعها وتطوير صيغها.. وتأهيل الكفاءات الوطنية من حاملي الشهادات العليا ومن أصحاب المواهب في مجالات الترفيه وإعداد برامج تكوين خصوصية ومراجعة مناهج التكوين بالمعاهد المختصة في التنشيط الثقافي والشبابي وتشجيع المبادرات المجددة في مجال الترفيه التكنولوجي والرقمي والبحث في مسألة تخصيص الزمن الضروري لممارسة الترفيه..