يبدو ان المفاوضات الموازية نجحت في تقريب وجهات النظر بين ابرز الاحزاب البرلمانية واساسا تلك المحسوبة على الشق الثوري بعد الحسم في مسالة مشاركة كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب واللذان دخلا مرحلة نقاشات جديدة اثر تحول جذري في ملف الشروط المطروحة كمدخل للمشاركة في حكومة الحبيب الجملي.. الحسم خارج قصر الضيافة وياتي الحسم من خارج قصر الضيافة وبعد تدخل كل من الناشطين السياسيين والحقوقيين جوهر بن مبارك والحبيب بوعجيلة اللذان خاضا بالنيابة عن الجملي مساعي اقناع التيار الديمقراطي وحركة الشعب للالتحاق بمركب الحبيب الجملي الذي دخل في نفق تشكيل الحكومة بعد نهاية المهلة الدستورية في جزئها الاول وطلب الرئيس المكلف مهلة إضافية لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان. تنازلات.. سياقات الانفراج كشفها تراجع الجملي عن موقفه السابق بتحييد وزارات السيادة بيد ان ذلك لم يحصل ليعدل المكلف من موقفه المتصلب تجاه حقيبة العدل التي من المتوقع ان تؤول الى الامين العام للتيار غازي الشواشي وايضا وزارة الإصلاح الإداري والتي كان شرط التيار ان تكون وزارة حقيقية لا حقيبة وهمية للترضيات. واذ يشكل هذا التراجع من كلا الجانبين تدويرا للزوايا الحادة ومحاولات وطنية جادة لإخراج البلاد والاحزاب من حالة "البهتة" فانها ايضا مدخل لاستعادة روح الثورة في حكومة ائتلافية يؤمن مكونيها بالإصلاح الثوري القائم على بناء البلاد وقيام الدولة القوية والعادلة. بين "النهضة" و"التيار" و"الشعب" و"ائتلاف الكرامة" و"تحيا تونس" وكشف تقرير مسرب وملخص عن سلسلة الاجتماعات الدائرة خارج دار الضيافة وتحصلت "الصباح" على نسخة منه "ان اللقاءات قد انطلقت يوم 8 ديسمبر الجاري بحضور عدد مهم من ممثلي الاحزاب وهم حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة وتحيا تونس وجرى هذا اللقاء بعلم من الرئيس المكلف الحبيب الجملي بغاية تجاوز الصعوبات في تشكيل الحكومة وتقريب وجهات النظر . ووفق الوثيقة فقد حرصت حركة النهضة على المشاركة الإيجابية في هذا الاجتماع بالتنازل عّن موقفها من تحييد وزارة العدل لفائدة التيار مع التمسك بحياد وزارة الداخلية وقد لاقى هذا الحرص تجاوبا كبيرا من الجهة الراعية والاحزاب المشاركة. ورغم جدية العرض فقد تلكأ التيار الديمقراطي في تاكيد مشاركته في الحكومة وتقديم موقف جدي وصريح من عرض النهضة بعد التنازلات الحاصلة حيث اكد التيار وفقا للوثيقة انه سيعرض المقترح على المكتب السياسي للحزب الا انه لم يجتمع في مرة اولى ومرة ثانية وهو ما اعتبرته الاحزاب المفاوضة مضيعة للوقت. هكذا امر خلق نوعا من الارباك في صفوف الجميع وهو احالة على عدم جدية التيار في التفاوض او تخوفه من الحكم بعد محاصرته بالتنازل والقبول بمجموع الشروط التي اطلقها كحجر أساسي للالتحاق بقصر الحكومة في القصبة. وفِي هذا السياق علمت "الصباح" ان التيار الديمقراطي سيقعد نهاية هذا الاسبوع مجلسه الوطني للنظر في التطورات الجديدة والتقدم الحاصل في ملف المفاوضات وهو بذلك يؤكد على انه لم يقبل بعد بالالتحاق بحكومة الحبيب الجملي على عكس ما تم تداوله. واذ يبدو قبول التيار بالمشاركة ممكنا فان ذلك سيمكن من ميلاد ائتلاف حكومي واسع وقوي وممتد وبدعم من داخل البرلمان والشارع يجمع النهضة 54 نائبا ونواب التيار الديمقراطي 22 وائتلاف الكرامة 21 وكتلة تحيا تونس 14 نائبا بالاضافة الى نواب حركة الشعب 14 نائبا... واذا ما نجحت الاطراف المفاوضة في تشكيل الحكومة وضمان الأغلبية لها وفقا للنص الدستوري فانها بذلك ستقطع الطريق امام مساعي تدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد والذي يبدو (في انتظار التاكيد او النفي) انه "وما بات يعرف برضا لينين" في انتظار اللحظة لقنص الفرصة السياسية والمرور الى الخطة "ب" عبر الدفع بالبلاد الى انتخابات سابقة لأوانها قد يستفيد منها حراك "13 اكتوبر" وهو المشروع السياسي المحتمل لسعيد وفقا ما تؤكده الكواليس... خليل الحناشي