بصوت خافت ومتعب ومرهق روت حنان ذات ال 27 سنة ل"الصباح" تفاصيل تعرّضها للاغتصاب عشية يوم الجمعة 20 مارس 2020. قالت مُحدثتنا "في حدود الساعة الرابعة ونصف بعد الظهر توجهت إلى محطة باب عليوة لأجلب حاسوب أرسلته صديقتي عن طريق سائق سيارة أجرة حتى أتمكن من تأمين عملي عن بعد". أضافت "في طريقي إلى المحطة خيرت أن أسلك شارع قرطاج بالعاصمة وهو الشارع الأكثر كثافة مرورية، لكنه لم يكن كذلك يومها، إذ لا وجود للمارّة بل كان خاليا تماما من الناس، فانتابني خوف شديد إلى أن لمحت شخصين فتاة وشاب فأسرعت تجاههما حتى أقترب منهما وأطمئن أكثر". تواصل "حنان" روايتها قائلة "لكن تفاجئت بالفتاة تسألني عن محلّ سكني ومن أي جهة أتيت ثم تهددني بخلع ملابسي والاعتداء عليا إن لم أسلمها ما بحوزتي، فسلمتها هاتفي لتلوذ بالفرار، ثم يتظاهر رفيقها بملاحقتها لتعيد إلي هاتفي". تقول حنان "إطمأن قلبي بعض الشيء لردة فعله، فعرض عليا أن أسلك طريقا مختصرا أكثر أمانا وكان الأمر كذلك لأجد نفسي في مكان كالخرابة حيث حاول جذبي بالقوة، وعند محاولة هروبي قفزت من النافذة، فسقطت على ظهري وانكسرت إحدى فقراته لأجد نفسي عاجزة عن المشي، وهنا استغلّ الرفصة ليغتصبني تحت أنظار نفس الفتاة ورجل آخر كانوا جمعيهم في حالة غير عادية". من براكاج إلى اغتصاب أضافت محدثتنا "عند الصباح سلمني هاتفي وطلب مني الاتصال بالشرطة وغادر المكان وهو ما حدث لأجد نفسي في المستشفى دون حركة ولا تدخل ولا مساعدة لإجراء عملية عاجلة". مثل حالة العنف هذه، من عملية براكاج إلى عملية اغتصاب، قد تُسجّل خلال هذه الفترة من الحجر الصحي العديد من حالات العنف والاعتداءات الأخرى التي قد تكون بالشارع كما في المنزل حيث قدد تتضاعف حالات العنف الأسري والعنف ضدّ النساء. رغم الوضع العام التي تعيشه تونس وسائر دول العالم بسبب انتشار فيروس الكورونا واضطرار جلّ العائلات التونسية ملازمة بيوتهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى، لم يفوت عدد من التونسيين الفرصة للتندر والهرج والمرج عبر صفحات الفايسبوك إلى استغلال الوضع "لتأديب الزوجات" على غرار "يا رجال المحاكم مسكرة اتنجموا تضربوا نساكم".. وإن كانت هذه المحاولات لا تُعد سوى محاولات للتندر و"الفدلكة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّها في حقيقة الأمر تفتح الباب على مصارعيه للتساؤل عن إمكانية ارتفاع حالات العنف المسلط على النساء، خاصة منه الجسدي، طيلة فترة الحجر الصحي الشامل وحظر التجوال وكيفية التدخل لفائدة ضحايا العنف وحمايتهن خلال هذه الظروف الاستثنائية. العنف ضدّ النساء في هذه السياق قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في تصريح ل"الصباح" إنّ "الجمعية خصّصت أربع أرقام هاتفية لأربع مراكز إنصات وهي تونس، سوسة، القيروان وصفاقس يتمّ من خلالها استقبال مكالمات النساء اللاتي تعرضنا للعنف باعتبار يتعذر خلال هذه الفترة الاستقبال والانصات إليهن مباشرة". وأضافت فراوس "حولنا عمل المراكز للعمل عن بعد عبر الهاتف وستتلقى المنسقات المكلمات والاستماع لللنساء ومن ثمة تقييم وضعيتهنّ وحاجياتهنّ ثم تحويلهنّ للاتصال ببقية المتدخلات من مختصات نفسية وغريهن، ثمّ تجتمع اللجنة المركزية مرّة في الأسبوع للنظر في الملفات". وبيّنت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أنّ "الادارات تعمل وهناك محاولات لنشر الوهم بكلّ شيء معطّل والحال أنّ كلّ الوحدات المتخصّصة لتلقي بشكايات النساء ضحايا العنف تعمل وفي حالة تأهب ويقظة مستمرة إلى جانب تواصل عمل وكلاء الجمهورية خلافا لما يتمّ ترويجه". وأضافت فراوس أنّ "المسألة الوحيدة التي قد يتأخر النظر فيها هي القضايا، لكن الاجراءات الحمائية بتدخل من الوحدات المتخصصة ووكيل الجمهورية مازلت من موجودة منها إبعاد المعتدي عن المنزل أو الضحية وأطفالها المرافقين لها وتوفير لهنّ مأوى أكثر أمنا". في ذات السياق أوضحت يسرى فراوس "تخوفنا هو من الرسالة السلبية التي تمّ توجيهها للنساء واعتبارهنّ خارج الأولويات الحالية، وهذا يستوجب تدخل من وزارة الداخلية أنّ الوزارة في حالة استنفار أيضا فيما يتعلق بمقاومة الجريمة والعنف".